ليس من قبيل الصدفة أن يقوم شارون بالشيء ونقيضه، في الوقت ذاته، وذلك بعد ثلاثة أشهر من إعلان خطة "خريطة الطريق"، وبعد شهر واحد على إعلان الهدنة والتهدئة من جانب الفلسطينيين. فالأمر بالنسبة له ليس أكثر من مجرد لعبة علاقات عامة وتقطيع للوقت واستجابة صورية، لبعض متطلبات السياسة الأمريكية في المنطقة.
ما هي الدوافع التي حركت حكومة إسرائيل لإعلان قبولها بخارطة الطريق، والذهاب من ثم إلى اجتماع قمة العقبة مع الرئيس الأميركي جورج بوش؟
السائد علنا في الإعلام، أن آرييل شارون فعل ذلك استجابة لضغط الرئيس الأميركي، وهذا أمر لا شك فيه، ولكنه أمر ينطوي على مغالطة في الفهم.
في هذه الدنيا ما يضحك وما يبكي، فهناك في إسرائيل 30 لاجئا سياسيا عراقيا يعيشون في مستوطنة إسرائيلية بانتظار العودة إلى العراق بعد سقوط النظام. وها هو النظام قد سقط والعراق لم يعد هو نفس العراق السابق؛ رحل البعث وجاء العبث؛
ما حققه الشاعر محمود درويش والروائي اميل حبيبي والممثل محمد بكري هو طموح أدباء وفناني عرب اسرائيل جميعاً: ان يعرف القارئ أو المشاهد العربي أعمالهم ويتفاعل معها وأن يتواصل معهم المهتمون في أوروبا وأميركا فيروا من خلالهم معاناة سكان فلسطين الأصليين وحيويتهم.
لكن عرب اسرائيل لا يمكن أن يبرزوا جميعاً كأفراد وانما ككتلة تؤكد هوية مستمرة ومتطورة. ونقطة الانطلاق من معنى الهوية: هناك من يتمسك بالتعريف "عرب اسرائيل"، معتبراً ان الدولة العبرية تضم شعوباً متعددة (وافدة) ومن بينها العرب (الأصليون).
الصفحة 59 من 81