كتب: وديع أبونصارقرر حزب "ميرتس" وحركة "شاحر" (التي يتزعمها عضو الكنيست الأسبق يوسي بيلين)، في اجتماعين منفصلين لمجلسيهما عقدا مطلع الاسبوع الجاري (الاحد 16/3) توحيد جهودهما ضمن إطار يساري جديد سيسمى على الأرجح: "الحزب الاشتراكي الديمقراطي". ويأتي هذا القرار بالرغم من معارضة البعض في ميرتس للتحالف مع حركة بيلين، مدعين بأنها حركة تمثل نفرًا قليلاً جدًا من الإسرائيليين وبأن هذا التحالف يجب أن يبحث فقط بعد بحث عميق لأسباب تراجع ميرتس في الانتخابات العامة الأخيرة للكنيست الإسرائيلي من عشرة إلى ستة مقاعد فقط.
تميزت الدبلوماسية الأمريكية في الشرق الأوسط، دائمًا وأبدًا، بـ "ضبابية بنيوية"، هدفها إرضاء كل الأطراف، والجَسْر على المصالح المتناقضة وتوفير حرية عمل أمريكية قدر الامكان. وتصريح الرئيس جورج بوش، أمس الأول، بصدد "إلتزامه الشخصي" بتطبيق خارطة الطرق لاتفاق إسرائيلي- فلسطيني، يتبع للنهج المحافظ في النظام الأمريكي. كلٌ بوسعه قراءته وتفسيره كما يحلو له.تفسير واحد ممكن لتصريح بوش، يرى فيه نقطة مفصلية في ضلوع النظام الحالي في حل الصراع الاسرائيلي- الفلسطيني. بعد شهرين من الزحف، والعقبات والتأجيلات، عرض الرئيس مسارًا واضحًا لاستكمال خارطة الطرق، ودعا الطرفين إلى تجديد المفاوضات بينهما وفصّل الخطوات في الطريق إلى دولة فلسطينية. ويجسد توقيت التصريح، عشية الحرب في العراق، العلاقة التي تربط بين الأزمتين في الشرق الأوسط، ويبشّر بالهدف القادم للولايات المتحدة، بعد الاطاحة بصدام حسين.
واحد من أسرار سحر شارون السياسي هو التأثير الكبير المنسوب له على رئيس الولايات المتحدة، جورج بوش. فشارون نجح في تسجيل بوش عضوًا في مركز "الليكود"، وامتطى صهوة صداقتهما صوب النجاح الجارف في الانتخابات. ومعًا، أبطل الاثنان كل خطة لحل سياسي، هددت بدفع إسرائيل نحو تنازلات وشكلت خطرًا على مجهودها لتركيع الفلسطينيين. واتضح هذا الأسبوع، أن "خارطة الطرق" أيضًا وُضعت على الرف، إلى ما بعد الحرب في العراق، ومن المرجح أنها قُبرت للأبد، مثلما قُبرت كل المبادرات السابقة التي خرجت من وزارة الخارجية الأمريكة وشركائها الأوروبيين.وبدا هذا التزاوج بين القدس وواشنطن متكاملا، إلى حين بدء المداولات المستمرة حول رزمة المساعدات الاسرائيلية، وأوضحت أن لهذه الصداقة المزدهرة حدودًا أيضًا. واتضح فجأةً، أن نظام بوش كريم على حساب الفلسطينيين، ومسرور بتزويد شارون بلفتات سياسية. فأصلاً، هو لا يريد أن يكون الوساطة في النزاع الأزلي حول تقسيم البلاد. ولكن عندما طلبت إسرائيل حصتها من حقيبة الأموال الأمريكية تبدّلت تصريحات المحبين بأسئلة صعبة، وشَغّل النظام الأمريكي طواحينه البيروقراطية، بغيار واطئ.
اكتوبر هو تاريخ الهدف. بعد اكتوبر، ستوظف الجهود والموارد في الداخل، في سنة الانتخابات، وتستطيع عملية السلام في الشرق الاوسط تحقيق تقدم، فقط اذا لم تكن مصدر ازعاج وتشويش. اما الان - اي، هذا الاسبوع - فقد سنحت للادارة الامريكية لحظة نادرة من الاتفاق في الطريق الى قمة العقبة. انه اتفاق على عقد قمة وعلى التفاصيل الضرورية لانجاحها - لكن ليس بالضرورة على السياسة التي ستتلوها في المدى البعيد.
الصفحة 51 من 56