القرار بشأن تقديم الانتخابات يظل بيد نتنياهو
تدل تصريحات الوزراء ورؤساء الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي الإسرائيلي الحالي على تسارع الحراك باتجاه حل الكنيست والحكومة.
ورغم أن من الجائز ألا يحدث هذا الأمر في غضون الأسابيع القريبة المقبلة، إلا أن أنظار الحلبة السياسية في إسرائيل باتت تتجه نحو انتخابات قريبة، ويشير كثيرون إلى أن تقديم موعدها أصبح نتيجة حتمية للخلافات العميقة التي تهز أركان حكومة بنيامين نتنياهو.
*محللون بعد استشهاد شاب من كفر كنا: تدهور الوضع الأمني في القدس وتصاعد التوتر مع عرب 48 مرحلة بارزة في بداية تفكك حكومة نتنياهو*
التزمت جميع البلدات العربية داخل الخط الأخضر، أمس الأحد، بقرار الإضراب العام الذي أعلنت عنه لجنة المتابعة العليا للأقلية الفلسطينية، التي تنضوي تحتها كل الأحزاب والحركات والقوى السياسية الفاعلة بين الأقلية الفلسطينية، احتجاجا على قتل الشاب خير الدين حمدان (22 عاما) من قرية كفر كنا في الجليل برصاص أفراد شرطة إسرائيل، فجر السبت.
يسود لدى عدد كبير من المحللين السياسيين الإسرائيليين شبه إجماع على أن رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، يعتزم تقديم موعد الانتخابات، بل على أنه بدأ حملته الانتخابية، وأن هذه الحملة قد تكون أطول من المعتاد.
ويرى هؤلاء أن نتنياهو بدأ يغازل الناخبين اليمينيين من أجل الحصول على أصواتهم، ولذلك أخذ يصعد خطابه حول القدس والأمن في الأسبوعين الماضيين.
وفي الطريق إلى أصوات الناخبين اليمينيين، التي يشقها بواسطة الإعلان عن مخططات بناء جديدة في المستوطنات في القدس الشرقية والضفة الغربية، زاد نتنياهو من حدة التوتر بينه وبين الرئيس الأميركي، باراك أوباما. وإضافة إلى الإعلان عن مخططات البناء الاستيطاني الجديدة، لا يفوّت نتنياهو والمقربون منه، سواء كانوا وزراء أو أعضاء كنيست أو مستشارين، فرصة إلا ويهاجمون فيها الإدارة الأميركية على خلفية المحادثات مع إيران والإدعاء بأن الدول العظمى وفي مقدمتها الولايات المتحدة قدمت تنازلات كبيرة لإيران بحيث تسمح بتطوير برنامج نووي عسكري. ولذلك، برأي المحللين، استحق نتنياهو وصف أحد مستشاري أوباما بأنه "جبان تافه".
المفهوم الإسرائيلي الرسمي للتعامل مع الفلسطينيين هو مفهوم أمني، ولذلك فإن التعامل مع الهبة الحاصلة في القدس هو من منطلق أن "ما لا ينجح بالقوة، سينجح بقوة أكبر". وهذا يعني أن الإسرائيليين، بدءا من رئيس حكومتهم، بنيامين نتنياهو، ومرورا بقادة الأجهزة الأمنية وحتى آخر شرطي، يعتبرون أن الفلسطيني هو عدو، وهو ينتفض بسبب طبعه العنيف وحسب، ولذلك فإنه لا يفهم سوى لغة القوة.
والحقيقة هي أن هذا المفهوم سائد في إسرائيل منذ أن تأسست. منذ النكبة وحتى اليوم. وهو ما يوجه سياسة إسرائيل مع الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة وأراضي الـ48. وهذا المفهوم يوجه رسالة إسرائيلية واحدة وواضحة لجميع الفلسطينيين: إما أن تقبلوا بكل ما نفعله، أو ستُقمعون بالحديد والنار.
هذا ما تؤكده وقائع آخر أسبوع بدءاً من التحريض على الرئيس عباس والسلطة الفلسطينية إلى الاستيطان في سلوان واقتحامات المسجد الأقصى المبارك
تزايدت في الآونة الأخيرة اقتحامات المستوطنين واليهود المتطرفين للحرم القدسي الشريف، وباتت هذه الاقتحامات يومية، خاصة في ساعات الصباح، وفي الوقت نفسه يُمنع المسلمون من الدخول إلى الحرم والصلاة في المسجد الأقصى.
وأدى هذا النظام الذي فرضه الاحتلال الإسرائيلي إلى الاعتقاد، وبحق، أن إسرائيل تحاول تقسيم أوقات الصلاة زمنيا بين المسلمين واليهود، بعد أن قسمت الحرم الإبراهيمي مكانيا بين المسلمين واليهود.
توحي الحملة لتشجيع الإسرائيليين على الهجرة إلى العاصمة الألمانية، برلين، والتي تعصف بإسرائيل في الفترة الأخيرة، بأن الإسرائيليين انضموا إلى الشعوب التي تعيش، أو يعيش قسم منها، في فقر وضائقة اقتصادية وخوف من نزاعات مسلحة، ويهجر قسم من هذه الشعوب أوطانه سعيا وراء حياة أفضل وأكثر أماناً.
هذه الحال، على الأقل، هي حال أكثر من خمسين ألفا من المهاجرين وطالبي اللجوء الأفارقة، وغالبيتهم العظمى من السودان وإريتريا، الذين وصلوا إلى إسرائيل في الأعوام الأخيرة الماضية، رغم الفرق في التعامل مع المهاجرين الإسرائيليين في برلين وغيرها من مدن أوروبا وأميركا، حيث يحصلون على العمل الذي يناسبهم ويعيشون في رفاهية وسكينة بمستوى أعلى من إسرائيل، فيما إسرائيل تطارد الأفارقة وتسجنهم وتقطع عنهم سبل العيش وتنتهك حقهم الإنساني في اللجوء.
الصفحة 37 من 61