تبث التقييمات الإسرائيلية، في نهاية العام الحالي، تفاؤلا حيال وضع إسرائيل الأمني في العام 2014 المقبل. وينبع هذا التفاؤل، كما هو حاصل في الأعوام الثلاثة الأخيرة، أي منذ بدء الانقلاب الكبير في العالم العربي، أو ما يسمى "الربيع العربي"، من أن العالم العربي منشغل في حروب وصراعات داخلية تُبعد شبح الحرب والتصعيد الأمني عن إسرائيل.
ويأتي ذلك أيضا في وقت غيّر فيه الجيش الإسرائيلي مفهومه العسكري، بعد أن بات في السنوات الأخيرة يستبعد أي احتمال لحرب تقليدية مع جيوش نظامية، وإنما الاحتمال القائم هو "عمليات عسكرية" أو مناوشات ضد منظمات مسلحة، مثل حزب الله وحركتي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين والفصائل الأخرى في قطاع غزة وتنظيمات الجهاد العالمي في شبه جزيرة سيناء وسورية.
وجه مسؤولون أمنيون إسرائيليون انتقادات إلى رد الفعل الإسرائيلي الرسمي، بما في ذلك رد فعل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، على الاتفاق بين الدول العظمى الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وألمانيا وبين إيران حول البرنامج النووي للأخيرة في جنيف، فجر الأحد الماضي. فقد اعتبر المسؤولون الإسرائيليون الرسميون أن الاتفاق "سيء" و"خطأ تاريخي"، على حد تعبير نتنياهو، إلا أن المسؤولين الأمنيين ومعهم رئيس الدولة، شمعون بيريس، أشاروا إلى أن الاتفاق ليس بهذه الدرجة من الخطورة على إسرائيل، بل ربما عكس ذلك.
يتعمد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في كل مرة يتطرق فيها إلى حل الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، التشديد على المطلب الإسرائيلي الجديد بأن يعترف الفلسطينيون بأن إسرائيل هي "الدولة القومية للشعب اليهودي"، ويطرح ذلك كشرط أساس لا يمكن من دونه التوصل إلى اتفاق دائم بين الجانبين.
ويدعي مؤيدو هذا المطلب أنه ليس مطلبا جديدا. وينطوي هذا الادعاء على محاولة لتشويه الحقائق التاريخية، إذ إنه منذ إنشاء إسرائيل، في العام 1948، وحتى قبل ذلك، كان يتحدث قادة الحركة الصهيونية وقادة إسرائيل عن أن هذه دولة يهودية. وعندما أعلن زعيم الحركة الصهيونية، دافيد بن غوريون، عن قيام إسرائيل، قال "إننا نعلن بهذا عن قيام دولة يهودية، هي إسرائيل".
أصدر "مجلس السلام والأمن" في إسرائيل، الذي يضم مجموعة واسعة من كبار الضباط والمسؤولين الأمنيين السابقين، تقريرا تناول فيه ادعاءات رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، حول حاجة إسرائيل الأمنية إلى مواصلة سيطرتها على غور الأردن وضم مناطق واسعة في غرب الضفة الغربية إلى إسرائيل بعد التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين.
ونفى "مجلس السلام والأمن" بشكل لا لبس فيه أن يكون بقاء السيطرة الإسرائيلية في الغور أو أية منطقة أخرى في الضفة الغربية سيساهم بأي حال من الأحوال في تعزيز أو تحسين أمن إسرائيل.
أجرى الجيش الإسرائيلي تدريبات مكثفة لا حصر لها، خلال الأعوام الماضية، على أثر استخلاص الدروس من حرب لبنان الثانية (صيف 2006)، بهدف تحسين أدائه ورفع جهوزية قواته لاحتمال نشوب حرب جديدة مع حزب الله وسورية، إلى جانب تدرب طيرانه على القتال وشن الغارات في مناطق بعيدة عن إسرائيل، تحسبا من دخول إيران في مواجهة كهذه.
وجرت هذه التدريبات، في غالب الأحيان، في منطقة هضبة الجولان، رغم أن قيادة الجبهة الداخلية أجرت عدة تدريبات في المدن الإسرائيلية الكبرى، استعدادا لاحتمال شن هجمات صاروخية عليها.
امتلأت الصحف الإسرائيلية، في الأيام القليلة الماضية، بالتحريض والعبارات العنصرية، قبيل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين الـ 26، بعد منتصف ليلة أمس الأربعاء – 30.10.2013. ولم تتردد هذه الصحف والمحللون فيها من استخدام أي ادعاءات أو مزاعم إلا وجندوها من أجل التحريض على الأسرى المحررين، وإلصاق أبشع الأوصاف بهم. وبدا بوضوح أن الكراهية التي بثتها الصحف والمواقع الالكترونية الأكثر رواجا، وقادت حملة شعبية عنصرية في إسرائيل، لم تكن موجهة ضد الأسرى فقط، وإنما ضد كل ما هو عربي وفلسطيني.
الصفحة 44 من 61