يبدو أن الهجرة من إسرائيل عادت لتحتل مركز أساسيا في دوائر النقاش والجدل داخل إسرائيل. وذكرت القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي أن الحديث حول هجرة اليهود من إسرائيل إلى الولايات المتحدة وأوروبا تزايد في الفترة الأخيرة، بما في ذلك على خلفية الحرب على قطاع غزة.
وعلى ضوء هذا النقاش، نشرت القناة الثانية استطلاعا للرأي، في بداية شهر أيلول الحالي، وبعد مرور عشرة أيام تقريبا على انتهاء العدوان على غزة، تبين منه أن 30% من الإسرائيليين لن يترددوا في التفكير بالهجرة من البلاد في حال سنحت لهم الظروف. بينما قال 56% فقط إنهم لن يهاجروا حتى لو سنحت لهم الفرصة.
قبل أيام معدودة من استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل بوساطة مصر في القاهرة، بعد غد الأربعاء، دوّت خمس صفارات إنذار في المستوطنات اليهودية القريبة من قطاع غزة، وأثارت مخاوف لدى سكان جنوب إسرائيل حول احتمال استئناف الحرب.
ورغم أنه تبين، كما أصدر الجيش الإسرائيلي بيانا حول ذلك، أن هذه كانت صفارات كاذبة وأنها انطلقت من دون إطلاق صواريخ من قطاع غزة، إلا أن هذا لم يمنع رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع، موشيه يعلون، من توجيه تهديدات جديدة إلى الفصائل الفلسطينية.
رغم مرور قرابة عشرين يوما منذ الإعلان عن وقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، وفي مقدمتها حركة حماس، إلا أن الأجواء في جنوب إسرائيل، خاصة في البلدات القريبة من الشريط الحدودي مع القطاع المسماة "غلاف غزة"، وكذلك في بلدة سديروت ومدينة أشكلون (عسقلان)، تسودها تخوفات من تجدد الحرب وانعدام الثقة بالحكومة الإسرائيلية.
تعتبر إسرائيل حتى الآن أنها في مأمن من تهديد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). ويركز الخطاب الإسرائيلي الرسمي على أنه لا فرق بين تنظيمات "داعش" و"جبهة النصرة" وتنظيم القاعدة، التي تجمع غالبية دول العالم على أنها تنظيمات إرهابية متطرفة، وبين حركة حماس وحزب الله اللذين ينظر إليهما على أنهما حركتا مقاومة، رغم تحفظ عدة دول عربية من هذه الصفة.
رغم ذلك فإن ظاهرة "داعش" تثير تخوفات في إسرائيل لكن باتجاه آخر. فبعد سنوات من محاولاتها إقناع العالم بأن إيران تشكل "التهديد الأكبر على السلام العالمي" والتحريض على ضربها بسبب برنامجها النووي الذي تقول إسرائيل إنه برنامج عسكري، وبعد إبرام الاتفاق الأولي بين دول 5 + 1 وإيران، وبدء المحادثات حول اتفاق نهائي بين الجانبين، تتردد أنباء الآن عن أن الولايات المتحدة وإيران قد تقفان في جانب واحد في الحرب ضد "داعش".
برزت منذ عملية "اختطاف" المستوطنين الإسرائيليين الثلاثة وقتلهم وفي أثناء الحرب العدوانية على قطاع غزة، في الشهور الثلاثة الماضية، مظاهر عديدة في إسرائيل رافقت هذه الفترة المتوترة. ورغم أن هذه المظاهر ليست جديدة، فإنها تصاعدت وتفاقمت خلال هذه الفترة.
وأحد أبرز هذه المظاهر تمثل بالعنصرية ضد العرب، التي وصلت إلى ذروة غير مسبوقة، وشملت التحريض والاعتداءات الجسدية وتقييد الحريات والتدخل في حياة الأفراد وشؤونهم الأكثر شخصية. وأحد الأمثلة على تفشي العنصرية كان العاصفة التي أثيرت حول زواج الشاب العربي محمود منصور من الشابة اليهودية مورال مالكا، من مدينة يافا.
أكد رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، وجود خلافات عميقة داخل المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) فيما يتعلق بإدارة الحرب العدوانية على قطاع غزة وأهدافها، بعد أن وجه انتقادات إلى وزراء في الكابينيت، وفي مقدمتهم وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، ووزير الاقتصاد، نفتالي بينيت.
وقال نتنياهو خلال مؤتمر صحافي عقده في ختام اجتماع الكابينيت يوم الأربعاء الماضي: "إنني أتوقع من الجميع أن يتحلّوا بالمسؤولية، وعدم إلقاء الكلام والشعارات الفارغة التي لا تصمد أمام اختبار الاعتبارات التي ينبغي أن نأخذها بالحسبان. فهناك اعتبارات عسكرية وسياسية واقتصادية وغير ذلك".
الصفحة 38 من 61