قبل حوالي ثلاثة اشهر عقد وزير الدفاع، شاؤول موفاز، في مكتبه سلسلة اجتماعات للبحث في مسألة حساسة: كيف يمكن وقف تدفق الاموال التي تصل الى المناطق (الفلسطينية) من الخارج لتمويل نشاطات <<المنظمات الارهابية>>. وقد استمع موفاز الى استعراض من ممثلي الجهاز القضائي وقيادة <<مكافحة الارهاب>> وكبار المسؤولين في "الشاباك" و"الموساد" (رئيس الموساد، مئير دغان، قام بعمل مكثف بهذا الصدد حتى قبل اشغاله منصبه الحالي). لكن ما سمعه الوزير لم يترك لديه انطباعاً خاصاً. ما زال هناك الكثير مما يجب القيام به، قال في ختام المباحثات؛ لم ننجح في وقف التدفق، وهناك عشرات ملايين الدولارات ما زالت تصل الى الضفة والقطاع.
قدّم عمرام متسناع مساء الأحد الموافق 4/5/2003 استقالته من رئاسة حزب العمل الإسرائيلي، وذلك بعد مضي تسعة أشهر على انتخابه لهذا المنصب من قبل منتسبي الحزب. وجاءت الاستقالة بعد عدة أشهر من مخاض عسير فشل خلالها متسناع بقيادة حزبه إلى أي انجاز يذكر، وقد تمثل فشله الأكبر بعدم استطاعته توحيد الحزب خلفه، مما ساهم بصورة مباشرة بضرب الحزب انتخابيا في الانتخابات العامة الأخيرة التي جرت للكنيست في الثامن والعشرين من كانون ثاني/ يناير المنصرم. وفي الوقت الذي يتحدث فيه الكثيرون عن الدوافع التي حدت بمتسناع للاستقالة، إلا أن قلة قليلة تنبهت إلى بعض التطورات الأخيرة التي حدثت في الحزب والتي كانت بمثابة "القشة التي قصمت ظهر البعير" والتي حسمت الأمور لدى متسناع تجاه الاستقالة.فبالرغم من أن الكثيرين من قادة الحزب عملوا على تقويض زعامة متسناع بصورة مستمرة، دون الاكتراث بكونه زعيم الحزب المنتخب، وبالرغم من المطبات التي وقع فيها متسناع خلال الشهور التسع الأخيرة، إلا أن الأيام القليلة الماضية شهدت بعض التطورات التي أفقدته الرغبة في مواصلة قيادة حزب العمل.
سليم سلامة استقالة عمرام متسناع من رئاسة حزب "العمل"، (الأحد ـ 4/5) كانت من نوع "التوقعات" المؤكدة، الحتمية، ولم تحمل، في طيات أسبابها ومداليلها وأبعادها، اي مفاجأة جدية تذكر. الأمر المفاجىء الوحيد الذي يمكن الاشارة اليه في هذا السياق هو انها جاءت أسرع بكثير مما كان يتوقعه حتى ألد أصدقاء متسناع ورفاقه واشقائه، لا سيما في "العمل" وقيادته. ورغم ما يشتم من "تحاذق متأخر" في هذا الكلام، الا انه يبقى هو الحقيقة بعينها.
تحاول الولايات المتحدة في الايام المقبلة دفع التسوية المأمولة بين الفلسطينيين واسرائيل الى واجهة الاهتمامات الرسمية للبيت الابيض، مستفيدة من سقوط نظام صدام حسين في العراق. ويسعى الاميركيون من خلال جولة جديدة لوزير الخارجية كولن باول في المنطقة ينتظر ان تتم بداية ايار الى تحريك الملف الفلسطيني الاسرائيلي الذي كانت واشنطن وضعته على الرف لكي تنصرف الى حربها على العراق.ولم تعلن ادارة بوش رسمياً عن هذه الجولة لكن مسؤولين اميركيين اوضحوا ان باول سيزور اعتباراً من الخميس المقبل كلا من القاهرة والرياض وعمان ودمشق. اما توقف باول في اسرائيل والاراضي الفلسطينية فيتوقف كما اوضح المسؤولون انفسهم على منح الثقة لحكومة ابو مازن وهو امر متوقع الثلاثاء المقبل.
الصفحة 48 من 56