كتب محمد دراغمة:
علم المهندس اسماعيل أبو شنب بقرار الحكومة الإسرائيلية استهداف حركتي حماس والجهاد الإسلامي بعمليات خاصة بينها اغتيال قيادات في الحركتين عقب عملية القدس، لكنه ركب سيارته أمس، وسار في شوارع الرمال، في ما يعكس اطمئناناً شخصياً إلى أنه ما زال خارج دائرة الاستهداف المعروفة تقليدياً عن إسرائيل.
بدأ ارئيل شارون هذا الاسبوع معركة الدفاع عن النفس وذلك في اطار سعية لتثبيت مقعده. وحتى اذا كان المقعد غير مهدد بخطر حقيقي، فان وسائل الاعلام (التي ينعتها شارون باسم "الكلاب"، وهو يحب الكلاب..) خلقت ومنذ الآن الانطباع بأن العد التنازلي في أوجِه. ولا شك في ان شارون، صاحب الحواس الحادة والتجربة الغنية، يدرك أن التوقعات المتتابعة حول النهاية المبكرة لولايته يمكن ان تتحقق.
كتب: محمد دراغمة
ربما كان، وربما لم يكن محض صدفة أن يخرج منفذا العمليتين التفجيريتين (الثلاثاء 12/8) في رأس العين وأرئيل من داخل ومحيط مخيم عسكر في نابلس، الذي شهد الجمعة الماضي عملية واسعة للقوات الإسرائيلية أسفرت عن مقتل أربعة مواطنين وهدم بناية وتشريد العشرات من ساكنيها، وهي العملية التي تعهدت غير منظمة ومجموعة عسكرية فلسطينية بالرد عليها.
مستقبل ارييل شارون السياسي يتأرجح اليوم بين نوعين من الهدوء: الهدوء الأمني الذي ساد إثر الهدنة وصمت نجله جلعاد في تحقيقات الشرطة تحت مظلة الصمت الجماهيري الذي يتبعه رئيس الوزراء وديوانه في قضية التحقيقات. وقف اطلاق النار الذي أعلنه الفلسطينيون مريح لشارون رغم تحذيرات "الشاباك" والجيش الاسرائيلي من تعاظم قوة التنظيمات الارهابية. الجمهور الاسرائيلي راض من الهدوء والاقتصاد ينهض من سباته ولا يوجد ضغط امريكي علي الحكومة حتي تتخذ قرارات صعبة. من المحتمل ان يكون شارون معنيا بتسوية سياسية، كما صرح، وانه مستعد حقا لتنازلات مؤلمة في مهد ميلاد الشعب اليهودي . ولكنه لم يجد حتي الآن شريكا فلسطينيا لمثل هذه التسوية وخطواته تهدف، مثلما حدث خلال العامين المنصرمين، الي كسب الوقت بالأساس والاحتفاظ بالحد الأقصي من حرية الحركة. ساعة الحسم بالنسبة له لم تحن بعد، جورج بوش ايضا يتصرف بحذر بعد اندفاعه في عملية التدخل الذي تمخض عن عقد قمة العقبة وقبول خريطة الطريق، يبدو انه يكتفي الآن بانجاز الهدنة الفوري ويحذر من اتخاذ خطوات قد تتعقد وتورطه معها. بوش لا يحلم بجائزة نوبل للسلام وهدفه كان شطب الصراع الاسرائيلي ـ الفلسطيني من قائمة المشاكل الضاغطة وصد الانتقادات التي توجه لادارته وتتهمها بالعجز في مواجهة سفك الدماء. لهذا السبب صرح بأن علي الفلسطينيين ان يكافحوا الارهاب قبل ان يحصلوا علي مطلبهم في المستوطنات وفي القضايا الصعبة الاخري وسارع الي التلميح بأن الجدول الزمني ليس مُلِحّاً.
الصفحة 44 من 56