يرى العديد من المحللين الإسرائيليين أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، وبعد توقيع اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس في غزة، إنما زاد من تعقيد الأمور في إسرائيل أكثر مما هي معقدة. فمن جهة، برأي هؤلاء المحللين، أنقذ عباس حكومة بنيامين نتنياهو من السقوط. لكن من الجهة الأخرى، وبعد إعلان نتنياهو عن وقف المفاوضات في أعقاب المصالحة، فإن هذا الأخير صعد إلى شجرة يتعين عليه النزول عنها في الفترة القريبة المقبلة، وإلا فإنه سيواجه أزمة ائتلافية جديدة تهدد هي الأخرى بسقوط حكومته.
*كوهين هو رئيس "ييشيفاة فرات يوسف" في البلدة القديمة في القدس ويسكن في الحي اليهودي داخل الأسوار، وفي الوقت نفسه هو خصم لدود للصهيونية – الدينية*
بعد مرور ستة شهور على وفاة الحاخام عوفاديا يوسف، الزعيم الروحي لحركة شاس لليهود الحريديم السفاراديم (الشرقيين)، تم تعيين الحاخام شالوم كوهين، 83 عاما، خلفا له كرئيس لـ"مجلس حكماء التوراة" لحركة شاس.لكن كوهين ليس بقامة يوسف، وهو شخصية مجهولة خارج العالم الحريدي في إسرائيل. كما تعالت انتقادات بأن رئيس حزب شاس، أرييه درعي، هو الذي عيّن كوهين في المنصب الجديد، بينما ينفي درعي ذلك ويقول إن القيادة السياسية في الحركة لا تتدخل في شؤون القيادة الروحية.
أصبح اليمين الإسرائيلي مؤيداً للمفاوضات مع الفلسطينيين بعد أن امتنع عن إجراء أي مفاوضات خلال ولاية حكومته السابقة. ويبدو أن سبب تأييده للمفاوضات نابع من ضغوط أوروبية وأميركية، وخاصة أنها ليست ضغوطا تمارسها حكومات فقط وإنما على صعيد نقابات ومؤسسات أيضا، وذلك على شكل مقاطعة إسرائيل ومؤسساتها الاقتصادية والأكاديمية. والسبب الثاني هو أن إسرائيل وحكامها، من أحزاب اليمين، تتخوف من أن الأزمة الكبيرة الحاصلة في المفاوضات، والتي برزت بقوة بعد رفض إسرائيل إطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين القدامى وطلب الفلسطينيين الانضمام إلى 15 مؤسسة تابعة للأمم المتحدة، من شأنها أن تدفع الفلسطينيين إلى التوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية ضد جرائم إسرائيل كدولة احتلال.
عاد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إلى تصعيد لهجته ضد إيران، مؤخرا. ورغم أن نتنياهو لم يتوقف عن مهاجمة إيران في تصريحاته، إلا أنه رافق ذلك، في الأيام الأخيرة، دخول وزير الدفاع، موشيه يعلون، إلى خط التصريحات النارية الداعمة لسياسة نتنياهو بهذا الخصوص، حتى على حساب زيادة تأزم العلاقات مع الإدارة الأميركية بشكل عام، ومع الرئيس الأميركي باراك أوباما بشكل خاص.
والملفت أن تصعيد اللهجة الإسرائيلية الرسمية ضد إيران، في هذا التوقيت بالذات، هدفه صرف الأنظار عن مسار العملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين، التي دخلت في هذه الأثناء إلى مرحلة حرجة، بعد اللقاءين اللذين عقدهما أوباما مع نتنياهو والرئيس الفلسطيني، محمود عباس – أبو مازن، من أجل إقناعهما بمواصلة المفاوضات التي يبدو أنها وصلت إلى طريق مسدود، واقتراب موعد الإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين القدامى، في 29 آذار الجاري، الذين تعهدت إسرائيل بالإفراج عنهم عشية انطلاق المفاوضات بين الجانبين لمدة تسعة شهور ستنتهي بحلول 29 نيسان المقبل.
ليس واضحا تماما ما الذي يرمي إليه رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، عندما سرب مكتبه لوسائل إعلام أجنبية أنه يعتزم، في إطار اتفاق مع الفلسطينيين، إبقاء مستوطنات تحت سيادة الدولة الفلسطينية بعد قيامها في المستقبل، أو تصريحه بأن إخلاء مستوطنات هو أمر "مفروغ منه". لكن الأمر الواضح تماما هو أن حكومته تنفذ ميدانياً خطوات معاكسة لتصريحاته وتسريباته، فقد أظهرت معطيات رسمية، ولم تأتِ هذه المرّة من منظمات حقوقية يسارية، أن البناء في المستوطنات اتسع بشكل رهيب خلال الفترة القليلة الماضية.
مدخل
قال وزير المالية الإسرائيلي يائير لبيد في خطاب ألقاه أمام مؤتمر معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب بتاريخ 29/1/2014، معلقا على تعاظم حركة مقاطعة إسرائيل في العالم إن "عدم الشعور بتأثير المقاطعة حاليا سببه أنها عملية تدريجية.. لكن الوضع الحالي خطير جدا.. فنظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا لم يتنبه إلى بداية حملة المقاطعة التي تعرض لها".
وقد يكون لبيد هو المسؤول الإسرائيلي الوحيد الذي ربط - ولو من دون قصد- بين نظام الفصل العنصري البائد في جنوب إفريقيا، وما تواجهه إسرائيل من اتساع دائرة الشركات والمؤسسات والنقابات والشخصيات التي أعلنت انضمامها لحملة مقاطعة إسرائيل أو منتجات المستوطنات أو المؤسسات الإسرائيلية التي لها فروع أو أنشطة في المستوطنات في الأراضي المحتلة العام 1967.
الصفحة 41 من 61