ضــــد الـمـــــوت
الياس خوري
مادا بعد الادانة؟
من الواجب - السهل ادانة العملية الانتحارية ضد مقر الأمم المتحدة في بغداد. فالعملية تحمل طابعاً عدمياً، عدا طبيعتها الاجرامية التي أودت بحياة الابرياء. انها دعوة الى تدمير احتمالات المستقبل العراقي، عبر اعادة بلاد الرافدين الى مربّع الموت الذي صنعه صدام حسين وجورج بوش. محاولة لاخراج الأمم المتحدة من العراق بالدم، لا هدف لها سوى تعرية العراق من كل أمل، وتحويل بغداد حاضنة للموت والفوضى وترك الشعب العراقي في الحرائق، عارياً ومكشوفاً تحت النار الاميركية، التي لا تملك الرؤية او الارادة من اجل المحافظة على وحدته. انها دعوة الى "طلبنة" العراق وتحطيمه.
عندما طرح الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش، قبل حوالي العام، "رؤيته" لحل للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي أساسه قيام دولتين متجاورتين ومتساويتين في الحقوق والواجبات يعيشان جنباً إلى جنب في سلام ووئام واحترام متبادل، تفاءل الكثيرون. وكان لتفاؤلهم هذا أسبابه العديدة:
باتت فكرة الدولة "ثنائية القومية" تحظى بحيّز أكبر، في المساجلات والتجاذبات السياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، في الآونة الأخيرة، وذلك على خلفية إخفاق عملية التسوية، بانهيار اتفاقات "أوسلو"، وتعثّر تنفيذ خطة "خريطة الطريق"، كنتيجة طبيعية لمحاولات إسرائيل تغييب الفلسطينيين وفرض املاءاتها السياسية عليهم، وممانعتها إقامة دولة فلسطينية مستقلة؛ برغم من أن هذا الأمر بات مفروغا منه في الوعي السياسي الإسرائيلي، بعد أن كان من المحرمات.
إذا تحولت الهدنة إلى اشارة حمراء للفلسطينيين واشارة خضراء للاسرائيليين، فإن التمسك بها يصبح ضلوعاً في «المسخرة» السياسية ضاربة الأطناب في العالم العربي، مع ذلك فالشواهد تدل على أن المسخرة مستمرة، لكن احداً لا يعرف بالضبط إلى أي مدى يمكن احتمالها. كما أن القدر المتيقن أن القبول بها لبعض الوقت لا يعني بأي حال امكانية استمرارها طول الوقت.
الصفحة 58 من 81