تقارير خاصة

تقارير عن قضايا راهنة ومستجدة في إسرائيل.

 
ليس واضحا تماما ما الذي يرمي إليه رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، عندما سرب مكتبه لوسائل إعلام أجنبية أنه يعتزم، في إطار اتفاق مع الفلسطينيين، إبقاء مستوطنات تحت سيادة الدولة الفلسطينية بعد قيامها في المستقبل، أو تصريحه بأن إخلاء مستوطنات هو أمر "مفروغ منه". لكن الأمر الواضح تماما هو أن حكومته تنفذ ميدانياً خطوات معاكسة لتصريحاته وتسريباته، فقد أظهرت معطيات رسمية، ولم تأتِ هذه المرّة من منظمات حقوقية يسارية، أن البناء في المستوطنات اتسع بشكل رهيب خلال الفترة القليلة الماضية.


تصريحات نتنياهو بشأن الاستيطان خادعة بينما سياسته على أرض الواقع سافرة وثابتة!
 

*نتنياهو يقول إن إخلاء مستوطنات هو أمر "مفروغ منه"، وبموازاة ذلك يعلن أنه لم يتعهد أمام الرئيس الأميركي بتجميد الاستيطان* مستشرق إسرائيلي يقترح تواصلاً جغرافياً للدولة الفلسطينية العتيدة... تحت الأرض!*

وقد أعلن نتنياهو، في مقابلات أجرتها معه وسائل إعلام إسرائيلية خلال زيارته للولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، أن "الحاجة إلى إخلاء مستوطنات كجزء من اتفاق سلام مستقبلي هو أمر مفروغ منه". وأضاف في إحدى هذه المقابلات التي أجرتها معه القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي أنه "من الواضح أن قسما من المستوطنات لن يشمله الاتفاق، وكل واحد يفهم ذلك، وسأهتم بأن يكون هذا الأمر مقلصا جدا قدر الإمكان. ولن أتخلى عن أي أحد".

بالإمكان الاستنتاج أن تصريحات نتنياهو حول الاستيطان مخادعة عندما يقول إن إخلاء مستوطنات هو أمر "مفروغ منه". إذ إنه من الجهة الثانية، نقلت الإذاعة العامة الإسرائيلية عن نتنياهو قوله للصحافيين الإسرائيليين خلال عودته إلى إسرائيل، يوم الجمعة الفائت، إنه امتنع عن التعهد أمام الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في أثناء لقائهما في البيت الأبيض، بتجميد البناء في المستوطنات. وأضاف نتنياهو أنه سيرفض أي اتفاق مع الفلسطينيين "لا يستجيب لاحتياجات إسرائيل ويشكل خطرا على أمنها حتى لو جرت محاولة لفرض اتفاق كهذا على إسرائيل". ورفض احتمال تنفيذ انسحاب أحادي الجانب من مناطق في الضفة الغربية في حال فشل المفاوضات، وقال إنه لا يفضل هذه الإمكانية وأن "الانسحابات الأحادية الجانب [من جنوب لبنان وقطاع غزة] لم تبرر نفسها ولم توفر استقرارا أمنيا" لإسرائيل.

واعتبرت تحليلات إسرائيلية أن نتنياهو ربما يعمل على تهيئة الإسرائيليين لاحتمال إخلاء مستوطنات، لكن مواقفه الأساسية- مطالبة الفلسطينيين بالاعتراف بيهودية إسرائيل ورفض مطلق للانسحاب من القدس الشرقية وتجميد الاستيطان- تشكل عقبة جدية للغاية أمام إمكان تقدم المفاوضات.

وقال نتنياهو إن "القدس يجب أن تبقى موحدة تحت سيادة إسرائيلية". وفيما يتعلق بتجميد الاستيطان، اعتبر "أننا مررنا بتجميد واحد ورأينا أن هذا الأمر لا يحقق نتائج. هل نتج عن ذلك شيء؟"، في إشارة إلى تجميد بدء تنفيذ أعمال بناء خلال فترة امتدت من تشرين الثاني 2009 وحتى أيلول 2010. لكن أعمال البناء التي تم البدء بها قبل هذا التاريخ استمرت. أي أنه لم يكن هناك تجميد كامل، على عكس الرواية الإسرائيلية في هذا الموضوع.

ارتفاع حجم البناء الاستيطاني بأضعاف مضاعفة!

قبل ساعات قليلة من لقاء أوباما ونتنياهو في البيت الأبيض، يوم الاثنين من الأسبوع الماضي، نشر مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي معطيات حول أعمال البناء التي تم البدء بتنفيذها خلال العام 2013 الفائت. وتبين منها أن حجم هذه الأعمال في المستوطنات في الضفة الغربية قد ارتفع بنسبة 123 بالمئة قياسا بأعمال البناء التي تم البدء بتنفيذها في العام 2012. كذلك فإن أعمال البناء التي تم البدء بتنفيذها في المستوطنات في القدس ارتفعت.

وتفيد هذه المعطيات الرسمية الإسرائيلية بأنه خلال العام 2013 بدأت إسرائيل ببناء 2534 وحدة سكنية جديدة في المستوطنات في الضفة الغربية، بينما بدأت ببناء 1133 وحدة سكنية جديدة خلال العام 2012.

وأشار مكتب الإحصاء المركزي إلى أنه في العام 2013 تم البدء ببناء 3432 وحدة سكنية في القدس مقابل 2468 وحدة سكنية تم البدء ببنائها في العام 2012. والجدير بالذكر أن المؤسسات الرسمية الإسرائيلية تتعامل مع القدس الشرقية على أنها جزء من القدس بشكل عام ولا تشير إلى حجم البناء في المستوطنات في القدس الشرقية بشكل خاص، إلا إن الغالبية الساحقة من أعمال البناء في المدينة يتم تنفيذها في المستوطنات وتكاد لا تنفذ أعمال بناء في القدس الغربية.

واعتبر نتنياهو في تصريح لدى وصوله إلى واشنطن أنه "في أي حال من الأحوال لكي نتوصل إلى اتفاق، يجب أن نحرص على حماية مصالحنا الحيوية، وقد أثبتت بأنني أقوم بذلك رغم كل الضغوط ورغم جميع الاهتزازات وسأواصل القيام بذلك هنا أيضا". وكان نتنياهو يشير بذلك إلى مواقفه المتعنتة تجاه الاستيطان ورفضه الانسحاب من غور الأردن ومناطق أخرى من الضفة الغربية.

"تصريحات نتنياهو تناقض الواقع"

في مستهل لقائه مع أوباما، ادعى نتنياهو أن "خلافا للاعتقاد السائد، فإنه خلال العشرين عاما الماضية نفذت إسرائيل ما يتعين عليها تنفيذه. ولأسفي، فإن الفلسطينيين لم يفعلوا شيئا". وقال نتنياهو الأمر نفسه في خطاب ألقاه في اليوم التالي أمام المؤتمر السنوي للجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية - "إيباك".

ولفتت صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها يوم الأربعاء الماضي، إلى أن أقوال نتنياهو هذه "تناقض الواقع: فخلال العشرين عاما الماضية تم بناء أكثر من 100 مستوطنة جديدة في الضفة، وأضيفت حوالي 40 ألف وحدة سكنية جديدة - وهذا لا يشمل شرقي القدس - وعدد المستوطنين ارتفع من 110 آلاف إلى 355 ألفا" [ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن معطيات دائرة تسجيل السكان الإسرائيلية تفيد بأن عدد المستوطنين في الضفة الغربية من دون القدس بلغ 375 ألفا بحلول نهاية العام 2013].

وحول المعطيات التي نشرها مكتب الإحصاء، قالت "هآرتس" إن بناء إسرائيل 2534 وحدة سكنية جديدة في المستوطنات، العام الماضي، هدفه إفشال جهود وزير الخارجية الأميركي جون كيري من أجل تحقيق تسوية بين إسرائيل والفلسطينيين.

وشددت الصحيفة على أنه "ليس لدى الحكومة [الإسرائيلية] الحالية أي نية للتوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين. والحكومة التي تنوي إخلاء مناطق لا تواصل البناء فيها، وبالتأكيد ليس بوتيرة متسارعة كهذه. وليست هناك خطوة مستفزة وتثير غليان الفلسطينيين أكثر من الاستمرار في البناء في المناطق [المحتلة]، وكأنه لا تجري مفاوضات سياسية أبدا، بهدف دفعهم نحو تفجيره". ورأت الصحيفة أن "مواطني إسرائيل يدفعون وسيدفعون ثمن سياسة الحكومة".

حل مشكلة السكن بواسطة البناء في المستوطنات

أشار ياريف أوبنهايمر، السكرتير العام لحركة "السلام الآن" المناهضة للاحتلال والاستيطان، لدى تناوله معطيات مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، إلى تركيبة حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة.

وكتب أوبنهايمر في مقال نشره في موقع "يديعوت أحرونوت" الالكتروني، يوم الثلاثاء الماضي، أنه "عندما اختار رئيس الحكومة نتنياهو إيداع حقيبة البناء والإسكان في يد عضو الكنيست أوري أريئيل [من حزب "البيت اليهودي" وأحد قادة المستوطنين]، كان يعلم أنه إضافة إلى الضرر السياسي فإن الحديث يدور حول وزير ينتمي إلى قطاع ملتزم بالأساس تجاه الجمهور القاطن وراء الخط الأخضر. واختيار أريئيل قضى على سوق السكن في إسرائيل، إذ يثبت مرور عام على حكومة نتنياهو أنه لم يتم وضع حل لضائقة السكن، طالما أن الحديث يدور حول إسرائيل التي في داخل الخط الأخضر".

ورأى أوبنهايمر أن معطيات مكتب الإحصاء "تعرض صورة واضحة ولا لبس فيها. وهي أن حكومة إسرائيل تُعنى بأزمة السكن بالأساس بواسطة زيادة البناء وراء الخط الأخضر، وفي موازاة ذلك تم تسجيل تباطؤ في البناء في منطقة تل أبيب. والمعطى الأهم هو القفزة غير المسبوقة لبدء أعمال البناء في المستوطنات بنسبة 123 بالمئة قياسا بالعام 2012".

وأردف أنه "لا النقب ولا الجليل، لا حيفا ولا القدس حظيت بقفزة هامة كهذه في بدء أعمال البناء، والوضع جامد وعالق في معظم هذه المناطق. وحتى أنه ازداد سوءا في تل أبيب. فخلال العام 2013 تم تسجيل انخفاض مقلق بنسبة 19 بالمئة في البدء بأعمال بناء فيها، الأمر الذي رفع تكاليف السكن في كل وسط إسرائيل ويؤثر في الأسعار على المستوى القطري أيضا".   

وأضاف أوبنهايمر أنه "إذا تمعنا بعمق بالإمكان أن نكتشف أنه في العام الحالي زادت الحكومة مبادرات البناء في المستوطنات بعشرة أضعاف تحت عنوان ’البناء بمبادرة عامة’ وبنت بنفسها حوالي 1161 وحدة سكنية. وإذا قارنا عدد السكان الذين يقطنون في المستوطنات وكمية البناء عموما مع كمية البناء العام خصوصا، سنجد أن الفجوات هائلة بين حجم البناء داخل حدود الخط الأخضر وحجم البناء في المستوطنات".

وتابع أن "بالإمكان ترجمة الأرقام والمعطيات بسطر واحد واضح، هو أن الحكومة تحاول حل ضائقة السكن في إسرائيل تحت إشراف وزير الإسكان من خلال زيادة العرض وراء الخط الأخضر. وحتى من لا يوافق على أيديولوجية الاستيطان ولكنه بحاجة إلى حل سكني رخيص وبالإمكان الحصول عليه، سيضطر إلى الانتقال شرقا والانصياع مرغما للمشروع الاستيطاني".

وأشار أوبنهايمر إلى أن وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون، وهو بنفسه مستوطن، يوقع على كافة مشاريع البناء في المستوطنات من دون اعتراض، وإلى حقيقة أن رئيس مجلس المستوطنات السابق، بنتسي ليبرمان، يتولى حاليا منصب رئيس إدارة "دائرة أراضي إسرائيل"، وأن قائد المستوطنين، بنحاس فالرشتاين، يتولى حاليا منصب مركّز "مديرية تطوير النقب والجليل"، كما أشار إلى تعاون الحكومة مع مدير عام شركة "أمانا" زئيف حيفر المتخصصة بالبناء الاستيطاني، وأكد الكاتب أن كل هذه الحقائق تسهل على الوزير أريئيل تحويل الضفة الغربية إلى "بلاد الإمكانيات غير المحدودة". 

وشدد أوبنهايمر على أن "البناء في المناطق لا ينحصر في الكتل الاستيطانية ويلاحظ أنه في أية مستوطنة معزولة في عمق الضفة - من [مستوطنة] هار براخا قرب نابلس وحتى [مستوطنتي] تقواع ونوكديم- ثمة آليات عمل تعمل بجدٍ وحتى أن البناء في مستوطنات معينة لا يتوقف في يوم السبت. ولم تغب مكانة البؤر الاستيطانية العشوائية، حيث سجلت أعمال بناء كبير في الشهور الأخيرة، وتسعى الحكومة إلى شرعنتها الآن".

ورأى أوبنهايمر أن الفلسطينيين محقون في مطلبهم بتجميد الاستيطان لأنه "من دون تجميد البناء بشكل فعلي، فإن المستوطنات ستستمر في الاتساع بصورة دراماتيكية. وإلى أن يتوصل الجانبان إلى اتفاق بعد عدة سنوات، قد نكتشف أن الانفصال إلى دولتين أصبح مستحيلا. ويهتم المستوطنون بأن يذكروا طوال الوقت أن الوضع اليوم غير قابل للتغير ويسعون في الوقت نفسه إلى زيادة وتكثيف وتيرة البناء في المستوطنات أكثر".

واعتبر أوبنهايمر أن "تغيير تركيبة الائتلاف وتغيير وزير الإسكان سيعود بالفائدة مباشرة على تحسين الأجواء والثقة أمام الفلسطينيين وسيساعد على دفع العملية [التفاوضية] بشكل ملموس. لكن عدا ذلك، فإن تغيير الوزير أريئيل بوزير رسمي ولا يمثل قطاعا معينا سيمنح فرصة حقيقية لتحسين أوضاع السكن في إسرائيل".

 

دولة تحت الأرض!

في ضوء النقاش داخل إسرائيل حول الاستيطان والمستوطنين ومصير هذا المشروع في حال التوصل إلى تسوية للصراع، طرح المستشرق الإسرائيلي والمتخصص في موضوع الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، الدكتور يحيئيل شابي، العضو في حزب الليكود الحاكم، فكرة إقامة دولة فلسطينية تحت الأرض، أو تحقيق تواصل جغرافي للدولة الفلسطينية تحت الأرض، فيما تواصل إسرائيل مشروعها الاستيطاني وربطها بالمستوطنات تحت الأرض أيضا!

واعتبر شابي في مقال نشره في موقع "واللا" الالكتروني يوم الأربعاء الماضي، أنه "يبدو للوهلة الأولى أنه لا يمكن تسوية المطلب الفلسطيني بالحفاظ على تواصل في السيادة بين جنوب وشمال الضفة في مقابل المطلب الإسرائيلي بالحفاظ على مناطق إي 1 [بين القدس الشرقية وأريحا]. إلا أن تواصلا بواسطة أنفاق بإمكانه أن يجسر الفجوة".

وأضاف أن "الصعوبة الكامنة في التنازل عن أقاليم من الوطن تعرقل التوصل إلى حل، خاصة وأن الطموح المركزي هو إقامة دولة فلسطينية ذات تواصل جغرافي ناجع"، معتبر أن الاستيطان هو أمر شرعي وأن "المعارضة المركزية للولايات المتحدة والأوروبيين للبناء الإسرائيلي في منطقة إي 1 المحاذية [لمستوطنة] معاليه أدوميم نابعة من التخوف من أن هذا الأمر قد يشكل خطرا على قدرة التنقل بين البلدات الفلسطينية المنتشرة في الضفة، والمس بالتواصل الجغرافي لدولتهم العتيدة".

وتابع أن "الصراع على الأرض هو صراع وجودي بالنسبة إلى المجموعتين القوميتين في أرض إسرائيل، لأن سيطرة أحد الجانبين على الأرض تمنع بالضرورة سيطرة الجانب الثاني عليها. ومن هنا، فإن الصعوبة المركزية التي تمنع التوصل إلى نهاية الصراع، ألا وهي والتنازل عن الأرض، بالإمكان حلها فقط بواسطة السيطرة على الأرض. كيف؟ سيتم التوصل إلى حل بواسطة إقامة شبكة أنفاق وجسور ومفارق طرق تربط بين الكتل الاستيطانية والبلدات اليهودية المركزية المنتشرة في الضفة [أي المستوطنات]، وبصورة مشابهة بين المدن الفلسطينية وبناتها [القرى المحيطة بها]. وبذلك ، سيطالب الجانبان بالتنازل عن نقاط سكانية قليلة ومعزولة فقط من خلال ضمها إلى الدولة الثانية".

ومضى شابي أنه "على غرار إقامة الأنفاق التي تخدم انتقال المستوطنين اليهود، وتربط بين معاليه أدوميم والقدس، وبين مستوطنات غوش عتصيون والقدس، بالإمكان شق أنفاق وجسور ومفارق طرق تربط بين البلدات الفلسطينية. فالواقع في مناطق الضفة هو أنه بين الكتل الاستيطانية ذات الأغلبية العربية تنتشر كتل ذات أغلبية يهودية".

ورأى الكاتب أن على نتنياهو "الذي يسعى إلى الربط بين الأطراف ووسط إسرائيل، بواسطة شبكة شوارع ومفارق طرق، أن يسوّق الفكرة بصورة مشابهة في مناطق الضفة، من أجل التوصل إلى حل دائم للصراع".

وأشار شابي إلى أن إخلاء مستوطنين هو أمر "مستحيل في الضفة"، لأن "العلاقة بين الإسرائيليين وبين يهودا والسامرة أعمق من علاقتهم مع قطاع غزة، فضلاً عن أن الصعوبة الكامنة في إقامة بلدات جديدة للذين سيتم إخلاؤهم ودفع تعويضات والتخوف من حرب أهلية، ستحبط حلا كهذا". ولذا فإن "الحل الذي يتعين على وزير الخارجية الأميركي جون كيري السعي إليه هو إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح وتربط بين أجزائها شبكة مخطط لها جيدا من الشوارع والأنفاق والجسور ومفارق الطرق".

وتساءل شابي: "من قال إن الدولة بحاجة إلى تواصل جغرافي يستند إلى شوارع وليس إلى تواصل في التنقل كهذا أو ذاك يطرح حلولا بالوصول من مكان إلى آخر بواسطة أنفاق أو جسور. هل تم الربط بين ألاسكا والولايات المتحدة بواسطة ممر آمن يقطع الأراضي الكندية؟ هل تم ربط جزر هاواي مع الولايات المتحدة؟ هل تم ربط إيرلندا الشمالية بالأراضي البريطانية؟ هل ثمة عيب في السيادة البريطانية أو الأميركية هناك؟ لا، أبدا".

واستطرد "إذا كان التواصل الجغرافي مهماً جدا للفلسطينيين، لماذا إذن في الإمكان برأيهم الربط بين مناطق القطاع ومناطق يهودا والسامرة بواسطة أنفاق تحت الأرض أو ’ممر آمن’، وليس في الإمكان القيام بذلك بين المناطق التي يسكنها الفلسطينيون في أراضي الضفة الغربية؟".

واعتبر شابي أن "حلا مبتكرا فقط لا يلزم إسرائيل بإخلاء مناطق واسعة، ويتطلب من الفلسطينيين الموافقة على وجود مستوطنين في مناطق الضفة، سيكون قابلا للتطبيق. ويبدو أن الأنفاق والجسور من شأنها أن تجسر الفجوات. ومثلما يعمل الأميركيون على إيجاد حلول لحراسة الحدود الخارجية، مع التشديد على غور الأردن، فإن عليهم أن يطرحوا أفكارا مبتكرة أيضا بشأن ضمان أمن المعابر بين الكتل المأهولة... والمطلوب هو أن ترسم إسرائيل خريطة جسور وأنفاق ومفارق طرق، وبذلك تتجاوز مطبات وعقبات، وتمنع تأخيراً في طريق الوصول إلى نهاية الصراع على أساس دولتين واقعيتين للشعبين".

 

هذا التقرير ممول من قبل الاتحاد الأوروبي

"مضمون هذا التقرير هو مسؤولية مركز "مدار"، و لا يعبر بالضرورة عن آراء الاتحاد الاوروبي"