تعتبر إسرائيل حتى الآن أنها في مأمن من تهديد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). ويركز الخطاب الإسرائيلي الرسمي على أنه لا فرق بين تنظيمات "داعش" و"جبهة النصرة" وتنظيم القاعدة، التي تجمع غالبية دول العالم على أنها تنظيمات إرهابية متطرفة، وبين حركة حماس وحزب الله اللذين ينظر إليهما على أنهما حركتا مقاومة، رغم تحفظ عدة دول عربية من هذه الصفة.
رغم ذلك فإن ظاهرة "داعش" تثير تخوفات في إسرائيل لكن باتجاه آخر. فبعد سنوات من محاولاتها إقناع العالم بأن إيران تشكل "التهديد الأكبر على السلام العالمي" والتحريض على ضربها بسبب برنامجها النووي الذي تقول إسرائيل إنه برنامج عسكري، وبعد إبرام الاتفاق الأولي بين دول 5 + 1 وإيران، وبدء المحادثات حول اتفاق نهائي بين الجانبين، تتردد أنباء الآن عن أن الولايات المتحدة وإيران قد تقفان في جانب واحد في الحرب ضد "داعش".
برزت منذ عملية "اختطاف" المستوطنين الإسرائيليين الثلاثة وقتلهم وفي أثناء الحرب العدوانية على قطاع غزة، في الشهور الثلاثة الماضية، مظاهر عديدة في إسرائيل رافقت هذه الفترة المتوترة. ورغم أن هذه المظاهر ليست جديدة، فإنها تصاعدت وتفاقمت خلال هذه الفترة.
وأحد أبرز هذه المظاهر تمثل بالعنصرية ضد العرب، التي وصلت إلى ذروة غير مسبوقة، وشملت التحريض والاعتداءات الجسدية وتقييد الحريات والتدخل في حياة الأفراد وشؤونهم الأكثر شخصية. وأحد الأمثلة على تفشي العنصرية كان العاصفة التي أثيرت حول زواج الشاب العربي محمود منصور من الشابة اليهودية مورال مالكا، من مدينة يافا.
أكد رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، وجود خلافات عميقة داخل المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) فيما يتعلق بإدارة الحرب العدوانية على قطاع غزة وأهدافها، بعد أن وجه انتقادات إلى وزراء في الكابينيت، وفي مقدمتهم وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، ووزير الاقتصاد، نفتالي بينيت.
وقال نتنياهو خلال مؤتمر صحافي عقده في ختام اجتماع الكابينيت يوم الأربعاء الماضي: "إنني أتوقع من الجميع أن يتحلّوا بالمسؤولية، وعدم إلقاء الكلام والشعارات الفارغة التي لا تصمد أمام اختبار الاعتبارات التي ينبغي أن نأخذها بالحسبان. فهناك اعتبارات عسكرية وسياسية واقتصادية وغير ذلك".
رأى باحثون في إسرائيل أن الحرب الإسرائيلية العدوانية الحالية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، التي تطلق عليها إسرائيل اسم "عملية الجرف الصامد"، تنطوي على أهمية خاصة، وتشكل مرحلة مهمة في تاريخ الصراع لا تصب بالضرورة في مصلحة إسرائيل.
وانطلاقا من هذه الرؤية، دعا هؤلاء الباحثون صناع القرار في إسرائيل إلى تفضيل التسوية مع الجانب الفلسطيني على تنفيذ خطوات أحادية الجانب، وأكدوا أنه على الرغم من أن تسوية كهذه لن تؤدي إلى المصالحة بين الشعبين إلا إن التوصل إلى تسوية كهذه من شأنه أن يعود بالنفع على الشعبين.
نفذ عشرات الفتية والشبان اليهود اعتداء وحشيا (لينش) على ثلاثة شبان فلسطينيين في القدس، مساء يوم الخميس الماضي. وقبل ذلك بوقت قليل ألقى مستوطن زجاجة حارقة على سيارة فلسطينية في منطقة بيت لحم. وأسفر الاعتداءان عن إصابة ركابها بجراح بين خطيرة ومتوسطة. ويظهر، بالاستناد إلى التقارير الصحافية الإسرائيلية، أن مصادر هذين الاعتداءين (واعتداءات أخرى لا حصر لها وفي مقدمتها ما يسمى باعتداءات "جباية الثمن") واحدة، وهي: الاحتلال، الاستيطان، العنصرية، تنامي النزعات اليمينية والدينية، الكراهية لكل ما هو عربي. وباختصار: هذه هي إسرائيل كما تنجلي صورتها في العقد الأخير.
حملت نتائج الانتخابات للكنيست الإسرائيلي الـ17 (جرت في 28 آذار/ مارس 2006) عدة دلالات سياسية واجتماعية وفكرية، تحيل أساسًا إلى التركيبة المتوقعة للحكومة الإسرائيلية المقبلة وإلى أجندتها العامة، بمقدار ما تحيل إلى مستقبل علاقة إسرائيل الخارجية مع الجانب الفلسطيني وخصوصًا ما هو متعلق بالعملية السياسية، فضلاً عن إحالاتها إلى التطورات الداخلية السياسية والاجتماعية والحزبية.
الصفحة 38 من 61