تنظر إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إلى هذه الحرب بوصفها "حربا وجودية" وتتصرف وفقاً لهذه النظرة؛ إذ ترى أنها تخوض المواجهة على سبع جبهات: جبهة الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة؛ الجبهة الشمالية مع حزب الله؛ المواجهة مع الحوثيين في اليمن؛ المواجهة مع فصائل المقاومة في العراق؛ التنظيمات الموالية لإيران في سورية والمواجهة المباشرة مع إيران التي وصلت ذروتها مؤخراً في الرد الإيراني على اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران.
في 28 آب 2024، أنشأ وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالنت منصباً جديداً يحمل اسم "رئيس وحدة الجهود الإنسانية- المدنية في قطاع غزة". رأى بعض المسؤولين الإسرائيليين أن هذا المنصب يشبه إقامة جسم مقابلٍ للإدارة المدنية لكنه يعمل في قطاع غزة، بينما قال ضباط آخرون أيضاً في الجيش الإسرائيلي إن إنشاء هكذا منصب لا يعبر عن حاجات تكتيكية، وإنما يشير إلى "مهمات" قد تمتد إلى سنوات في المستقبل.
تستعرض هذه المقالة هذا المنصب المستحدث، الذي يضع سكان غزة، وحاجاتهم الإنسانية من طعام، وعلاج، ورعاية، وإعادة إعمار، والعلاقة بين قطاع غزة والمجتمع الدولي، تحت إدارة الجيش الإسرائيلي، وهو ما يشير إلى بداية عودة الاحتلال المباشر لقطاع غزة.
في 28 أيلول 2024، فرضت إسرائيل حصارًا عسكريًا على لبنان، شمل البر والجو والبحر، وذلك عقب اغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، في خطوة تصعيدية جديدة ضمن سياق المواجهة المتزايدة بين الطرفين.
الحصار العسكري الذي تفرضه إسرائيل يحمل أبعادًا استراتيجية وأمنية تهدف إلى الضغط على حزب الله وإضعاف قدراته العسكرية، إلا أن تداعياته تتجاوز الحسابات العسكرية لتشمل الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في لبنان، فضلًا عن الآثار السياسية على مستوى الداخل اللبناني وعلى المستوى الإقليمي. في هذا المقال، نستعرض معنى الحصار العسكري وطبيعته، إضافة إلى أدواته العسكرية والسياسية، وكيف يمكن أن يؤثر على معادلة المواجهة في لبنان.
انعكس عام الحرب الإسرائيلية المستمرة على الشعب الفلسطيني، على نسبة التكاثر السكاني، التي سجلت أدنى نسبة على الإطلاق، بحسب ما نشره مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، في الأيام الأخيرة، بمناسبة رأس السنة العبرية الجديدة، وبلغت النسبة 1.2%، في مقابل معدل تراوح في السنوات العشر الأخيرة بين 1.8% إلى 2%. وبحسب ما نشر، فإن هذا يعود إلى ارتفاع كبير في أعداد مغادري البلاد إلى أمد طويل مع نية الهجرة. كذلك انعكست آثار الحرب على انهيار السياح الوافدين، إلى نحو مليون شخص، وهو أدنى من عامَيّ كورونا، وغالبية الوافدين هم من اليهود، إما لزيارات عائلية أو دينية، ما أفقد الاقتصاد الإسرائيلي مداخيل تعادل 5.2 مليار دولار.
ثمة تراجع حاد في تقدير الجمهور الإسرائيلي لوضع إسرائيل الدولي ومكانتها العالمية ـ من متوسط 5,03 نقاط في العام الماضي 2023، وهو التقييم الأدنى منذ العام 2014، إلى متوسط 4,31 نقاط في العام 2024، أي التقييم الأدنى خلال العقد الأخير. كذلك، يصف 70 بالمائة من الجمهور الإسرائيلي وضع دولة إسرائيل الدولي في الفترة الحالية بأنه يتراوح بين "سيء" و"غير جيد"، بينما تعبر أغلبية (57 بالمائة) عن قلقها وتخوفها من أن تتحول إسرائيل إلى "دولة برصاء" منبوذة في المجتمع الدولي في أعقاب استمرار حرب الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وحيال السياسة التي تصرّ الحكومة الإسرائيلية الحالية على اعتمادها. وفي مجال الأداء على صعيد السياسات والعلاقات الخارجية ووضع دولة إسرائيل الدبلوماسي منذ اندلاع حرب الإبادة ضد قطاع غزة حتى الآن، يمنح الجمهور الحكومة الإسرائيلية تقديراً متوسطه 3,84 نقاط ـ هو التقدير الأدنى منذ البدء بإجراء هذا الاستطلاع للمرة الأولى في العام 2013، ويشكل تراجعاً حاداً جداً عن التقدير المتدني نسبياً الذي حصلت عليه الحكومة في العام الماضي (4,82 نقاط).
في الثالث عشر من شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2023، قبل انقضاء أسبوع على السابع من الشهر، خرج عدد من منظمات حقوق الإنسان في إسرائيل بورقة موقف مشتركة من الحدث عبرت فيه عن صدمتها بالقول: "نحن، عضوات وأعضاء المنظّمات الموقّعة أدناه، عضوات وأعضاء مجتمع حقوق الإنسان في إسرائيل، نقف في هذه الأيّام الرهيبة مصدومين". وأضافت أن "الجرائم البشعة التي ارتكبتها حماس على مدار الأيام الماضية ضد المواطنين الأبرياء، وبضمنهم أطفال، ونساء، وشيوخ، تهزنا جميعا، ونحن جميعا نواجه صعوبة في الاستيقاظ من المشاهد التي رأيناها، والأصوات التي سمعناها. بعضنا كان في غلاف غزّة جسديا، ولكثير منّا عائلات، وأصدقاء، وشركاء، كانوا ولا يزالون في رعب، وجميعنا نعرف أشخاصا قتلوا، جرحوا، أو خطفوا هناك. سيستغرقنا وقت لإدراك معاني وآثار الهجمة الإجرامية التي نفذتها حماس، التي ليس لها أي مبرر".
الصفحة 5 من 324