"أقول وأكرر، منذ زمن طويل، إن التهديد الأكبر على دولة إسرائيل هو تهديد داخلي وليس تهديداً خارجياً. لذلك، فإن الانتصار المطلق الحقيقي يتمثل في بناء مجتمع مثالي يكون، أيضاً، مجتمعاً ذا خطاب عام مختلف... الاستقطاب في المجتمع الإسرائيلي آخذ في التعمق من جديد بعدما رأبت الحرب في قطاع غزة والحرب في لبنان الصدع بصورة مؤقتة. هذا الشرخ وسيرورة تعمّقه يشكلان التهديد المحلي الأكبر والأخطر على دولة إسرائيل، وهو أكبر وأخطر من أي تهديد خارجي".
تزايدت في الأيام الأخيرة التقارير الاقتصادية الإسرائيلية التي تؤكد ما يمكن وصفه بحالة انفلات في سوق الأغذية، وسط غياب رقابة حكومية حقيقية، على المواد الغذائية، إذ يؤكد تقرير صادر عن وزارة الاقتصاد، أنه في أشهر الحرب الـ 13 الأولى، ارتفعت أسعار المواد الغذائية من دون الخضروات والفواكه بنسبة عامة 5%، في حين أن نسبة التضخم في الفترة ذاتها كانت 3.7%، وهذا أحد مسببات زيادة أرباح الشركات المنتجة والمستوردة والمسوقة للمواد الغذائية، التي تواصل رفع الأسعار رغم تراجع أسعار المواد الخام للمنتوجات الغذائية في الأسواق العالمية منذ حوالي عامين، إلا أن هذا لم ينعكس على الأسعار في السوق الإسرائيلية، في ظل الحرب المستمرة.
تعتبر العلاقات الروسية- الإيرانية أحد الملفات التي تشغل اهتمام المجتمع الدولي، وبالأخص إسرائيل، التي تنظر إلى هذا التقارب بعين الحذر والقلق الكبيرين، خاصة مع التنامي السريع للتعاون العسكري- الأمني والاقتصادي، التنسيق الاستراتيجي في قضايا إقليمية مثل الأزمة السورية وبرامج التسلّح الصاروخي الهجومي والدفاعي لا سيّما بعد اندلاع الأزمة الأوكرانية. هذه التطورات تثير مخاوف إسرائيل بشكلٍ كبير، إذ أنها تعتبر هذا التقارب من شأنه تعزيز نفوذ إيران في المنطقة وهو ما تعتبره تهديداً مباشراً "لأمنها القومي"، في ظل مساعي إسرائيل لتغيير موازين القوى وميزان "الردع" مقابل إيران منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وخصوصاً مع دخول المواجهة بينهما في مسار جديد وغير مسبوق.
لم يكن ثمة ما هو طبيعيّ، بالتأكيد، أكثر من توقع ردود الفعل الإسرائيلية، السياسية والقضائية والإعلامية، الرسمية منها وغير الرسمية على حد سواء، والتي أجمعت على استخدام شعار "معاداة السامية" الجاهز لوصف ومهاجمة قرار "محكمة الجنايات الدولية" إصدار مذكّرتي اعتقال دوليتين بحق رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق، يوآف غالانت (من 29 كانون الأول 2022 حتى يوم 7 تشرين الثاني 2024)، بشبهة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة خلال حرب الإبادة الشاملة التي شنتها عليه ـ ولا تزال ـ تحت اسم "حرب السيوف الحديدية"، ابتداء من يوم 8 تشرين الأول 2023 حتى يومنا هذا، غداة الهجوم الذي شنته "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة حماس، على القواعد العسكرية والبلدات الإسرائيلية في منطقة ما يسمى "غلاف غزة" في جنوب إسرائيل، والملاصقة للحدود مع قطاع غزة.
خلال جلسة أخيرة عقدتها لجنة رقابة الدولة في الكنيست تم الكشف عن صورة وُصفت بـ"المقلقة حول أوضاع مؤسسة التأمين الوطني" في إسرائيل ومستقبل قدراتها على الوفاء بمستحقاتها، وعن أن المؤسسة "ستنهي سنتها المالية هذا العام بعجز مالي جدي". وجاء في بروتوكول الجلسة أن "مؤسسة التأمين الوطني تواجه أحد أكبر التحديات منذ تأسيسها، ويحق لمواطني دولة إسرائيل الحصول على إجابات واضحة وعلى حلول عملية".
بتاريخ 29 أيلول 2024، وقع يوآف غالانت، وكان في حينها وزير الدفاع الإسرائيلي، أمرا يقضي بالاعتقال الإداري مدةَ أربعة أشهر ضد مستوطنيْن مشتبه بتورطهما في اعتداءات ضد فلسطينيين في قرى الضفة الغربية. المشتبه بهما، يديديا شموئيل شتاين من مستوطنة براخا وموشيه نشوشتان من مستوطنة يتسهار، متهمان بالمشاركة في هجمات على قريتي جيت ويتما الغربية، ومثل هذه الهجمات غالبا ما تستهدف المجتمعات الفلسطينية. ولكن في 20 تشرين الثاني الحالي، ومع تولي يسرائيل كاتس وزارة الدفاع بعد إقالة غالانت، أعلن عن التوقف عن استخدام الاعتقال الإداري ضد إرهاب المستوطنين.
الصفحة 9 من 334