تُعَدّ العلاقات الصينية- الإسرائيلية من بين العلاقات الدولية التي شهدت تحوّلات ديناميكية خلال العقود الثلاثة الماضية، متأثرة بالتطورات الجيوسياسية في الشرق الأوسط والتنافس بين القوى العظمى. فعلى الرغم من حرص الصين على توطيد علاقاتها الاقتصادية والتكنولوجية مع إسرائيل، فإنها لا تزال تتبنّى نهجاً دبلوماسياً متوازناً، ما بين التمسك بموقفها كـ "صديقة للجميع" وبين التفاعل الحذر مع النزاعات وخاصة الحروب الإسرائيلية على الفلسطينيين.
سجّل مستوى رضى الجمهور الإسرائيلي عن أداء حكومته في مجال العلاقات الخارجية في العام الأخير، 2024، انخفاضاً أوصله إلى حدّه الأدنى منذ العام 2013، أي قبل 11 سنة، بواقع (3,84 نقاط) يعكس هبوطاً حاداً جداً مقارنة بالمستوى الأدنى الذي سبقه، في العام 2023 ـ 4,82 نقطة. كما حصل تراجع حاد، أيضاً، في مستوى تقييم الجمهور الإسرائيلي لوضع دولة إسرائيل ومكانتها في العالم، من 5,03 نقطة في أواخر العام قبل الماضي (2023) إلى 4,31 نقطة في أواخر العام الماضي (2024)، وهو المستوى الثاني من حيث تدنّيه خلال العقد الماضي كلّه، إذ اعتبر أكثر من 70 بالمائة من هذا الجمهور أن الوصف الأنسب لوضع دولة إسرائيل الدولي اليوم هو "غير جيد" أو "غير جيد بتاتاً"، بينما تبدي أغلبية من هذا الجمهور (57 بالمائة) قلقاً عميقاً من تحوّل دولة إسرائيل إلى "دولة منبوذة" حيال استمرار الحرب في قطاع غزة وجرّاء السياسات الحكومية الرسمية، وذلك في مقابل 43 بالمائة فقط الذين يُبدون قلقاً ضئيلاً أو لا يشعرون بأي قلق، على الإطلاق.
تزايدت، في الأيام الأخيرة، التهديدات التي يطلقها قادة الكتل البرلمانية في الائتلاف الإسرائيلي الحاكم، مهددين بالانسحاب من الحكومة، وهذا بعد انسحاب كتلة "قوة يهودية" بزعامة إيتمار بن غفير من الائتلاف، على خلفية اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، إلا أن هذه التهديدات، خاصة من كتلتي الحريديم بسبب قانون التجنيد، وما يلاقيها من تهديدات معاكسة، أو انسحاب بن غفير، لا تؤخذ في الساحة السياسية الإسرائيلية على محمل الجد، بمعنى كأن هذه الحكومة باتت تقترب من خط النهاية، بالرغم من أن أي مفاجأة واردة، حتى وإن كانت مستبعدة حالياً.
منذ اليوم الأول للحرب على قطاع غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، اعتقدت إسرائيل أن هجومها العسكري الشامل سيمكنها من فرض أجندة "اليوم التالي" لقطاع غزة. وفي الخطاب السياسي الإسرائيلي، يتعلق "اليوم التالي" للحرب بمركبات أساسية هي: 1) من هي الجهة التي ستدير القطاع وشرعيتها دولياً ومحلياً؛ 2) مستقبل سلاح المقاومة والبنية العسكرية؛ 3) علاقة إسرائيل مع قطاع غزة تشمل إمكانيات فرض احتلال جديد أو العودة للاستيطان؛ 4) إعادة الإعمار وتمويله وشروطه، وهو ما سعت إسرائيل إلى تحويله إلى الملف الأقوى بيدها عبر تدمير غير مسبوق في نطاقه.
على الطريق الواصل بين مدينتي رام الله ونابلس، وتحديداً بعد مستوطنة شيلو، تستوقفك لافتة ضخمة كُتب عليها باللغة العربية: "لا مستقبل لكم في فلسطين"! هذه اللافتة ليست الوحيدة، بل تُنشر نسخ منها في أماكن متفرقة من الضفة الغربية، لا سيما على الطرق الرئيسة المحاذية للمستوطنات الإسرائيلية والتي يعبرها الفلسطينيون يومياً. هذه المشاهد الاستفزازية تثير تساؤلات حول هوية من يقف وراءها والدوافع الكامنة وراء نشر هذه الرسائل التحريضية.
الصفحة 6 من 336