من الواضح، تماماً، أن القرار القضائي "الدراماتيكي" و"التاريخي"ـ حسبما وصفته أوساط سياسية وإعلامية مختلفةـ الذي اتخذته "محكمة العدل العليا " الإسرائيلية الأسبوع الماضي (يوم 25 حزيران الماضي)، لن يغلق الباب بصورة نهائية على مسألة تجنيد الشبان اليهود الحريديم وإلزامهم بتأدية الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي ولن يضع حداً نهائياً للخلافات والصراعات التي تثيرها هذه المسألة في المجتمع الإسرائيلي، اليهودي، على المستويات كافة: السياسي ـ الحزبي، الاجتماعي، الاقتصادي والقضائي.
في العام 2023 شهدت إسرائيل حدثين مهمين هما هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر والحرب على غزة، تركا أثراً عميقاً على إسرائيل ليس فقط على مستوى السياسة والأمن، بل أيضاً على المشهد الثقافي والأدبي. وتعكس الكتب التي نُشرت خلال هذا العام الحدثين بتفاصيلهما، وتسلط الضوء على تجارب الإسرائيليين في ظل الحرب.
وتزامناً مع أسبوع الكتاب السنوي في إسرائيل، نشرت المكتبة الوطنية الإسرائيلية تقريرها السنوي حول إصدار الكتب في إسرائيل للعام 2023. وأشار التقرير إلى انخفاض بنسبة تزيد عن 10% في الكتب المطبوعة، مقابل زيادة بنسبة 40% في نشر الكتب الرقمية[1].
وصل النقد الموجّه إلى سلوك، بالأحرى سياسة العنف ضد المتظاهرين والمحتجين الإسرائيليين اليهود، إلى ذرى جديدة حين انضم إلى الإدانة جهاز قضائي رسمي بارز، هو مكتب الدفاع العام الذي وصف الحاصل في المظاهرات والاعتصامات الإسرائيلية على خلفية الحرب بأنه "ظاهرة واسعة من عنف الشرطة"، الذي "يمسّ ويضرّ بالأجساد والنفوس ويدوس على الحقوق". وهي عبارات ومصطلحات كان يقتصر استخدامها على منظمات حقوق الإنسان والمواطن وحركات احتجاج غير صهيونية، كانت شاهدة على الاعتداءات البوليسية – المنهجية - على المواطنين العرب تحديداً طوال عقود من الزمن. ومن نافل القول إن الكثير من الأصوات المنتقِدة اليوم لم تُسمع أبداً من قبل في حالة الاعتداءات البوليسية على العرب.
"لوبي أرض إسرائيل" هو أكبر لوبي فاعل داخل الكنيست الإسرائيلي، ويضم حوالى 52 عضواً ووزيراً ورئيس لجنة في الكنيست، ويعمل على محاربة الفلسطينيين، وحسم الاستيطان في المنطقة المصنفة "ج"، وإنهاء العلاقة مع السلطة الفلسطينية. تستعرض هذه المقالة عمل "لوبي أرض إسرائيل" في الكنيست الحالي.
ما هو لوبي الكنيست (بالعبرية: "شدولا")؟
اللوبي في الكنيست مجموعة من الأعضاء الذين يسعون لحشد دعم أعضاء كنيست آخرين، وأصحاب المناصب في الحكومة، لصالح سياسة معينة أو معارضة سياسة أخرى. ينص النظام الداخلي للكنيست على أن عضو الكنيست الذي ليس وزيرًا أو نائب وزير يمكنه تأسيس لوبي ويكون عضوًا فيه، ويعمل اللوبي خلال فترة ولاية الكنيست التي أنشئ فيها. سكرتير الكنيست يجب أن ينشر قائمة اللوبي وأعضاءه على موقع الكنيست. واللوبي ليس جهة رسمية للكنيست، ولا تحصل على ميزانية منها، لكن يمكن لأعضاء اللوبي عقد اجتماعاتهم في مبنى الكنيست. داخل الكنيست هناك عشرات اللوبيات، التي تأسست للدفع قدماً بأجندات اجتماعية واقتصادية مثل اللوبي للعدالة الاجتماعية، ولوبي العقارات والبنى التحتية، ولوبي الحد من الاستهلاك، وغيرها. سياسياً، هناك لوبيات مثل "نساء ضد ضم الضفة الغربية"، و"لوبي السلام والأمن"، وغيرهما.
أظهر خروج بيني غانتس وحزبه من حكومة الطوارئ الإسرائيلية، يوم التاسع من حزيران الجاري، حالة التخبط السياسي في الشارع الإسرائيلي، من خلال نتائج استطلاعات أجمعت على تراجع، ولو طفيف، في قوة حزب غانتس، الذي اتخذ عدة أسماء له في السنوات القليلة الأخيرة، رغم أن الفرضية كانت تقول إن خروجه سيعزز مكانته في الشارع. لكن التخبط الأكبر هو لدى غانتس نفسه، الذي ليست واضحة حتى الآن وجهته السياسية، والتي على أساسها سيعود إلى الشارع معارضا للحكومة، التي كان شريكا فيها، في جانب إدارة الحرب. وقبل أيام تم الكشف عن ندوة مغلقة، عقدها غانتس قبل 15 شهرا من الآن، يؤكد فيها توجهاته اليمينية، واستعداده للاتجاه نحو التشدد. في المقابل، وعلى الرغم مما تواجهه حكومة بنيامين نتنياهو من عواصف في صفوف الائتلاف، على خلفية قضايا داخلية إسرائيلية، فإن الائتلاف ما زال متماسكاً، وكل مفاجأة واردة.
في 8/04/2024 كتبت المحاضرة في جامعة تل أبيب، عنات مطر، رثاءً للأسير الشهيد وليد دقّة على صفحتها في فيسبوك. وسرعان ما حُرّضت الجامعة كي تفصل المحاضِرة، ووصل التحريض من طلاب الجامعة وجامعات أخرى وأساتذة جامعيين، إلى درجة طلب "فحص الشرطة التحقيق مع المحاضِرة"، بالإضافة لمكتوب رسميّ من وزير التربية يوآف كيش، مفاده "توقّع" الوزير أن يستخدم رئيس جامعة تل أبيب جميع سلطاته وأشدّها فعاليّةً، وبأسرع وقت، ضد المحاضِرة. في الواقع، لم تقدم رئاسة الجامعة على فعل شيء، أو استخدام أي إجراء فعّال ضد البروفسور مطر، واكتفت باستنكار المنشور. وأكثر من ذلك، أرسل رئيس الجامعة مكتوباً إلى الوزير آنف الذكر، وأرسله أيضاً إلى طلاب جامعة تل أبيب، تحت عنوان "أوقف التحريض على جامعة تل أبيب". ومفاد المكتوب أن حريّة التعبير عن الرأي في إسرائيل تسمح للمواطنين بالإدلاء بآرائهم حتى لو كانت متعارضة مع رأي الوزير، بالإضافة للتأكيد على أن الأكاديميا الإسرائيلية تعيش في أسوأ أيّامها على المستوى الدولي، وأن المؤسسات الإسرائيلية تصطدم بالمقاطعة على ضوء الحرب في أماكن كثيرة في العالم، وبالتالي يجب الانشغال في مواجهة هذه المسألة، وليس التحريض على المؤسسات الأكاديميّة 'من داخل البيت'، أو الدفع بممارسات تضرها.
الصفحة 13 من 324