في أول تصريحات أدلى بها الرئيس الجديد لهيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، الجنرال إيال زامير، الذي من المُقرّر أن يتسلم مهمات منصبه في شهر آذار المقبل خلفاً لرئيس هيئة الأركان العامة الحالي المستقيل هرتسي هليفي، قال إن الحرب (التي تشنها إسرائيل وبدأت في غزة وانتقلت إلى جبهات أخرى) لم تضع أوزارها بعد، وإن العام 2025 سيكون عام حرب مليئاً بالقتال والتحديات العسكرية، كون الأزمة لم تنته حتى الآن، ولأن التحديات الأساسية ما زالت ماثلة أمام الجيش. وشدّد على أن الحرب على غزة أثبتت أنه ينبغي على إسرائيل الاعتماد على نفسها، وخصوصاً في كل ما هو متعلق بالذخيرة والتسليح. كذلك شدّد على أن الغاية المُثلى للجيش الإسرائيلي تحت قيادته هو أن يثبت لـ "أعداء إسرائيل أنهم يواجهون قبضة قوية". وفي تهديد جليّ استشهد زامير بنص من سفر المزامير في التناخ جاء فيه: "أَتْبَعُ أَعْدَائِي فَأُدْرِكُهُمْ، وَلاَ أَرْجعُ حَتَّى أُفْنِيَهُمْ".
تزايدت، في الأيام الأخيرة، التهديدات التي يطلقها قادة الكتل البرلمانية في الائتلاف الإسرائيلي الحاكم، مهددين بالانسحاب من الحكومة، وهذا بعد انسحاب كتلة "قوة يهودية" بزعامة إيتمار بن غفير من الائتلاف، على خلفية اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، إلا أن هذه التهديدات، خاصة من كتلتي الحريديم بسبب قانون التجنيد، وما يلاقيها من تهديدات معاكسة، أو انسحاب بن غفير، لا تؤخذ في الساحة السياسية الإسرائيلية على محمل الجد، بمعنى كأن هذه الحكومة باتت تقترب من خط النهاية، بالرغم من أن أي مفاجأة واردة، حتى وإن كانت مستبعدة حالياً.
منذ اليوم الأول للحرب على قطاع غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، اعتقدت إسرائيل أن هجومها العسكري الشامل سيمكنها من فرض أجندة "اليوم التالي" لقطاع غزة. وفي الخطاب السياسي الإسرائيلي، يتعلق "اليوم التالي" للحرب بمركبات أساسية هي: 1) من هي الجهة التي ستدير القطاع وشرعيتها دولياً ومحلياً؛ 2) مستقبل سلاح المقاومة والبنية العسكرية؛ 3) علاقة إسرائيل مع قطاع غزة تشمل إمكانيات فرض احتلال جديد أو العودة للاستيطان؛ 4) إعادة الإعمار وتمويله وشروطه، وهو ما سعت إسرائيل إلى تحويله إلى الملف الأقوى بيدها عبر تدمير غير مسبوق في نطاقه.
على الطريق الواصل بين مدينتي رام الله ونابلس، وتحديداً بعد مستوطنة شيلو، تستوقفك لافتة ضخمة كُتب عليها باللغة العربية: "لا مستقبل لكم في فلسطين"! هذه اللافتة ليست الوحيدة، بل تُنشر نسخ منها في أماكن متفرقة من الضفة الغربية، لا سيما على الطرق الرئيسة المحاذية للمستوطنات الإسرائيلية والتي يعبرها الفلسطينيون يومياً. هذه المشاهد الاستفزازية تثير تساؤلات حول هوية من يقف وراءها والدوافع الكامنة وراء نشر هذه الرسائل التحريضية.
الصفحة 1 من 870