تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.
  • تقارير خاصة
  • 3430

مدخل
قال وزير المالية الإسرائيلي يائير لبيد في خطاب ألقاه أمام مؤتمر معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب بتاريخ 29/1/2014، معلقا على تعاظم حركة مقاطعة إسرائيل في العالم إن "عدم الشعور بتأثير المقاطعة حاليا سببه أنها عملية تدريجية.. لكن الوضع الحالي خطير جدا.. فنظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا لم يتنبه إلى بداية حملة المقاطعة التي تعرض لها".
وقد يكون لبيد هو المسؤول الإسرائيلي الوحيد الذي ربط - ولو من دون قصد- بين نظام الفصل العنصري البائد في جنوب إفريقيا، وما تواجهه إسرائيل من اتساع دائرة الشركات والمؤسسات والنقابات والشخصيات التي أعلنت انضمامها لحملة مقاطعة إسرائيل أو منتجات المستوطنات أو المؤسسات الإسرائيلية التي لها فروع أو أنشطة في المستوطنات في الأراضي المحتلة العام 1967.

*إسرائيل تحاول إخفاء قلقها من اتساع حملة مقاطعتها اقتصاديا وأكاديميا لكن الجدل الداخلي يكشف عن قلقها العميق من الوضع*

 

تأتي تصريحات لبيد ضمن العديد من التصريحات المشابهة التي أطلقها مسؤولون في إسرائيل وخارجها. فرئيس الدولة شمعون بيريس ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزيرة العدل تسيبي ليفني ومسؤولون في وزارة الخارجية ناقشوا موضوع المقاطعة، بل وصل الوضع إلى جدل وتبادل للاتهامات بين وزارة الخارجية الإسرائيلية التي اتهمت ليفني بالتحريض على مقاطعة إسرائيل، والأخيرة التي ردت بأن المصرين على مواصلة البناء الاستيطاني هم الذين يشجعون المقاطعة.

دوليا، أطلق عدة مسؤولين أبرزهم وزير الخارجية الأميركي جون كيري تحذيرات من أن فشل المفاوضات قد يؤدي إلى عزل إسرائيل الأمر الذي سيمس اقتصادها، وتصريحات كيري هذه لاقت انتقادات من قبل مسؤولين إسرائيليين بدءا بنتنياهو، فاتهموه باستغلال التهديدات بالمقاطعة من أجل انتزاع تنازلات إسرائيلية في مفاوضات السلام.

وكان مئة من رجال الأعمال الإسرائيليين طالبوا نتنياهو بالحفاظ على نمو   الاقتصاد الإسرائيلي واستقراره من خلال التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين في أسرع وقت ممكن.

ويمكن القول إن "حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل- BDS" التي انطلقت العام 2005، استطاعت أن توصل المقاطعة إلى مرحلة قريبة من الانفجار في وجه إسرائيل، واضطرت الأخيرة إلى إنهاء سياستها المتعمدة بتجنب الحديث عن BDS  على المستوى الإعلامي خوفا من لفت نظر العالم إليها من ناحية، ولمعرفة قادة إسرائيل أن المواجهة لن تكون في صالحهم من ناحية ثانية.

تنقل صحيفة معاريف عن مسؤولين في المستوى السياسي تفسيرهم لتجنب إسرائيل التطرق إلى حركة BDS بالقول إن المواجهة المباشرة مع BDS ستكون لصالح النشطاء المعادين لإسرائيل.

ولا يقل قلق إسرائيل من المقاطعة الاقتصادية، عن قلقها من المقاطعة الأكاديمية والثقافية التي تبناها مؤخرا عدد من الشخصيات والمؤسسات والنقابات الأكاديمية الأوروبية والأميركية ومشاهير في عالم الترفيه.

ماذا تعني المقاطعة؟

يعرّف معجم ميريام- ويبستر كلمة مقاطعة Boycott أنها: "رفض شراء أو مشاركة (شيء) كطريقة للتعبير عن الاحتجاج،: الامتناع عن استخدام بضائع أو، خدمات (شركة، دولة.. الخ) حتى يحدث تغيير".

ويضيف المعجم في تعريفه للمقاطعة: "الانخراط في رفض مشترك للتعامل مع (شخص، متجر، منظمة) عادة للتعبير عن الرفض أو لفرض قبول شروط معينة"([1]).

ورد ذكر إجراءات المقاطعة الاقتصادية في ميثاق الأمم المتحدة في المادة 41 ونصها: "لمجلس الأمن أن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته، وله أن يطلب إلى أعضاء "الأمم المتحدة" تطبيق هذه التدابير، ويجوز أن يكون من بينها "وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات وقفا جزئياً أو كليا وقطع العلاقات الدبلوماسية".([2])

وقد لجأت الأمم المتحدة إلى فرض جزاء [عقوبة] المقاطعة الاقتصادية في العديد من المنازعات، ففرضت هذا الجزاء ضد جنوب إفريقيا بسبب سياسة التمييز العنصري، وذلك بموجب قرار مجلس الأمن رقم 232 في كانون الأول 1966، ثم قرار مجلس الأمن رقم 253 في أيار من العام 1968. كما لجأ مجلس الأمن الدولي إلى فرض هذا الجزاء إثر الاجتياح العراقي للكويت العام 1990، وذلك بموجب قراره رقم 661 في آب 1990 والذي فرض مقاطعة اقتصادية شاملة على العراق.([3])

المقاطعة في التاريخ الحديث

تم اللجوء إلى المقاطعة الاقتصادية كوسيلة للاحتجاج على موقف ما أو للضغط لتحقيق مطالب معينة في التاريخ الحديث في عدة مناسبات، من أبرزها:

1-      في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي وخلال حركة تحرير إيرلندا من السيطرة الإنكليزية، امتنع حلف الفلاحين من التعامل مع وكيل أحد اللوردات الإنكليز من أصحاب الإقطاعيات الزراعية في إيرلندا.

2-      مقاطعة الشعب الصيني العام 1906 البضائع الأميركية احتجاجا على وضع السلطات الأميركية قيوداً ضد هجرة الصينيين إلى أميركا واستيطانهم فيها.

3-      دعوة الزعيم الهندي المهاتما غاندي شعبه لمقاطعة البضائع البريطانية عن طريق تعزيز إنتاج واستهلاك المنتجات الهندية كأسلوب احتجاجي سلمي ضد الاستعمار البريطاني، وعرفت الدعوة باسم "حركة سواديشي" واستمرت المقاطعة بين الأعوام 1906-1911.

4-       أصدر حزب الوفد المصري بعد اعتقال سعد زغلول  في العام 1921 قرارا بالمقاطعة الشاملة ضد الإنكليز، وشمل قرار المقاطعة حث المصريين على سحب ودائعهم من المصارف الإنكليزية، وحث التجار المصريين على أن يفرضوا على عملائهم في الخارج ألا يشحنوا بضائعهم على السفن الإنكليزية، كما أوجب القرار مقاطعة التجار الإنكليز بشكل تام.([4])

5-      مقاطعة ألمانيا النازية للمنشآت التجارية اليهودية في 1 نيسان 1933 حيث تم لصق كلمة "Jude"، وهي كلمة ألمانية تعني "يهودي"، على نوافذ العرض في المتاجر اليهودية، مع رسم نجمة داود باللونين الأصفر والأسود على الأبواب.([5])

6-      إعلان يهود الولايات المتحدة العام 1933 مقاطعة المنتجات الألمانية احتجاجا على السياسة النازية تجاه اليهود في ألمانيا.([6])

7-      الموقف الدولي من نظام الفصل العنصري "أبارتهايد" في جنوب إفريقيا، وفرض مقاطعة دولية شملت النواحي الاقتصادية والثقافية والرياضية، وبدأت إجراءات عزل نظام الأبارتهايد العام 1950. علما أن أبرز دولة حافظت على علاقاتها مع نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا هي إسرائيل خاصة فيما يتعلق بتصدير  إسرائيل السلاح له في ظل المقاطعة الاقتصادية الدولية المفروضة عليه.

8-      المقاطعة العربية لإسرائيل: تعود جذور المقاطعة العربية لإسرائيل إلى ما مارسه عرب فلسطين منذ أوائل القرن العشرين من مقاطعة شعبية ضد المنتجات الصهيونية، وذلك رداً على حركة الاستيطان الصهيوني وما صاحبها من إنشاء صناعات يهودية في فلسطين، وعقب قيام مجلس جامعة الدول العربية التي أولت أهمية كبرى لموضوع المقاطعة العربية للمنتجات الصهيونية في فلسطين، بإصدار قرار في 2/12/1945: "باعتبار أن المنتجات والمصنوعات اليهودية في فلسطين غير مرغوب فيها في البلاد العربية، وأن إباحة دخولها للبلاد العربية يؤدي إلى تحقيق الأغراض السياسية الصهيونية". ودعا مجلس الدول العربية الأعضاء في  الجامعة إلى اتخاذ الإجراءات التي تناسبها والتي تتفق مع أصول الإدارة والتشريع فيها لتحقيق غرض المقاطعة، وفي أيار 1951 أعلن مجلس الجامعة العربية تنظيم مقاطعة شاملة لإسرائيل، وأصدر القانون الموحد لمقاطعة إسرائيل بموجب قرار مجلس الجامعة العربية رقم 849 تاريخ 11/12/1954. وقسمت الدول العربية مقاطعتها ضد إسرائيل إلى ثلاث درجات: تتضمن الدرجة الأولى منع التعامل المباشر بين الدول العربية وإسرائيل، وتتضمن الدرجة الثانية منع التعامل مع إسرائيل سواء بصورة مباشرة أم عن طريق وسيط ثالث، وأخيراً تتضمن المقاطعة من الدرجة الثالثة فرض عقوبات على الشركات التي تتعامل مع إسرائيل ووضعها في قوائم سوداء يحظر تعاملها مع أي دولة عربية، علماً أن بعض الدول العربية كانت قد خففت نسبياً من مستوى تلك العقوبات بعد مؤتمر مدريد للسلام العام 1991. ([7])

9-      مقاطعة المنتجات الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة خلال الانتفاضة الأولى.

10-  حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل BDS، والتي انطلقت العام 2005، للضغط على إسرائيل للانصياع إلى القرارات الدولية فيما يتعلق بالحقوق الفلسطينية.

المقاطعة العربية (1945- توقيع أوسلو)  بعيون إسرائيلية

نشرت صحيفة معاريف تقريرا مطولا تناول فترة المقاطعة العربية (1945- توقيع أوسلو) وأبرز الشركات التي كانت تمتنع عن إقامة علاقات مع إسرائيل خوفا من مقاطعتها في الأسواق العربية.

 وتذكر معاريف:

"في سنيّ ذروة المقاطعة بين الأعوام 1957-1966 و1973-1979, امتنعت 8500 شركة أجنبية في كل أنحاء العالم عن التعاون بشكل مباشر مع شركات إسرائيلية، وحتى اليوم فإن شركات الطاقة الكبرى لا تعمل مع إسرائيل. شركة ميتسوبيشي جاءت إلى إسرائيل فقط في العام 1988، وبعدها جاءت تويوتا ونيسان وهوندا وتوشيبا، وهي التي كانت ترفض العمل في إسرائيل لسنوات طويلة. وبعد اتفاقية أوسلو في بداية التسعينيات دخلت إلى إسرائيل أيضا نستله وماكدونالدز وبيبسي.

كذلك لم يتم بيع سيارات كورية حتى العام 1994. ودخلت "دنونا" بشكل رسمي إلى إسرائيل فقط العام 1995، وفتحت كوكا كولا فروعا لها العام 1996، شركة "رينو" للسيارات استسلمت للمقاطعة ثم تراجعت عنها، وشركة "أميركان اكسبرس" أغلقت في العام 1956 مكتبها في تل أبيب حتى لا تعرض أعمالها مع العرب للخطر.

لم تبع شركة فيليبس الفرنسية منتجاتها بشكل مباشر في إسرائيل، بل عن طريق طرف ثالث. مصمم الأزياء "بيير كاردان" وشركة مستحضرات التجميل "لوريال" كانا أيضا من بين أولئك الذين انصاعوا للمقاطعة العربية.

ظهرت خلال سنوات المقاطعة الأربعين في الصحف وبشكل يومي تقريبا، أخبار عن شركات مختلفة قررت التعاون مع المقاطعة. جزء منها ادعى أن السوق الإسرائيلية صغيرة ولا تستحق الاستثمار فيها، ولكن وزير الخارجية الالماني جيرهارد شرويدر قال في مقابلة صحافية في كانون الثاني الماضي: "في العام 1964 ألمانيا لم تكن قادرة على وقف نشاطات المقاطعة العربية". لذلك انضمت شركات المانية كثيرة مثل "جرونديج" وغيرها للمقاطعة.

أدت المقاطعة العربية حسب تقديرات مختلفة، إلى الإضرار بالسوق الإسرائيلية بنحو 40 مليار دولار، نحو 20 مليار دولار منها في مجال التصدير، ونحو 16 مليار دولار نتيجة خسارة استثمارات أجنبية. تجرأت 20 شركة عالمية فقط من بين 200 على العمل مع إسرائيل، وجزء من الشركات مارست التجارة معها من خلال طرف ثالث.

باع اليابانيون الذين كانوا من أوائل المقاطعين، منتجات لإسرائيل فقط من خلال فروع في أوروبا".

كيف انتهت المقاطعة العربية لإسرائيل؟

عرضت معاريف في تقريرها الظروف السياسية التي أدت إلى انتهاء المقاطعة العربية لإسرائيل. ففي منتصف التسعينيات بعد حرب الخليج العام 1991، تم التوقيع على اتفاقية المبادئ بين إسرائيل والفلسطينيين، وتوقيع اتفاقية السلام مع الأردن العام 1994، وحينها بدأت المقاطعة العربية بالتداعي، وأعلن وزير الخارجية الأميركية آنذاك وورن كريستوفر في كانون الثاني 1994 أن "المقاطعة بدأت تتراجع وتتفكك"، في أعقاب إعلان تونس والمغرب وقف مقاطعة إسرائيل. وفي تشرين الأول 1994 أعلنت السعودية أيضا إلغاء مقاطعة الشركات الأجنبية التي تتعامل مع إسرائيل، وانضم إلى هذا الإعلان وزراء خارجية دول الخليج. وقال مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية أوري سافير آنذاك في شباط 1995 "المقاطعة العربية ماتت بشكل غير رسمي". وفي آب من العام ذاته ألغى البرلمان الأردني قانون مقاطعة إسرائيل، وفي كانون الثاني 1996 رفعت ماليزيا المقاطعة الاقتصادية.  

يتذكر د. إيهود كوفمان، الذي كان نائب مدير عام الشؤون الدولية في وزارة الخارجية، وكان مسؤولا عن مواجهة مقاطعة إسرائيل من قبل الدول العربية، بشكل جيد الترحيب بإسرائيل مع انهيار المقاطعة. يقول كوفمان "من الصعب وصف حجم تودد الشركات الأجنبية إلى إسرائيل بعد انتهاء المقاطعة.. زرت كوريا وهونغ كونغ وتايلندا والهند، كنت فقط نائب مدير عام الشؤون الدولية في وزارة الخارجية، لكنني استقبلت في كل مكان باحترام يليق بنواب الوزراء... لقد "اندلقوا" علينا بشكل لا يمكن وصفه، كنا محبوبي العالم".

شهر العسل لم يطُل

برزت مع انطلاق الانتفاضة الثانية (2000) دعوات إلى إحياء مقاطعة إسرائيل. ويعلق كوفمان: [في السنوات العشر الأخيرة تلاشى هذا الحب تدريجيا، فقد أعلنت دول خليجية عن تجديد المقاطعة، والأخطر من ذلك هو المقاطعة الأوروبية التي احتلت مكان المقاطعة العربية. في الشهر الماضي (كانون الأول) أعلنت شركة المياه الهولندية "فيتنس" أنها ستوقف تعاونها مع شركة "مكوروت"، وفي آب أعلنت شبكات تسويق هولندية أنها ستتوقف عن شراء منتجات إسرائيلية صنعت خارج الخط الأخضر. وفي أيلول أعلنت مصارف أوروبية أنها تدرس الامتناع عن تقديم قروض لشركات إسرائيلية تعمل في المناطق (الضفة الغربية)، وأعلن صندوق التقاعد الهولندي أنه يقاطع مصارف إسرائيلية، وفي العام الماضي أعلنت جنوب إفريقيا عن وضع إشارات على المنتجات التي صنعت خارج الخط الأخضر، كما أعلن صندوق التقاعد النرويجي عن امتناعه عن الاستثمار في شركات "أفريكا يسرائيل" و"دانيا سيبوس" و"إلبيت سيستمز"].

لبيد: الخسائر قد تتجاوز 31 مليار شيكل

قال وزير المالية الإسرائيلي يائير لبيد في خطابه أمام مؤتمر معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب بتاريخ 29/1/2014، معلقا على خطر المقاطعة الذي تواجهه إسرائيل: "ممنوع علينا أن نتقبل خيار المقاطعة بأيد مكتوفة، علينا أن نطلق حملة دعاية مضادة، ولكن يجب ألا نخدع أنفسنا، الإنصات إلينا في العالم يتراجع شيئا فشيئا".

وأشار لبيد إلى أن الإسرائيليين لا يدركون معنى المقاطعة وتأثيرها: "عندما تقول للإسرائيليين "مقاطعة أوروبية" هم يظنون أن "جبنة الكامببيرا لن تأتي في موعدها، وهذا ليس الوضع. أوروبا هي سوق التجارة الأساسية لنا، وإن لم يتم التوصل إلى تسوية سياسية ودخلنا في السيناريو المنطقي، -وهناك سيناريوهات أخطر منه-، فسيكون هناك ضرر بنسبة 20% فقط في قطاع التصدير للاتحاد الأوروبي، وستتوقف الاستثمارات المباشرة من الاتحاد الأوروبي –التصدير سيخسر في تقديرات 2013 بنحو 20 مليار شيكل في السنة، وفي مجال الصناعة ستكون الخسائر نحو 11 مليار شيكل، وسيخسر 9800 عامل في إسرائيل وظائفهم هذا العام بشكل فوري".

ويضيف "هناك صلة مباشرة بين الاقتصاد والأمن القومي. فوفقا للتقرير الخاص الذي أعدته وزارة المالية الإسرائيلية، فإنه في حال فشل المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، ستكون هناك مقاطعة جزئية أوروبية، وسيكون هناك ثمن اقتصادي فادح سيشعر به كل مواطن إسرائيلي. إسرائيل عرضة لتخفيض حجم صادراتها إلى أوروبا. وهناك 14 دولة في الاتحاد الأوروبي أعلنت استعدادها لوضع إشارات على منتجات المستوطنات، وإن كثيرا من النقابات والمنظمات الأخرى في أوروبا تعزز مبادرات المقاطعة المختلفة، فأوروبا تشهد ازديادا في نشاطات مقاطعة الاقتصاد الإسرائيلي".

وأوضح لبيد أن من النتائج المباشرة لمقاطعة إسرائيل في أوروبا، احتمالية أن يخسر 9800 عامل في إسرائيل وظائفهم هذا العام، أسعار جميع السلع ستزداد، وستتأثر ميزانية الحكومة بشكل كبير.

واعتبر لبيد أن عدم الشعور بتأثير المقاطعة حاليا سببه أنها عملية تدريجية . لكنه أكد أن الوضع الحالي خطير جدا. وذكّر لبيد بتجربة نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا الذي لم يتنبه إلى بداية حملة المقاطعة التي تعرض لها (والتي أجبرته في النهاية على التخلي عن سياسته العنصرية وبالتالي انهيار النظام كله في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي).

لبيد أكد أيضاً أن إسرائيل في سياق موضوع المقاطعة موجودة أمام نقطة تحول، وعليها العمل بسرعة. وأن القرارات التي يجب أن تتخذها في الأشهر المقبلة ستحدد طبيعة مستقبل الأجيال القادمة.

وأكد لبيد أن إسرائيل اليوم أكثر عرضة للمخاطر الاقتصادية من المخاطر الأمنية.

وكان لبيد هاجم في مقابلة مع صحيفة يديعوت أحرونوت بتاريخ 10/1/2014 إعلان الحكومة الإسرائيلية قرارات بناء وحدات استيطانية جديدة قائلا "إن مقاطعة إسرائيل ستسبب الضرر لدخل كل إسرائيلي، والأضرار صارت ملموسة، فقد  انخفض بيع الفلفل والعنب من غور الأردن إلى غرب أوروبا بـ50% والضرر هائل".

بيريس: المقاطعة الاقتصادية أخطر من التهديدات الأمنية

ونقل موقع "القناة السابعة" عن الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريس بتاريخ 5/1/2014 قوله أمام مؤتمر سفراء ورؤساء ممثليات إسرائيل في العالم "إن المقاطعة الاقتصادية أخطر على إسرائيل من التهديدات الأمنية". وأضاف بيريس: "إسرائيل أمام فرصة للحصول على مكانة خاصة عند الاتحاد الأوروبي، وكذلك فإن جامعة الدول العربية تدرك أن إسرائيل لم تعد هي العدو، لكن لا تخطئوا –المقاطعة الاقتصادية أشد خطرا على إسرائيل من التهديد الأمني".

وقال بيريس في مقابلة مع صحيفة "غلوبس" الاقتصادية بتاريخ 31/1/2014: "المقاطعة لا يجب أن تكون قادمة من الأعلى، أي أن تكون مقاطعة تقوم بها دول، نحن ثمانية ملايين شخص في إسرائيل، ونحن نعتاش من التصدير، ويكفي أن تشيح شركة بوجهها عنا مثل شركة المياه الهولندية التي أوقفت تعاونها مع "مكوروت" دون علم الحكومة الهولندية. الأضرار اليوم أكثر تأثيرا من الخطر الحربي، اليوم ليس من الضروري سفك الدماء، فالعقوبات الاقتصادية لها تأثير، إضافة إلى ذلك، في الشأن الامني نحن قادرون على طلب المساعدة من الولايات المتحدة، ولكن في الشأن الاقتصادي لن تستطيع مساعدتنا".

الخارجية الإسرائيلية: ليفني تحرّض على مقاطعة إسرائيل

حاولت وزارة الخارجية الإسرائيلية التقليل من آثار المقاطعة الاقتصادية، وقال المتحدث باسمها يغئال بالمور  "هذه عبارة عن ضوضاء مزعجة لا أكثر"، وادعى أن التأثير الاقتصادي للمقاطعة تافه.

لكن مسؤولين في وزارة الخارجية نفسها هاجموا وزيرة العدل الإسرائيلية تسيبي ليفني قائلين إن تصريحات أطلقتها ليفني تحرض على مقاطعة إسرائيل.

وتنقل معاريف بتاريخ 23/1/2014 عن هؤلاء المسؤولين قولهم: "إن الحديث عن المقاطعة والعقوبات كان ولا يزال محصورا في مجموعات هامشية ولا يتجه إلى أن يكون تيارا عاما.. ولكن هذا لا يعني أنه ليست هناك مشكلة، توجد مشكلة لكنها محدودة في مجموعات صغيرة لا تتعدى خمسين أو ستين شخصا... هم أثاروا ضوضاء ولكن من دون تأثير حقيقي".

ويضيف المسؤولون في الخارجية الإسرائيلية: "إن تصريحات ليفني التي تقول فيها إن إسرائيل ستواجه مقاطعات وعقوبات إن لم يحدث تقدم في المفاوضات السياسية، تصل إلى تلك المجموعات الهامشية.. هذه الأقوال نابعة من أجندة سياسية هدفها تخويف الجمهور [الإسرائيلي]، لكن هذا يخدم الأعداء السياسيين الذين يتحدثون إلى جمهورهم، لكنهم بذلك يقوّون أولئك الذين يسعون لمقاطعة إسرائيل، وعندما تقول ليفني "انظروا إلى المأساة التي ستقع، العالم يقاطعنا"، فإنها تقوّي الذي يسعون إلى فرض مقاطعة على إسرائيل. وهذه التصريحات تلقى اهتماما في وسائل الإعلام الإسرائيلية والدولية وهذا يأتي بالسوء".

وتواصل معاريف "فسر مسؤولون في المستوى السياسي ذلك بالقول إن إسرائيل تجنبت ولعدة سنوات وعن قصد ذكر حركة  BDS. هذه السياسة تم تبنيها بعد أن توصل مسؤولون متخصصون في وزارة الخارجية وفي "الهسبراه" (الدعاية الخارجية) وفي مجلس الأمن القومي إلى أن المواجهة المباشرة مع BDS ستكون لصالح النشطاء المعادين لإسرائيل".

ليفني: المصرون على البناء في المستوطنات هم من يشجعون المقاطعة

لكن مكتب ليفني رد فورا على انتقادات وزارة الخارجية: "سياسات النعامة [دس الرأس في الرمل] التي ينتهجها مسؤولون لا يذكرون أسماءهم تهدف إلى خدمة أولئك الذين لا يريدون تسوية سياسية. من حق مواطني إسرائيل أن يكف هؤلاء عن الكذب عليهم، وأن نقول الحقيقة: بدون تسوية سياسية هناك خطر  على اقتصاد إسرائيل. وعلى القيادة أن تتكيف مع هذا الواقع، وأن لا تخفيه وتكتشف يوما ما أن الوقت متأخر جدا".

وقالت ليفني في جلسة الحكومة الإسرائيلية بتاريخ 26/1/2014 ردا على الاتهامات أعلاه، إن من يشجع مقاطعة إسرائيل دوليا هم أولئك المصرون على البناء في المستوطنات. ونقلت يديعوت أحرونوت عن ليفني قولها: "فلنقل الحقيقة، من يصرون على البناء وعلى تشجيع الاستقرار في مستوطنات معزولة هم الذين يشجعون المقاطعة الدولية ضد إسرائيل".

كيري يحذر... الاتحاد الأوروبي يصدر توجيهات...  ألمانيا تنفذ

وحذر وزير الخارجية الأميركي جون كيري إسرائيل، في مؤتمر الأمن الذي عقد في ميونخ بألمانيا بتاريخ 1/2/2014، من فشل المفاوضات بينها وبين الفلسطينيين، قائلا: هناك حملة تزداد اتساعا لنزع الشرعية عن إسرائيل، والناس يتحدثون عن المقاطعة، وهذا سيتكثف في حالة الفشل.

وكان كيري قال في كلمته أمام منتدى دافوس في سويسرا بتاريخ 24/1/2014 إن "فشل المفاوضات مع الفلسطينيين سيؤدي إلى زيادة عزلة إسرائيل عالميا، وبالتالي الإضرار باقتصادها، هذا الاقتصاد المزدهر، في ظل الوضع الأمني المتدهور والعزلة المتعاظمة سيتعرض للخطر".

لكن موقف كيري لقي هجوما من قبل مسؤولين إسرائيليين، فنتنياهو لمح إلى تصريحات كيري في افتتاح الجلسة الاسبوعية لحكومته قائلا إن "المحاولات لفرض مقاطعات على دولة إسرائيل ليست أخلاقية وليست مبررة وإضافة الى ذلك فإنها لن تحقق أهدافها".

وبحسب نتنياهو فإن هذه المحاولات "أولا، تعزز التعنت الفلسطيني وتبعد من خلال ذلك السلام".

وأضاف "ثانيا، مهما كانت الضغوطات، لن أساوم على المصالح الحيوية لدولة إسرائيل وعلى رأسها أمن المواطنين الإسرائيليين".

وأثارت هذه التصريحات غضب اليمين الإسرائيلي أيضا، فقال وزير الشؤون الاستراتيجية يوفال شتاينيتس إن تصريحات كيري "مهينة وغير عادلة ولا يمكن احتمالها". وأضاف "لا يمكن إجبار دولة إسرائيل على التفاوض ومسدس مصوب إلى رأسها بينما نناقش مصالحنا الأمنية القومية الأكثر أهمية".

كذلك هاجم وزير الاقتصاد نفتالي بينيت زعيم حزب البيت اليهودي اليميني القومي المتطرف المؤيد للاستيطان وزير الخارجية الأميركي معتبرا أن إسرائيل "تنتظر من أصدقائها الوقوف بجانبها ضد المحاولات المعادية للسامية لمقاطعتها وليس تضخيمها".

جاءت تصريحات كيري التي أغضبت إسرائيل بعد تصريحات لسفير الاتحاد الأوروبي لدى تل أبيب لارس فابورغ- أندرسن قال فيها إن "إسرائيل ستتعرض للعزلة بسبب المزاج العام [لدى المواطنين الأوروبيين]، وذكرت صحيفة معاريف بتاريخ 23/1/2014 أن السفير فابورغ- أندرسن أكد في لقاء مع وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان ونائبه زئيف إلكين أن المستوطنات ليست قانونية حسب القانون الدولي، وهي تعتبر عقبة سياسية أمام تحقيق تقدم في عملية السلام، وأضاف "هذا هو السبب.. عدم شرعيتها، وبسبب ذلك الاتحاد يدين البناء في المستوطنات".

وقال فابورغ- أندرسن: "أوضحنا أن هناك ثمنا إذا فشلت المفاوضات. إذا واصلت إسرائيل البناء في المستوطنات وإذا انتهت المفاوضات دون نتيجة.. فأنا أخشى أن يستجدّ وضع تجد إسرائيل فيه نفسها معزولة في أوروبا، وليس بسبب قرار الحكومات، ولكن بسبب المزاج العام عند الجمهور ومن طرف هيئات اقتصادية خاصة".

وأضاف سفير الاتحاد الأوروبي: "إن قضية وضع علامة على منتجات المستوطنات تكتسب دائما زخما عندما يتم الإعلان عن بناء مستوطنات.. وفعلا هناك خطر على مستقبل علاقات الاتحاد الأوروبي مع إسرائيل، إذا ما فشلت المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين".

وكان الاتحاد الأوروبي أصدر مذكرة بتاريخ 19/7/2013 تتضمن مبادئ توجيهية تحدد شروط دعم الاتحاد الأوروبي للمؤسسات الإسرائيلية أو لأنشطتها في الأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ حزيران 1967. وأشار الاتحاد الأوروبي إلى أن الهدف من هذه المذكرة هو "ضمان احترامها لبنود القانون الدولي المتعلقة بعدم اعتراف الاتحاد بسيادة إسرائيل على الأراضي التي تحتلها منذ حزيران 1967 وهي مرتفعات الجولان وقطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية". وتتضمن التوجيهات أيضا أن المنح التي يقدمها الاتحاد الأوروبي ستمنح فقط للكيانات الإسرائيلية التي أنشئت في حدود ما قبل العام 1967. وأكدت أن المفوضية الأوروبية سوف تسعى الى نقل مضمون هذه المبادئ التوجيهية إلى نصوص الاتفاقيات الدولية أو البروتوكولات أو مذكرات التفاهم المبرمة مع شركاء إسرائيل أو مع أطراف أخرى.

وكانت أولى الدول الأوروبية التي سارعت إلى تنفيذ مذكرة الاتحاد الأوروبي ألمانيا، ما شكّل صدمة في الوسط السياسي الإسرائيلي باعتبار ألمانيا من أكثر الدول الأوروبية التزاما تجاه إسرائيل.

ونشرت هآرتس بتاريخ 23/1/2014 خبرا يشير إلى أن برلين اشترطت أن تتضمّن أي اتفاقية للتعاون العلمي أو لتقديم دعم مالي لمؤسسات البحث العلمي ولشركات قطاع المعلومات عالية التقنية- "هايتك"- الإسرائيلية، بندا يمنع الشركات أو المؤسسات المتواجدة في مستوطنات الضفة الغربية والقدس من الحصول على هبات أو أي دعم آخر من الحكومة الألمانية.

وبحسب هآرتس، فإن هذه الخطوة تقلق إسرائيل بشكل كبير لكونها تأتي من أكبر صديقة لها في أوروبا ولديها تأثير واسع على باقي الدول الأوروبية، وتخشى أن تمتد موجة المقاطعة إلى باقي دول الاتحاد الأوروبي.

ونقلت  الصحيفة عن مصادر في الحكومة أن إسرائيل تجري محادثات مع ألمانيا لإقناعها  بتغيير قرارها المتعلق بالمقاطعة، والتخلي عن البند المذكور،  مشيرة إلى أن ألمانيا أبلغت إسرائيل حينما أعلنت اعترافها الرسمي  بكلية مستوطنة "أريئيل" كجامعة،  أن الحكومة تتعرض لضغط شديد من مؤسسات أكاديمية ألمانية لمقاطعة المؤسسات العلمية ومراكز البحث العلمي في المستوطنات. وبحسب الصحيفة،  فإن  قرار ألمانيا الأخير  يهدف إلى  طمأنة الباحثين والعلماء ومراكز البحث العلمي الألمانية  بأن جامعة أريئيل لن تحظى بأي دعم ألماني.

دائرة المقاطعين تتسع

في بيان لحملة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات عليها (BDS) بتاريخ 25/1/2014، عرضت الحملة ملخصا لبعض الهيئات والشخصيات التي قررت مقاطعة إسرائيل اقتصاديا و أكاديميا و ثقافيا:

-       في بداية كانون الثاني، أعلن المغني النرويجي المشهور مودي عن إلغاء حفلته المقررة في تل أبيب التزاماً بالنداء الفلسطيني للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل وبعد مناشدة من نشطاء في قطاع غزة المحتل.

-       في الثامن من كانون الثاني، احتفل النشطاء في أميركا بخسارة شركة فيوليا عقداً بقيمة 4.5 مليار دولار في مدينة بوسطن بعد حملة نشيطة/ قوية نددت بتورط الشركة في تزويد البنية التحتية للمستوطنات الإسرائيلية غير القانونية.

-       في سابقة تبشر بخطوات مشابهة، أعلن صندوق التقاعد النرويجي (PGGM) في الثالث عشر من كانون الثاني 2014 عن نيته سحب استثماراته من خمسة من أكبر البنوك الإسرائيلية بسبب تورطها العميق في الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي. يدير هذا الصندوق استثمارات 2.5 مليون شخص، كما أعلنت وسائل الإعلام أن بنوكاً أوروبية أخرى تدرس خطوات مشابهة.

-       وفي 2013 تعرضت شركة (G4S) الأمنية لانتقادات دولية متزايدة وخسرت عقوداً قيمتها ملايين الدولارات مع هيئات عامة في جنوب إفريقيا وأوروبا نتيجة تقديمها خدمات للحواجز والمستوطنات والسجون الإسرائيلية حيث يتم اعتقال السجناء الفلسطينيين وتعذيبهم دون تقديمهم للمحكمة.

-       خسرت الشركة الفرنسية متعددة الجنسيات "فيوليا" عقوداً قيمتها مليارات الدولارات في أميركا وبريطانيا وفرنسا، وأعلنت انسحابها التام من تشغيل خطوط الحافلات للمستوطنين الإسرائيليين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولكن ما زالت "فيوليا" تشغّل القطار الخفيف في القدس المحتلة.

-       أعلن عالم الفيزياء العالمي ستيفن هوكينغ إضافة إلى عدد من النقابات والاتحادات في أوروبا وأميركا مساندتهم لمقاطعة المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية.

-       أيدت عشرات النقابات العمالية والمؤسسات الكنسية والاتحادات الطلابية حول العالم النداء الفلسطيني لمقاطعة إسرائيل وانضمت للحملة متزايدة القوة والفعالية.

-       سحبت بنوك وصناديق تقاعد في أوروبا وأميركا استثماراتها من شركات تجني ربحاً من الفصل العنصري الإسرائيلي (الأبارتهايد) بما في ذلك شركتا فيوليا وسوداستريم.

-       تبنت النقابة الأوروبية والحكومات الهولندية والبريطانية والرومانية تدابير توجب على الدول تجنب التواطؤ في استعمار إسرائيل للأرض الفلسطينية، بما في ذلك إجراءات تهدف إلى إيقاف تدفق الأموال والأيدي العاملة والمشاريع للمستوطنات الإسرائيلية.

كذلك طلبت الحكومة النرويجية من "صندوق الثروة السيادي" استثناء شركتين إسرائيليتين هما "استثمارات أفريكا- يسرائيل" و"دانيا سيبوس" من إمكانية التمويل، بسبب مشاركتهما في انتهاكات خطيرة لحقوق الأفراد خلال الحرب أو الصراع من خلال بناء المستوطنات في القدس الشرقية. وتقدر قيمة الأموال التي يديرها هذا الصندوق بأكثر من 800 مليار دولار أميركي. وذكر الموقع الالكتروني الاقتصادي “The Economic Times” بتاريخ 31/1/2014 أن الشركتين كانتا مستثنيتين من التمويل في الفترة بين آب 2010 – آب 2013، وأوصت وزارة المالية النرويجية بمواصلة الاستثناء بسبب استمرار نشاط الشركتين الاستيطاني.

وأعلن اثنان من أكبر البنوك في شمال أوروبا في بداية شهر شباط 2014 أنهما سيقاطعان بنوكا إسرائيلية لأنها تعمل في "الأراضي المحتلة ". وذكر موقع "Walla" الإخباري باللغة العبرية أن البنكين هما  نورديا السويدي، وهو من أكبر بنوك الدول الاسكندنافية، وبنك دانسكه الذي يقدم خدمات لخمسة ملايين عميل في الدنمارك. ونشر بنك دانسكه على موقعه الالكتروني قائمة بالشركات التي قرر مقاطعتها لأسباب قانونية وأخلاقية، وذكر اسم بنك "هبوعليم" فيها.

أما بنك نورديا فأعلن قطع علاقاته مع بنكي ليئومي ومزراحي – طفحوت بسبب عملهما في الأراضي المحتلة.

وقال مسؤول إسرائيلي لموقع "Walla" إن "هذه الحالات تسلط الضوء على الخطر والمشاكل التي نواجهها بسبب المقاطعة الأوروبية. فقرارات المقاطعة ليست قرارات حكومتي الدانمارك والسويد، ولكن قرارات شركات خاصة كبيرة ومؤثرة، وحتى لو قمنا بالاحتجاج على هذه القرارات للحكومات، فلن تكون قادرة على التحرك. ونتوقع أن تتوسع المقاطعة".

وذكرت صحيفة الحياة اللندنية بتاريخ 14/12/2013 أن "شركة مياه الشرب الهولندية "فيتنز" قطعت علاقاتها مع شركة المياه الإسرائيلية "مكوروت". كما أبلغت الحكومة الرومانية نظيرتها الإسرائيلية بأنها ستتوقف عن إرسال عمال بناء إلى إسرائيل لرفض الأخيرة التعهد بعدم تشغيلهم في مشاريع بناء في تلك المستوطنات. كذلك توقفت جنوب إفريقيا عن استيراد منتجات يتم تصنيعها في البحر الميت "لأن مصدرها خارج الخط الأخضر". وأشارت التقارير إلى أن جنوب إفريقيا أبلغت شركات بريطانية وفرنسية كبيرة نيتها وقف نشاطها في أراضيها لتعاطيها مع المستوطنات. كما أشارت إلى التحذيرات التي أطلقتها الحكومة البريطانية هذا الأسبوع لرجال الأعمال فيها من مغبة الاستثمار أو تحويل أموال أو اقتناء عقارات في المستوطنات "خشية تضرر سمعتها وتعرضها إلى المقاضاة".

مقاطعة أكاديمية

لا تنحصر مقاطعة إسرائيل في المجال الاقتصادي فقط، فقد أعلنت عدة مؤسسات ونقابات أكاديمية في العالم انضمامها إلى حملة مقاطعة المؤسسات الإسرائيلية الأكاديمية بسبب سياستها المنافية للحرية الأكاديمية للفلسطينيين.

أعلنت "مؤسسة الدراسات الأميركية" (American Studies Association ASA) بتاريخ 4/12/2013 أنها تبنت قرارا بمقاطعة المؤسسات الأكاديمية الإسرائيلية. وهذه المؤسسة التي تمثل نحو 5 آلاف باحث في مجالات أكاديمية متنوعة، ذكرت في بيان لها أن القرار اتخذ للتعبير عن التضامن مع الباحثين والطلبة المحرومين من حريتهم الأكاديمية، وأنها تتطلع إلى المزيد من هذه الحرية للجميع، بمن فيهم الفلسطينيون. وتبني ASA لقرار المقاطعة نابع من سياق الدعم الأميركي العسكري وأشكال الدعم الأخرى لإسرائيل، ومن انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي ولقرارات الأمم المتحدة، ومن تأثيرات الاحتلال الموثقة على الباحثين والطلبة الفلسطينيين، ومن دور مؤسسات التعليم العالي الإسرائيلية في سياسات الدولة التي تنتهك حقوق الإنسان.

وكانت الجمعية الأميركية للدراسات الآسيوية انضمت إلى المقاطعة الأكاديمية في نيسان 2013، ثم لحقت بها جمعية دراسات شعوب أميركا الأصليين (الهنود الحمر).

وقد سبقت المؤسسات الأكاديمية والنقابية في بريطانيا إلى مقاطعة إسرائيل أكاديميا، فمنذ العام 2001 فصلت مجلتان أكاديميتان أساتذة إسرائيليين من مجالس تحريرهما لسياسات بلدهم.

واتخذ مؤتمر الأكاديميين البريطانيين (125000 عضو) في أيار 2007 قرارا بمقاطعة المؤسسات الجامعية الإسرائيلية استجابة لطلب تقدم به اتحاد النقابات الأكاديمية الفلسطينية.

وقرر اتحاد المعلمين في جمهورية إيرلندا في نيسان 2013  مقاطعة المؤسسات الأكاديمية والثقافية الإسرائيلية.

وفي جنوب إفريقيا قرر مجلس جامعة جوهانسبرغ في العام 2010 قطع علاقته بجامعة بن غوريون في بئر السبع، وقال في بيان "نتيجة لنقاش مستفيض وفائض بالحماسة، صوت مجلس جامعة جوهانسبرغ على أن يدع العلاقات الرسمية مع جامعة بن غوريون تنتهي في الأول من نيسان 2011". وبرر المجلس قراره بالقول "نحن نعلم أن جامعة بن غوريون لديها مشاريع مشتركة مع الجيش الإسرائيلي، كما نعلم أن الجامعة تنفّذ سياسة الدولة ما يؤدي دائماً إلى التمييز ضد الشعب الفلسطيني. لذلك لا يمكن أن تكون هناك أي أنشطة مشتركة بين جامعة جوهانسبرغ ومؤسسة إسرائيلية تعليمية تمارس التمييز ضد الشعب الفلسطيني".

وأعلن عالم الفيزياء البريطاني ستيفن هوكينغ في أيار 2013 تراجعه عن المشاركة في مؤتمر سنوي يستضيفه الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريس في القدس المحتلة.

ورغم أن هوكينغ لم يعلن قراره صراحة، إلاّ أن بياناً صدر عن اللجنة البريطانية من أجل الجامعات الفلسطينية أكد أن البروفسور البريطاني لن يشارك في المؤتمر، مشيراً إلى أنه اتخذ قرار المقاطعة "بناءً على معرفته بفلسطين، وعلى النصيحة التي قدمها إليه زملاؤه الأكاديميون في فلسطين بالإجماع".

وأثار قرار هوكينغ حملة غاضبة في إسرائيل بلغت حد وصف الرجل بالمنافق، واعتبار قراره عملا "شائنا".

ونقل موقع صحيفة "إكسبريس" البريطانية تعليقات إسرائيليين غاضبين اختاروا الإساءة لهوكينغ بدعوى أنه "يعاني شللا في الدماغ، وليس الجسد، وقد حان أوان موته"، على حد قول أحدهم.

وهذه الشخصيات والمؤسسات والنقابات الأكاديمية أمثلة لعشرات غيرها انضمت إلى مقاطعة إسرائيل أكاديميا.

مقاطعة ثقافية

على الصعيد الثقافي والفني أيضا انضم العشرات إلى حملة مقاطعة إسرائيل، ففي آب 2013 دعا المغني السابق للفرقة الإنكليزية الشهيرة "بينك فلويد"، روجر ووترز، زملاءه نجوم موسيقى الروك إلى مقاطعة إسرائيل، وذلك في رسالة مفتوحة وجهها إليهم.

ونقلت صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية بتاريخ 20/8/2013 عن ووترز قوله في الرسالة "يجب التصدي لجرائم إسرائيل من الفصل العنصري والتطهير العرقي، بسبب تنصل الحكومات الغربية، ومجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، من القيام بذلك.... أكتب إليكم الآن أيها الأخوة والأخوات في عائلة موسيقى الروك أند الرول، لأطلب منكم أن تنضموا إليَّ، وإلى آلاف الفنانين الآخرين في جميع أنحاء العالم، للإعلان عن مقاطعة ثقافية ضد إسرائيل... أرجوكم أن تنضموا إليَّ، وإلى جميع إخواننا وأخواتنا في المجتمع المدني العالمي، لإعلان رفضنا لنظام الفصل العنصري في إسرائيل وفلسطين المحتلة، من خلال التعهد بعدم الغناء في إسرائيل، أو قبول أي جائزة أو تمويل من أي مؤسسة مرتبطة بحكومة إسرائيل، إلى أن يحين الوقت لكي تمتثل للقانون الدولي والمبادئ العالمية لحقوق الإنسان". وقال ووترز في رسالته إنه "تشجع على إطلاق هذه الدعوة، بعد أن سمع عازف الكمان البريطاني الشهير، نايجل كينيدي، يتهم إسرائيل بممارسة الفصل العنصري، خلال حفل أقامه في قاعة رويال ألبرت وسط لندن".

وقالت الصحيفة إن دعوة ووترز تأتي عقب تزايد عدد المغنين، الذين يرفضون إقامة حفلات موسيقية في إسرائيل، وكان إلفيس كوستيلو، وآني لينوكس، من بين الموسيقيين البريطانيين الذين توقفوا عن إقامة حفلات في إسرائيل.

وحسب BDS ، ألغى عشرات الفنانين عروضهم في إسرائيل، ومن بينهم الراحل غيل سكوت ـــ هيرون، وكارلوس سانتانا. وكذلك الفرق الموسيقية كلاكسونز وغوريلاز ساوند سيستم وذا بيكسيز، والمغنية والممثلة الفرنسية فانيسا بارادي. وغاب الممثلان المشهوران داستين هوفمان وماغ رايان عن حضور مهرجان القدس السينمائي في ربيع 2010. وقال المغني البريطاني ألفيس كوستيلو إن "ضميره" لا يسمح له بالغناء في إسرائيل. والكاتب البريطاني إيان بانكس دعا "كل الكتاب والفنانين...إلى إقناع إسرائيل بانحطاطها الأخلاقي وعزلتها الأخلاقية، ويفضل أن يكون ذلك عبر عدم التعامل مع هذه الدولة الخارجة على القانون".  وحث الكاتب السويدي الشهير هيننغ مانكل على "فرض عقوبات دولية على إسرائيل أسوةً بجنوب إفريقيا". وذكّرت الكاتبة الأميركية العالمية أليس ووكر بالمقاطعة التي بدأها مارتن لوثر كينغ وروزا باركس ضد شركة الباصات العنصرية في ولاية ألاباما في منتصف القرن العشرين، واعتبرت مقاطعة إسرائيل عملاً أخلاقياً "للتخفيف من آلام الفلسطينيين والإصغاء إلى أحزان شعب ظلم طوال عقود".

في سياق معاكس، لكنه لم يأت بخير لإسرائيل أيضا، أعلنت الممثلة الاميركية الشهيرة سكارليت جوهانسون بتاريخ 29/1/2014 قرارها التخلي عن دورها كسفيرة لمنظمة أوكسفام البريطانية التي تعمل على مكافحة الفقر في العالم، بعد تعاقدها مع شركة سوداستريم الإسرائيلية التي تملك مصنعا في مستوطنة معاليه أدوميم في الضفة الغربية. منظمة أوكسفام اعتبرت أن تعاقد جوهانسون مع شركة تدير مصنعا في مستوطنة يعتبرها القانون الدولي غير شرعية، لا يتوافق مع مبادئ المنظمة.

وبتاريخ 8/2/2014 ذكرت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية، أن التغطية الإعلامية لقضية تعاقد جوهانسون مع الشركة الإسرائيلية جاءت بنتائج عكسية ليس على مستوى الشركة فقط، بل على مستوى مقاطعة منتجات المستوطنات بشكل عام، فالتغطية الإعلامية للقضية لفتت النظر إلى المقاطعة، الأمر الذي يستغله ناشطو BDS لصالحهم.

الإسرائيليون بدأوا يشعرون بتأثير المقاطعة

ذكرت معاريف في 17/1/2014 ان "شركة "أهافا" لإنتاج مستحضرات التجميل التي تتم صناعتها من المواد المستخرجة من البحر الميت، يتم ذكر اسمها تقريبا في كل مرة يدور الحديث فيها عن قضية مقاطعة إسرائيل. في الموقع الالكتروني لحركة مقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل BDS التي تقوم بالحثّ على مقاطعة إسرائيل، ذكر أن أصحاب الامتياز في اليابان أوقفوا التعامل مع الشركة، ودعت أكبر كنيسة بروتستانتية في كندا لمقاطعة منتجات الشركة. 

أوقفت شركة "أهافا" في تشرين الثاني (2013)  تسويق منتجاتها في جنوب إفريقيا في أعقاب مطالبات بمقاطعة الشركة، وفي أيلول 2012 فرض المجلس العام للكنيسة البروتستانتية مقاطعة على منتجات "أهافا"، وفي آذار 2012 رفعت شركة المستحضرات النرويجية "فيتا" منتجات "أهافا" عن رفوف متاجرها.

وتنقل معاريف عن مسؤول كبير في شركة "أهافا": "الأمر يضايقنا ويزعجنا.. هناك فوضى وعليك أن تتحدث مع العاملين وان تفسر لأصحاب الامتياز في الخارج ما الذي يحدث".

وقال يتسحاق فايزنبرغ من منظمة "مزارعي العربا"، التي تضم 200 مزارع، لمعاريف كلاما مشابها: "في اسكندنافيا يوجد عدد من الزبائن الذين امتنعوا عن الشراء منا.. وأجواء المقاطعة ملموسة، ولكنها ليست نشطة، هناك شعور أن الأمور لا تجري لصالحنا، ولكن من الصعب أن نحدد ذلك بلغة الأرقام".  ويضيف فايزنبرغ: "زبون هولندي خفض طلبية الشراء من 15 طنا في الشهر إلى طن واحد، وهو صاحب امتياز لشبكة اسكندنافية وقال لنا إن أصحاب الشركة لا يريدون العمل مع إسرائيل. نحن لم نتضرر من التخفيض لأننا وجدنا زبائن آخرين، المشكلة هي في قدرتنا على المساومة، عندما يقل عدد الزبائن الذين يرغبون بالشراء، تتراجع قدرتنا على المساومة على السعر، وقد أجد نفسي أبيع بأسعار رخيصة أكثر. الوضع أكثر صعوبة ولكنه ليس هستيريا، نحن مسيطرون على الوضع".

سوق التوابل الذي يملكه دافيد لحياني رئيس المجلس الإقليمي لغور الأردن، والذي يديره ابنه في مستوطنة أرغمان، كان يصدر في الماضي 140 طنا في السنة، لكنه في السنوات الأخيرة صدر فقط 90 طنا. ويقول لحياني: "شبكات التسويق البريطانية قالت لابني إنها لا تريد شراء منتجات من غور الأردن.. في دول أخرى لا يقولون إنهم يقاطعون المنتجات الإسرائيلية، بل يقولون إن لديهم مشكلة مع منتجاتنا".

لكن ليست المقاطعة المباشرة هي العقاب الوحيد، حسبما يقول لحياني لمعاريف،  "ففي بعض الدول يطلبون وضع إشارة على المنتجات القادمة من  المناطق (الضفة الغربية)، والاتحاد الأوروبي لا يسمح لوزارة الزراعة الإسرائيلية بمراقبة جودة منتجاتنا تحت الادعاء أننا لا ننتمي لدولة إسرائيل. كذلك قاموا بتشديد شروط الزراعة العضوية وبذلك خرجنا من هذا المجال، شبكات التسويق الأوروبية تقول لنا إن هناك ضغطا عليها من الزبائن كي لا تبيع منتجات قادمة من المناطق".

وتختم معاريف: "إن معطيات التصدير من دولة إسرائيل تؤكد أقوال المزارعين والمصدرين. الاتحاد الأوروبي هو وجهة التصدير الكبرى من إسرائيل، بنسبة 26.7 بالمئة، وبشكل أساس فإن الزيادة في التصدير كانت في مجالات الصناعات الكيماوية والأجهزة الطبية، في العام 2010 ازداد التصدير الإسرائيلي بنسبة 19 بالمئة وفي العام 2011 بنسبة 11 بالمئة. ومع ذلك ففي العام 2012 حدث انخفاض في التصدير لأوروبا بنسبة 70 بالمئة. التصدير الذي وصلت قيمته في السنة السابقة إلى نحو 17.5 مليار دولار، تلقى ضربة بشكل أساس في ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبلجيكا وتركيا، وحدث تباطؤ في بريطانيا وهولندا. وفي الشهور الثمانية الأخيرة من العام 2013 طرأ ارتفاع بنسبة 4.5 بالمئة في التصدير لأوروبا، وصعد إلى 11.7 مليار دولار".

خطة إسرائيلية لمواجهة المقاطعة

نقلت صحيفة معاريف بتاريخ 3/2/2014 عن وزير الشؤون الاستراتيجية يوفال شتاينيتس قوله إن وزارته تعد خطة لمواجهة حملة المقاطعة. وتشمل الخطة حسب شتاينيتس "حملة إعلامية، وتنشيط منظمات دولية مؤيدة لإسرائيل وخطوات أخرى". وعلقت الصحيفة على ذلك قائلة "حتى في هذه الحالة فإن الخطة المستقبلية هذه بعيدة عن التنفيذ، مشيرة إلى أن الحكومة الإسرائيلية كانت ستناقش موضوع المقاطعة بشكل موسع لكن النقاش ألغي في اللحظة الأخيرة".

من ناحيته، قال نائب وزير الخارجية الإسرائيلي زئيف إلكين لمعاريف إنه قبل البدء بمواجهة موجة المقاطعة من المهم إجراء تحليل صحيح للظاهرة، المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين لا تحمي إسرائيل من المقاطعة، ومعادلة ربط المقاطعة بالعملية السلمية معادلة فاشلة، وكل نماذج المقاطعة الأخيرة مثل خطة هورايزون 2020، والقرارات في هولندا والدنمارك وغيرها اتخذت أثناء المفاوضات مع الفلسطينيين، ويمكن القول إنه ومنذ بدء المفاوضات تعاظمت المقاطعة. ونظرية "غياب المفاوضات سيؤدي إلى مقاطعة" أثبتت فشلها.

وحذّر ألكين من أن الربط بين المقاطعة والعملية السلمية سيرتد على إسرائيل بنتائج عكسية، "وعبارة ممنوع مقاطعة إسرائيل لأن ذلك سيضر بالمفاوضات ليست جيدة.. فماذا سنفعل إذا ما تفجرت المفاوضات؟ ماذا سنقول حينئذ؟ هناك فرصة كبيرة لحدوث ذلك وليس بسببنا، لذلك فشعار ليفني ولبيد أنه بوجود السلام لن تكون هناك مقاطعة غير واقعي وهو خطير في حال فشل المفاوضات".

رجال الأعمال في إسرائيل يتحركون ضد نتنياهو

وفي موقف يظهر شدة قلق رجال الأعمال في إسرائيل من اتساع المقاطعة، ذكرت عدة وسائل إعلام إسرائيلية أن مئة من رجال الأعمال الإسرائيليين وجهوا رسالة شديدة إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو طالبوه بالتوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين. وقالت صحيفة "كالكاليست" الاقتصادية الإسرائيلية إن رجال الأعمال هؤلاء حذروا نتنياهو من اتساع المقاطعة الاقتصادية، وأشاروا إلى القرار الذي صدر في وقت سابق من هذا الشهر عن صندوق التقاعد الهولندي "بي جي جي إم" بقطع علاقاته مع خمسة بنوك إسرائيلية بسبب أنشطتها في المستوطنات.

ويرى رؤساء شركات إسرائيلية كبيرة أنه يتعين التوصل بشكل عاجل إلى سلام مع الفلسطينيين يقوم على حل الدولتين، وأضاف هؤلاء أن النزاع يكلف المدنيين غاليا، مشيرين إلى أن العالم "بدأ يفقد الصبر، وأن التهديد بمعاقبة إسرائيل يتزايد يوما بعد يوم".

ومن هؤلاء الرؤساء يوسي فاردي أحد رموز صناعة التكنولوجيا المتقدمة في إسرائيل، ومئير براند رئيس مجلس إدارة غوغل في تل أبيب.

وتنقل معاريف بتاريخ 17/1/2014 عن دافيد لحياني رئيس المجلس الإقليمي في غور الأردن قوله "الضرر هائل.. اليوم نحن عمليا لا نصدر منتجاتنا إلى دول غرب أوروبا". أما تسيفي أفنر رئيس اللجنة الزراعية في المجلس الإقليمي هناك فأكد أن بيع الفلفل والعنب للدول الأوروبية انخفض بـ 50%.

وتقول نيفا بن تسيون (وهي مستوطِنة) تعيش في المستوطَنة الزراعية "نتيف هجدود" في غور الأردن لمعاريف إنها في الماضي كانت تبيع 80% من كميات الفلفل الحلو والعنب التي تزرعها إلى متاجر في غرب أوروبا، خاصة بريطانيا، ولكن في السنتين الأخيرتين انخفضت المبيعات وهي تبيع منتجاتها فقط في شرق أوروبا، وفي المجمل انخفضت المبيعات 40%، ما اضطرها إلى تخفيض المساحات التي تقوم بزراعتها. وهي تؤكد أنها لا تعرف كيف ستتمكن من الإنفاق على نفسها حتى نهاية الشهر في المستقبل.

نتنياهو يروّج لإسرائيل ويحرض ضد المقاطعة في دافوس

في خطاب ألقاه أمام المشاركين في منتدى دافوس بسويسرا بتاريخ 23/1/2014، سعى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى تقديم إسرائيل على أنها مركز التحديث العالمي وأن "المستقبل للمحدثين، وإسرائيل أمة التحديث". ولاستشعاره بخطر المقاطعة وجه نتنياهو في خطابه دعوة مباشرة للمستثمرين إلى الحضور إلى إسرائيل "لأننا منفتحون على الأعمال".

بدا خطاب نتنياهو كحملة دعائية لتسويق إسرائيل عالميا، إذ عرض فيه المقومات الخمسة، التي تجعل الاقتصاد الإسرائيلي تحديثياً وناجحاً -حسب نتنياهو-: "أولها، لعنة غدت نعمة"، وهي حاجة إسرائيل إلى جيش قوي، الأمر الذي ألزمها بالتحديث الدائم. ثم استثمار إسرائيل الكبير في الأبحاث والتطوير "حوالي خمسة في المئة من الناتج القومي أو أقل قليلا، وهي بين النسب الأعلى في العالم". والثالث هو "الثقافة الخاصة، فاليهود على الدوام حملوا تقديرا للمعرفة ودائما يطرحون الأسئلة". أما المقوم الرابع فهو الحجم "فنحن صغار فعلاً، ولذلك كل شيء قريب... والتكنولوجيا التي تخدم الصواريخ يمكن أن تخدم في الكاميرات والأدوية". أما المقوم الخامس "فهو ألا خيار أمامنا. نحن نواجه على الدوام مخاطر، ومقاطعة، لذلك علينا دوما التحديث من أجل أن نبقى".

وقال نتنياهو إن العالم يتحرك بسرعة كبيرة ويغدو "رقمياً، وإسرائيل فاعلة تقريبا في كل الميادين"، وركز على ميدانين أساسيين: الأول "ميدان الوجود- وإسرائيل متقدمة في مجالات المياه، الغذاء، الطاقة المتجددة". وتساءل "أين توجد الأبقار الأكثر إدرارا للحليب؟ في إسرائيل. إنها أبقار محوسبة. عندما تفكرون في الوجود، فكروا في إسرائيل". أما الميدان الثاني فهو "حماية الشبكات"، حيث يجب حماية الانترنت وإسرائيل رائدة في مجال "حماية السايبر، التي من دونها لا يمكن لاقتصاد الانترنت أن يتقدم".

و أشار نتنياهو في ختام حديثه بشكل مباشر إلى دعوات المقاطعة في أوروبا قائلا إن "الاستثمار في اقتصاد إسرائيل لا يساعدنا فقط بل يساعد جيراننا أيضاً. في محادثات السلام تحقيق السلام الاقتصادي لا يأتي على حساب السلام السياسي، إنهما يكملان بعضهما، ويمكن رؤية ذلك في المستقبل. إن الاستثمار في إسرائيل هو استثمار في السلام".([8])

علقت صحيفة السفير اللبنانية بتاريخ 24/1/2014 على خطاب نتنياهو بالقول: "من الضروري ملاحظة أن العالم لا يستقي معلوماته عن إسرائيل من نتنياهو أو المتحدثين الرسميين باسمه. فهو يقول إن إسرائيل هي مركز التحديث العالمي، لكن وكالة "بلومبرغ" الاقتصادية الدولية ترى خلاف ذلك.. صحيح أن إسرائيل دولة متقدمة، ولكنه في هذا العام وضمن مقياس الوكالة للتحديث تقع الدولة العبرية في آخر قائمة الدول الثلاثين الأكثر تحديثاً. بل إنها كانت في العام الماضي في المكان 32 ضمن قائمة الخمسين دولة الأكثر تحديثاً. وتحتل كوريا الجنوبية المكان الأول في العالم ضمن هذا المقياس، الذي يأخذ بالحسبان كثافة الأبحاث وتركيز الصناعات التكنولوجية العليا وقدرات الإنتاج ونجاعة الاختراعات الجديدة".

 

مؤيدو إسرائيل في أميركا يحاولون سن تشريعات ضد المقاطعة الأكاديمية

مع تعاظم حركة المقاطعة خاصة الأكاديمية في الولايات المتحدة كثف مؤيدو إسرائيل هناك جهودهم لتضييق المجال على المؤسسات والنقابات الأكاديمية في موضوع المقاطعة، من خلال طرح مشاريع قوانين محلية (على مستوى برلمانات الولايات)، أو فيدرالية (على مستوى الولايات المتحدة من خلال الكونغرس) تنص على سحب الدعم المالي الفيدرالي (الحكومي) في حال استغلاله لمقاطعة مؤسسات أكاديمية في دولة أخرى. لكن هذه المشاريع تواجه عقبات عديدة أبرزها تعارضها مع التعديل الأول في الدستور الأميركي الذي يحمي حريات التعبير والحريات الأكاديمية، وبسبب هذه العقبة سحب مشروع ضد المقاطعة الأكاديمية في ولاية نيويورك، فيما نقل عن أبرز منظمتين داعمتين لإسرائيل في الولايات المتحدة هما "مجلس العلاقات الأميركية الإسرائيلية- إيباك"، ورابطة مكافحة التشهير ADL، تحفظهما على مشروع قانون مشابه سيطرح على الكونغرس. واعتبرت المنظمتان اللتان لا تخفيان معارضتهما الشديدة لمقاطعة إسرائيل، أن هذا القانون سيكون متعارضا مع الدستور الأميركي من ناحية، ومن ناحية ثانية، فإن هذا المشروع سيقوي الصورة النمطية أن لليهود تأثيرا قويا في الولايات المتحدة.

المنظمات الصهيونية: المقاطعة مناهضة للسامية

في سياق النشاطات التي يقوم بها مؤيدو إسرائيل في العالم أيضا، يلجأ هؤلاء إلى اتهام الداعين إلى مقاطعة إسرائيل اقتصاديا وأكاديميا بأنهم مناهضون للسامية (يكرهون اليهود). ويحرّف مؤيدو إسرائيل تعريف مناهضة السامية الكلاسيكية (العداء تجاه اليهود على خلفية دينية وعرقية)، لتصبح مناهضة السامية متمثلة في معاداة إسرائيل والصهيونية، تحت مسمى مناهضة السامية الجديدة، وقبل فترة قصيرة استحدث مصطلح جديد هو "مناهضة السامية الأكاديمية". وتهمة مناهضة السامية وصمة ترتبط بشكل خاص بتجربة اليهود المريرة مع النظام النازي خلال الحرب العالمية الثانية، لذلك فإن المتهم بهذه التهمة يواجه النبذ، وفي أحيان تتم ملاحقته قضائيا كما حدث عدة مرات في فرنسا.

ورغم هذه التكتيكات واجه مؤيدو إسرائيل انتكاسات في حملاتهم ضد الداعين إلى مقاطعتها بانضمام مؤسسات أوروبية وأميركية لحملة المقاطعة، وخسارتهم قضايا رفعوها ضد دعاة المقاطعة كما حدث في بريطانيا مثلا.

وحتى وزير المالية الإسرائيلي يائير لبيد اعتبر في خطابه أمام مؤتمر معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب أن حملة مقاطعة إسرائيل وفرض العقوبات عليها وسحب الاستثمارات منها، هي حركة معادية للسامية. كذلك "رحب" المؤتمر اليهودي العالمي بتاريخ 30/1/2014 بقرار الممثلة الاميركية جوهانسون متهما أوكسفام "بالانخراط في حركة  غير أخلاقية ومعادية للسامية".

لكن المؤرخ الإسرائيلي المعروف زئيف شتيرنهيل الخبير في شؤون الفاشية في أوروبا قال في مقال نشرته صحيفة هآرتس بتاريخ 31/1/2014 إن "معاداة السامية ليست الدافع وراء حملة مقاطعة المستوطنات التي تتسع في أوروبا". وأضاف أن "المقاطعة هي أولا نوع من الانتفاضة على الاستعمار والفصل العنصري السائدين في الأراضي" الفلسطينية، على ما كتب، معتبرا أن "هذا الرأي يتشاطره أفراد من جميع أطياف الساحة السياسية، بما في ذلك أشخاص يحتقرون معاداة السامية ويدعمون إسرائيل بالكامل".

BDS : المقاطعة ليست مناهضة للسامية

في مقال كتبه عمر البرغوثي، وهو أحد مؤسسي "حملة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها"، ونشرته صحيفة نيويورك تايمز بتاريخ 31/1/2014، يرد على اتهام الحملة بأنها مناهضة للسامية قائلاً:

"للتأكيد على الخطر "الوجودي" الذي تمثله BDS، تعمد إسرائيل وجماعات الضغط في كثير من الأحيان إلى التلميح بمناهضة السامية، على الرغم من أن موقف الحركة ثابت ولا لبس فيه ضد جميع أشكال العنصرية، بما في ذلك مناهضة السامية. هذا الادعاء الذي لا أساس له يهدف لترهيب وإسكات أولئك الذين ينتقدون إسرائيل ولربط مثل هذه الانتقادات بالعنصرية المعادية لليهود .

الادعاء أن مقاطعة إسرائيل هي في جوهرها مناهضة للسامية ليس فقط خاطئا، بل يفترض أيضا أن إسرائيل و"اليهود"هم شيء واحد. هذا الادعاء سخيف ومتعصب تماما مثل الادعاء أن مقاطعة دولة تعرف نفسها بأنها إسلامية -المملكة العربية السعودية مثلا- بسبب سجلها المروع في مجال حقوق الإنسان، هو معاداة للإسلام.

دعوة BDS من أجل المساواة الكاملة في القانون والسياسات للمواطنين الفلسطينيين في إسرائيل تقلق إسرائيل لأنها تثير تساؤلات حول تعريفها الذاتي كدولة يهودية إقصائية. إسرائيل تعتبر أن أي تحد –حتى لما انتقدته وزارة الخارجية الأميركية بأنه نظام "تمييز مؤسساتي وقانوني ومجتمعي" ضد مواطنيها الفلسطينيين-  تعتبره تهديدا وجوديا لأنه وبشكل جزئي يثير صورة الفصل العنصري.

في هذا السياق، رفضت المحكمة العليا (الإسرائيلية) مؤخرا محاولة بعض الليبراليين الإسرائيليين أن يتم تسجيل جنسيتهم أو عرقهم بأنه "إسرائيلي" في سجل السكان الوطني (الفئات المسجلة فيه هي: يهودي وعربي ودرزي.. الخ). المحكمة قالت إن ذلك من شأنه أن يشكل تهديدا خطيرا للهوية المؤسِسة لإسرائيل كدولة يهودية للشعب اليهودي.

لا تزال إسرائيل الدولة الوحيدة على الأرض التي لا تعترف بالجنسية الخاصة بها، والتي من شأنها أن تستفيد نظريا من الحقوق المتساوية لجميع مواطنيها، بتقويض هويتها "الاثنوقراطية". الادعاء أن BDS وهي حركة غير عنيفة ملتزمة بالمبادئ العالمية لحقوق الإنسان، تهدف إلى " تدمير" إسرائيل يجب أن يفهم في هذا السياق.

هل حقا ستدمر العدالة والحقوق المتساوية للجميع إسرائيل؟ لماذا لمْ تدمر المساواة أميركا الجنوبية؟ أو جنوب إفريقيا؟ بالتأكيد هي دمرت نظام التمييز العنصري الذي كان سائدا في هاتين المنطقتين، ولكنها لم تدمر الشعب أو البلد .

وبالمثل، فقط إجراءات إسرائيل الظالمة هي المهددة بالمقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات".      

 

أخبار المقاطعة الاقتصادية تتصدر وسائل إعلام إسرائيلية ودولية

أشارت صحيفة يديعوت أحرونوت وفي تقرير احتل العنوان الرئيس على الصفحة الأولى بتاريخ 20/1/2014  إلى تحرك رجال الأعمال الإسرائيليين المذكور أعلاه، وقالت إن التبعات الاقتصادية للمقاطعة ستكون أكبر بكثير بعدما أعلن الاتحاد الأوروبي أنه اعتبارا من 1 كانون الثاني 2014 سيمتنع عن تمويل مشاريع ونشاطات إسرائيلية خارج الخط الأخضر.

وذكرت يديعوت في مقابلة مع وزير المالية يائير لبيد أن دخل مزارعي غور الأردن تضرر، فشبكات الغذاء خاصة في بريطانيا والدول الاسكندنافية تمتنع عن شراء الفلفل والعنب والتمور وأعشاب التوابل التي تزرع في المنطقة.

أضافت الصحيفة: "في السنوات الأخيرة فإن شبكات التسويق في بريطانيا ودول أخرى بدأت بوضع علامة على المنتجات المستوردة من مستوطنات، أو توقفت عن شرائها. جزء من الشبكات قال إن قراره أيديولوجي معتبراً المستوطنات "غير قانونية"، وشبكات أخرى قالت إن القرار اقتصادي. ويقول مايكل دايس من قادة الدعوة لمقاطعة إسرائيل في بريطانيا إن المتاجر بدأت الآن بإدراك أن هناك إمكانية كبيرة للإساءة لسمعتها".

بثت القناة الإسرائيلية التلفزيونية الثانية في ساعة الذروة (الساعة الثامنة مساء السبت 18/1/2014)، تقريراً تناول قضية مقاطعة إسرائيل، أعدته الصحفية دانا فايس ومدته 16 دقيقة، لم يهاجم حركة مقاطعة إسرائيل ولم يتهمها بأنها مناهضة للسامية، بل اعتبر أنها تحرك منظم يتسع بسرعة بسبب سياسة إسرائيل الاستيطانية، وعلاج المقاطعة هو التراجع عن هذه السياسة.

عرض التقرير أقوال مدير مصنع "سَلَطات شامير" في مستوطنة بركان قرب سلفيت: "بسبب المقاطعة الأوروبية والفلسطينية، المصنع يخسر ما بين 115-143 ألف دولار شهريا".

بثت وكالة أسوشييتدبرس بتاريخ 10/1/2014 تقريراً أشار إلى أن دخل المزارعين الإسرائيليين الذي يعتمد على التصدير  في 21 مستوطنة في غور الأردن انخفض في السنة الماضية أكثر من 14%، أو ما يعادل 29 مليون دولار، والسبب الرئيس هو امتناع المزيد من شبكات متاجر الأغذية في أوروبا عن شراء منتجات إسرائيلية مصدرها مناطق خارج الخط الأخضر [أي في مستوطنات الأراضي المحتلة العام 1967].

أعدت أسوشييتدبرس أيضاً قائمة بأسماء بعض الشبكات الملتزمة بمقاطعة إسرائيل: "ماركس أند سبنسر" لا تبيع منتجات قادمة من الضفة [المستوطنات المقامة في الضفة] منذ 2007؛ شبكة التسويق الكبرى "وايت روز" أوقفت شراء أعشاب التوابل من المستوطنات قبل عدة سنوات؛ "موريسونز" توقفت عن شراء التمور في العام 2011؛ "جروب" رفعت منتجات المستوطنات عن رفوف متاجرها في العام 2012".

ونشر تقرير في صحيفة معاريف بتاريخ 17/1/2014  تحت عنوان  "هل يمكن أن تؤدي المقاطعة الأوروبية إلى انهيار الاقتصاد الإسرائيلي؟". ونقلت عن إيهود كوفمان المدير السابق لمكتب مقاطعة إسرائيل في وزارة الخارجية الإسرائيلية قوله "إن المقاطعة الاقتصادية التي تفرض على إسرائيل تدريجيا أسوأ بكثير من المقاطعة العربية التي في سنواتها الأربعين تسببت بخسائر قيمتها 40 مليار دولار. في فترة المقاطعة العربية، لم تقبل الدول العربية وجود دولة إسرائيل، في حين قبِل المجتمع الدولي ذلك، اليوم المقاطعة تعكس حقيقة أن المجتمع الدولي لا يقبل بنا، ولذلك فهي أكثر خطورة".

كتب حيمي شاليف في صحيفة هآرتس وبعد وفاة الزعيم الجنوب إفريقي نيلسون مانديلا "إن العالم استذكر هذا الأسبوع العلاقات المخزية التي كانت لإسرائيل مع ذلك النظام (الأبارتهايد). واليوم نشعر بعدم الارتياح جراء دعمنا التاريخي لأعداء مانديلا ... وأيضاً حيال صورتنا على أننا ورثة ذلك النظام".

وذكّر شاليف بأنه عندما كانت جنوب إفريقيا معزولة في العالم أقامت إسرائيل تحالفا مع النظام الأبيض بالذات في الوقت الذي بدأ المجتمع الدولي يتجند لإسقاطه. وأضاف محذراً من أن العقوبات الأوروبية على إسرائيل التي بدأت بقبولها إملاءات الاتحاد الأوروبي في شأن الدعم العلمي للمؤسسات الإسرائيلية، تشكل بداية حملة مقاطعات تذكر بتلك التي تعرض لها النظام الأبيض في سنواته الأخيرة، وكتب: "ما بدأ في حينه كمقاطعة أكاديمية غير منظمة في بريطانيا ودول في إفريقيا للنظام الأبيض، انتشر تدريجياً إلى مجالات الرياضة والترفيه ثم الاستثمارات، فقطع علاقات تجارية اضطرت آخر حليفين لذلك النظام، الولايات المتحدة وإسرائيل، إلى المقاطعة الشاملة، ففعَل تسونامي المقاطعة مفعوله وسقط النظام".

وحذر شاليف من أن تكون المقاطعات الأولية هذه "نقطة تحول" في حال فشلت المفاوضات، وأن ثمة مؤشرات كثيرة تدلل إلى ذلك، "فالضرر الكبير الذي تلحقه مشاريع البناء في المستوطنات، خصوصاً أنها استفزازية، والمواجهة المتواصلة مع الإدارة الأميركية على خلفية الملف الإيراني، وتدهور سمعة إسرائيل على خلفية مظاهر العنصرية في المجتمع الإسرائيلي في ظل وجود حكومة يمينية متطرفة، كلها تهيّئ الأرضية لنقطة التحول الخطيرة".

ونشرت وكالة الأنباء الفرنسية تقريرا بتاريخ 31/1/2014، ذكرت فيه أن شركات إسرائيلية قامت بنقل أنشطتها المثيرة للجدل من الضفة الغربية إلى إسرائيل ولكن بشكل لا يلفت الانتباه، وذلك خوفا من تعرضها للمقاطعة، لكن هذا التوجه ما زال محدودا بحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية.

كتب توماس فريدمان في صحيفة "نيويوروك تايمز" تحت عنوان "الانتفاضة الثالثة"، في عموده الأسبوعي بتاريخ 4/2/2014 أنه "يتوقع انتفاضة ثالثة، ليست بالحجارة أو التفجيرات مثل السابقتين.. لكنها أشد ما تخشى إسرائيل حدوثه، انتفاضة تقوم على أساس المقاومة اللاعنفية والمقاطعة الاقتصادية. ولن يقوم بها الفلسطينيون في رام الله، بل الاتحاد الأوروبي، وغيره من معارضي الاحتلال الإسرائيلي على مستوى العالم".

ويضيف فريدمان أنه إذا أرادت إسرائيل ان تبطئ حملة المقاطعة، فيجب عليها أن تجمد أنشطتها الاستيطانية "لكن ما يفعله الإسرائيليون من مواصلة انتقاد (جون) كيري، وعدم وقف بناء المستوطنات، لن يقلل كره مقاطعي إسرائيل في أوروبا وأميركا بل سيزيد منه".

مسؤولون في الخارجية الإسرائيلية: المقاطعة ستتعاظم

تصريحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري التي قال فيها إن هناك إمكانية لتضرر الاقتصاد الإسرائيلي في حال عزل إسرائيل إذا فشلت المفاوضات مع الفلسطينيين، وإصدار الاتحاد الأوروبي قائمة التوجيهات الملزمة لأعضاء الاتحاد فيما يتعلق بمنع تمويل مشاريع إسرائيلية في الأراضي المحتلة العام 1967، وتمييز منتجات المستوطنات في الأسواق الأوروبية، وتراجع تصدير المنتجات الزراعية من مزارع مستوطنات الغور، إضافة إلى حالة القلق التي عبر عنها الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريس ووزير المالية يائير لبيد ووزيرة العدل تسيبي ليفني، والمدير السابق لمكتب مقاطعة إسرائيل في وزارة الخارجية الإسرائيلية إيهود كوفمان- كل هذه المواقف هي مؤشر قوي على قلق إسرائيل الشديد من حملة المقاطعة، وما قد يكون لها من تأثير  مستقبلي عليها، خاصة مع استحضار تجربة جنوب إفريقيا، واضطرار نظام الأبارتهايد أواخر الثمانينيات إلى التخلي عن مبادئه العنصرية بسبب المقاطعة الاقتصادية والسياسية والثقافية والرياضية التي تعرض لها، والتحول إلى نظام ديمقراطي لكل مواطنيه. وهو مبدأ عبرت إسرائيل بشكل قاطع أنها ترفض تطبيقه، فهي لن تقبل بأن تكون دولة لكل مواطنيها، فضلا عن قبولها فلسطينيي الأراضي المحتلة العام 1967.

نقلت يديعوت أحرونوت بتاريخ 26/12/2013 عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله "نتنياهو يقودنا إلى المقاطعة". ويضيف المسؤول الذي لم تذكر الصحيفة اسمه "مشكلتنا المركزية ليست الحروب، بل الوضع الاقتصادي، ليس من الضروريّ أن يصدر قرار عن الأمم المتحدة لفرض عقوبات علينا أو لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية، إذ يكفي أن تعلن دولة واحدة عن القيام بذلك، وهذا سينتشر في كل أوروبا، نحن دولة مصدّرة، وفي ظل الوضع مع الفلسطينيين واستمرار الاحتلال، يتم النظر إلينا على أننا دولة أبارتهايد. إن مقاطعة إسرائيل هي الخطر الأكبر حاليا، والتدهور قد يكون سريعا".

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في وزارة الخارجية بتاريخ 2/2/2014 قولهم: "لا توجد طريقة لمحاربة المقاطعة... للدبلوماسية أدوات محدودة في محاربة الشركات التجارية التي ستقاطع إسرائيل.. فطالما استمر البناء في المستوطنات، فإن التوجه إلى المقاطعة سيتواصل".

ويضيف المسؤولون في الخارجية الإسرائيلية: "حاليا هناك موضة في شمال أوروبا لمقاطعة إسرائيل، لكننا حتى الآن لا نتحدث عن موجة، على أي حال المقاطعة هي ظاهرة سببها مشكلة أساسية هي البناء في المستوطنات، وطالما أن إسرائيل تواصل البناء، فالاتجاه نحو المقاطعة سيتواصل، وسيصبح من الصعب علينا منعه.. لا يمكننا أن نقنع الأوروبيين أن المستوطنات شيء جيد، وأن الشراء من منتجات خارج الخط الأخضر هو شيء مفيد".

أما صحيفة جيروزاليم بوست فنشرت بتاريخ 7/2/2014 نتائج استطلاع بيّن أن 67% من الإسرائيليين يرون أن المقاطعة ستؤثر عليهم مباشرة. فيما أشار استطلاع رأي شهري آخر عن مؤشر السلام "بيس إندكس" نشرت نتائجه حديثاً أن 50% من الإسرائيليين اليهود يعتقدون أن المقاطعة احتمال وارد مقابل 47% يرون العكس.

خلاصة القول- بحسب صحيفة يديعوت أحرونوت- جاءت على لسان من وصفته بالمستوى المتخصص في وزارة الخارجية الإسرائيلية: "إذا واصلت إسرائيل تجاهل تحذيرات أصدقائها ومنتقديها، ستتعاظم الموجة المناهضة لإسرائيل، ففي ممثليات إسرائيل في أوروبا لاحظ الدبلوماسيون نزعة سلبية تتمثل في إظهار الاهتمام بالفلسطينيين، وهناك شركات تقرر مقاطعة شركات إسرائيلية فقط لأنها تريد أن تكون جزءا من هذه الموجة... وفي حقيقة الأمر لا يمكننا أن نفعل شيئا إزاء هذا الوضع".

 

[1] - موقع معجم ميريام- ويبستر الالكتروني:

http://www.merriam-webster.com/dictionary/boycott

[2] - ميثاق الأمم المتحدة، الفصل السابع، مادة 41:

https://www.un.org/ar/documents/charter/chapter7.shtml

[3] - موقع "الموسوعة العربية" الالكتروني:

http://www.arab-ency.com/index.php?module=pnEncyclopedia&func=display_term&id=12419&m=1

[4] - وليد بن عثمان بن إبراهيم الرشودي، "كواشف فقه المقاطعة":

http://faculty.ksu.edu.sa/rushudi/Pages/mokataa.aspx

[5] - موقع متحف إحياء ذكرى الهولوكوست – واشنطن:

https://ushmm.org/outreach/ar/article.php?ModuleId=10007693

[6] - موقع المكتبة اليهودية الافتراضية:

http://www.jewishvirtuallibrary.org/jsource/Holocaust/The_Anti-Nazi_Boycott.html

[7] - موقع "الموسوعة العربية":

http://www.arab-ency.com/index.php?module=pnEncyclopedia&func=display_term&id=12419&m=1

[8] - موقع صحيفة السفير اللبنانية:

http://www.assafir.com/#!/ArticleWindow.aspx?ChannelID=1&ArticleID=335281