يبدو من شبه المؤكد أن تستمر، خلال الأسبوع الحالي، المساعي المحمومة الرامية إلى المصادقة النهائية على "مشروع قانون القومية"، وهو مشروع قانون أساس، دستوريّ، يعرّف إسرائيل بأنها الدولة القومية للشعب اليهوديّ.
يتيح التحليل، الذي يقدمه دانيئيل بار طال، البروفسور في علم النفس السياسي، حول تكريس القيادة السياسية الإسرائيلية ومن قبلها الصهيونية لشعور انعدام الأمن والخوف الدائم لدى اليهود الإسرائيليين، بغية توظيفه من الناحيتين السياسية والاجتماعية وسواهما، فرصة للإطلالة على جانب من أدوات تشويه الوعي الإسرائيلي الجمعيّ.
يمكن القول منذ الآن إن أي قرار ستتخذه المحكمة الإسرائيلية العليا بشأن ما يعرف باسم "قانون التسوية"، الرامي إلى شرعنة البؤر الاستيطانية الإسرائيلية غير القانونية التي أقيمت على أراض فلسطينية خاصة في الضفة الغربية، والذي أقرّه الكنيست في شباط 2017، لن يُغيّر من الوجه الجديد الذي أصبح لهذه المحكمة، والتي سبق أن وصفناها بأنها أكثر يمينية ومحافظة.
يبدو في الظاهر كما لو أن الهدف الواقف وراء مُعظم الحراكات، التي تطغى على المشهد السياسي في إسرائيل في الآونة الأخيرة، هو الحفاظ على مجرّد البقاء السياسي لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة، في ظل شبهات الفساد التي تحوم حوله، حسبما ينعكس الأمر مثلاً في آخر مستجدات قضية طالبي اللجوء الأفارقة (والتي
على نحو جازم لا يقبل التأويل يستخلص أستاذ اللسانيات الإسرائيلي، البروفسور عيدان لاندو، أن "البربرية الإسرائيلية الحديثة"، حسبما تجسّدت مظاهرها في آخر الجرائم التي ارتكبها الاحتلال في أراضي 1967، هي البربرية الإسرائيلية القديمة ذاتها، لكن من دون خجل، نظراً إلى أن "مُستنقع الاحتلال يخلع شكلاً ويرتدي آخر. فهو هنا منذ سنوات طويلة، ونحن غارقون فيه إلى درجة أصبح من الصعب معها أن نرى التغييرات الحاصلة فيه"!.
يصعب التحرّر من انطباع عام مؤداه أن التطورات السريعة، التي تشهدها التحقيقات بشأن شبهات الفساد الحائمة حول رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، والتي أفردنا لها جلّ مساحة هذا العدد من "المشهد الإسرائيلي"، بدأت تشي بتضييق الخناق أكثر فأكثر حول عنقه، وتلوّح في الوقت عينه بإشارات قوية إلى بداية نهاية عهده السياسي. ولعلّ أبرزها الإشارة
الصفحة 39 من 48