هذا هو القسم الثاني من استعراض تقرير العمل السنوي عن العام 2023، الذي أصدرته وزارة العمل الإسرائيلية، ويتناول تأثّر شرائح مختلفة في سوق العمل من تداعيات السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 والحرب الاحتلالية على قطاع غزة. وهو يقول في فصل أفرده لهذه المسألة بأنه حتى اندلاع الحرب، استمر الاتجاه التصاعدي في معدلات التشغيل الذي ميز السنوات القليلة الماضية منذ العام 2020 لدى معظم الفئات السكانية. فعشية الحرب، ارتفع معدل تشغيل الرجال العرب بنسبة 3.8% مقارنة بالعام 2022، ووصل إلى ذروته عند 77.9%. كما استمرت الزيادة في معدل تشغيل النساء العربيات، حيث وصلت إلى 44.8%، أي بزيادة قدرها 3% تقريباً مقارنة بالعام 2022.
لكن مع اندلاع الحرب، يتابع التقرير، انخفضت معدلات التشغيل بشكل كبير بسبب غياب عدد كبير من العمال عن أماكن عملهم. وكان الغياب لعدة أسباب: الالتحاق بالخدمة العسكرية من جنود الاحتياط؛ إغلاق المؤسسات التعليمية لفترة طويلة، مما اضطر الأهل إلى البقاء في المنزل مع أبنائهم؛ القيود الأمنية التي فرضتها قيادة الجبهة الداخلية؛ تقليل الطلب على العمال. ويشدد تقرير وزارة العمل: رغم أن الحرب طاولت جميع فئات السكان، إلا أن هناك اختلافات كبيرة في تأثيرها على المجموعات المختلفة، وذلك لاختلاف تأثير أسباب الغياب على كل فئة.
"لقد كان نتنياهو يُدير كابينيت الحرب بدكتاتورية، وهو لا يستمع إلّا للوزير ديرمر..."- هكذا علّق عضو كابينيت الحرب السابق غادي آيزنكوت عن "المعسكر الرسمي" على طريقة إدارة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لكابينيت الحرب في مقابلة أجراها مع إذاعة "ريشت بيت". تنضم هذه التصريحات لجملة طويلة من التصريحات الناقدة لسلوك نتنياهو في إدارة الحرب التي اتهمته بتعطيل الصفقة والسعي لإطالة أمد الحرب أطولَ فترة ممكنة. قد تبدو هذه التصريحات مشابهة لسابقاتها الناقدة لنتنياهو، لكنها في الحقيقة تُثير تساؤلات حول شخصية وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر الذي يبرز دوره في كثير من المحطات، حيث يعتمد عليه نتنياهو في الكثير من الأزمات من أهمها العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية. تُسلّط هذه المساهمة الضوء على شخصية ديرمر، وتحاول الوقوف على تاريخه السياسي وأهم الأدوار التي قام بها في إسرائيل، وذلك في إطار محاولة فهم النفوذ والدور الكبيرين اللذين يتمتّع بهما.
في أعقاب اغتيال إسرائيل مسؤولًا عسكريًا كبيرًا في حزب الله في الضاحية الجنوبية في بيروت، واغتيال زعيم حركة "حماس" إسماعيل هنية الذي تتنكر إسرائيل لمسؤوليتها عنه في طهران، رفعت إسرائيل حالة التأهب إلى أعلى الدرجات تحضيراً لرد عسكري إيراني محتمل، مما أدى إلى إعاقة حركة الطيران المدني في إسرائيل. وفي حين أعلنت شركة الطيران الإسرائيلية "إل- عال" أن جدول رحلاتها لم يتأثر بعد، فإن شركات طيران أساسية كانت قد ألغت رحلاتها القريبة إلى إسرائيل، وتشمل شركات دلتا (Delta Air Lines) ويونايتد إيرلاينز (United Airlines) ولوفتهانزا (Lufthansa) والخطوط الجوية النمساوية (Austrian Airlines) وخطوط بروكسل الجوية (Brussels Airlines) وطيران الهند (Air India)، وغيرها.
قالت تقارير اقتصادية إسرائيلية في الأيام الأخيرة "إن الانهيار في السياحة الوافدة إلى إسرائيل غير مسبوق بحجمه منذ قيام الدولة" العام 1948، بفعل الحرب على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وفي منطقة الشمال؛ ففي النصف الأول من العام الجاري 2024، بلغ عدد السياح الوافدين نصف مليون سائح، في مقابل مليوني سائح وافد خلال الفترة نفسها من العام الماضي 2023، وهذا ينعكس على قطاعات واسعة، تساهم بشكل مباشر وغير مباشر في قطاع السياحة، الذي يساهم بنسبة تتراوح ما بين 5% إلى 7% من حجم النمو الإجمالي للاقتصاد الإسرائيلي. وقال أحد التقارير إن 10% من الفنادق الإسرائيلية قد تضطر إلى إغلاق أبوابها كليا في العام المقبل 2025. ووصلت الأزمة إلى حد أن شركات تأمين عالمية، وخاصة أوروبية وأميركية، ترفض بيع بوليصات تأمين للمسافرين إلى إسرائيل.
تتوالى، منذ فترة، تقارير إسرائيلية مختلفة، بحثيّة وإحصائية، بدأت تكشف عن جوانب أخرى، غير العسكرية ـ السياسية ـ الاجتماعية ـ الاقتصادية، من النتائج والآثار التي نجمت عن يوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 والهجوم المباغت الذي شنته قوى المقاومة الفلسطينية على عمق الأراضي الإسرائيلية في منطقة ما يسمى "غلاف غزة"، بما فيها من منشآت وقواعد عسكرية وبلدات سكانية. وتركز هذه التقارير على الآثار والنتائج الصحية، الجسدية والنفسية، التي طاولت وتطاول المواطنين الإسرائيليين ـ ناهيك عن النتائج التي طاولت ولا تزال تطاول العسكريين في مختلف الأجهزة والتشكيلات الأمنية ـ ترتباً على الهجوم المذكور ونتائجه الميدانية وما تلاها من حرب إبادة تدميرية شنتها إسرائيل على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ولا تزال مستمرة حتى هذا اليوم.
أصدرت وزارة العمل الإسرائيلية تقرير العمل السنوي عن العام 2023، احتلّت معظم صفحاته كالمتوقع تأثيرات السابع من أكتوبر/ تشرين الأول والحرب الاحتلالية على قطاع غزة. وجاء في مقدمته: اتسمت الأرباع الثلاثة الأولى من العام 2023 بسوق عمل متماسكة. واستمراراً للاتجاه الذي ظهر في نهاية العام 2022، ففي الأرباع الثلاثة الأولى من العام 2023، دلّت مؤشرات مختلفة إلى تباطؤ متوقع في الاقتصاد من شأنه أن يؤثر أيضاً على سوق العمل، كما يلي: انخفاض مستمر في معدل الوظائف الشاغرة، خشية من التباطؤ العالمي وأخبار نشرت في وسائل الإعلام حول عمليات إقالة العمال التي بدأت في صناعة التكنولوجيا الفائقة (الهايتك). ومع ذلك، فلم ينعكس أي من الأمور المذكورة على معدلات التشغيل والبطالة، التي ظلت تشير إلى ارتفاع في الطلب على عمال. وبلغ متوسط معدل التشغيل في سن 15 فما فوق في الأرباع الثلاثة الأولى من العام 2023 مستوى قياسيا بلغ 61.6%. وبلغ معدل البطالة بتعريفه الأوسع (معدل البطالة الملاءَم، الذي يشمل من تم إخراجهم إلى إجازات غير مدفوعة الأجر) خلال تلك الفترة ما يعادل بالمتوسط 3.9%، وهو معدل منخفض بمقارنة تاريخية.
الصفحة 10 من 324