أثبتت ردات الفعل في إسرائيل ولا سيّما من طرف رئيس الحكومة يائير لبيد على التقرير الصادر عن مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، أنها تتأثر بالمواقف التي تتخذها الأسرة الدولية حتى في ظل الأوضاع العالمية والإقليمية الراهنة والتي تُعتبر فيها سياستها العامة أكثر قبولاً من ذي قبل، كما تؤكد مؤشرات كثيرة.
لا شك في أن مُجرّد وجود إسرائيل في خضم معركة انتخابية يُعتبر كل صوت فيها مُهماً جدّاً، يعدّ سبباً وجيهاً كفايته لاعتبار الخطاب الذي ألقاه رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لبيد أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخراً، وأعلن في سياقه تأييده "حل الدولتين" للصراع مع الفلسطينيين، يندرج ضمن حملة دعائية يقوم بها حزبه ("يوجد مستقبل"). كما أن ردّات الفعل على الخطاب وعلى تأييد "حل الدولتين"، من جانب اليمين الإسرائيلي عموماً ومن جانب حزب الليكود ورئيسه بنيامين نتنياهو تحديداً، لا يبتعد عن هذه الغاية، وبالأساس حين يُحمّل هذا التأييد أكثر مما يحتمل.
قال تقرير نشره موقع "إزرائيل ديفينس" الإلكتروني المتخصّص في الشؤون الأمنية، يوم 6 تشرين الأول الحالي، إن النتائج المهولة للهجوم الذي شنته روسيا بواسطة طائرات مُسيّرة من دون طيّار إيرانية على بلدة بيلا تسيركفا في أوكرانيا ينبغي أن تقضّ مضاجع إسرائيل.
تزداد في الآونة الأخيرة المؤشرات التي تفيد بأن إسرائيل تعتبر من إحدى الدول الأكثر غلاء في العالم، ما يفاقم الضائقة الاقتصادية التي تعاني منها الشرائح الفقيرة بالأساس. ولعل أخيرها هو مؤشر معهد "بانلز بوليتيكس" الذي نستعرضه في مكان آخر (راجع مقال هشام نفاع)، وقد بيّن، من ضمن أمور أخرى، أن غلاء المعيشة يشكّل أحد أبرز مصادر القلق لدى الإسرائيليين بل وحتى أكثر من مترتبات الصراع مع الفلسطينيين في الأراضي المحتلة منذ 1967 وفي مقدمها ما يوصف بـ"عمليات الإرهاب"!
يصادف هذه الأيام مرور عقد على حدثين ليس مبالغة القول إنهما أثّرا في المصير الذي آلت إليه المؤسسة الأكاديمية الإسرائيلية في الوقت الحالي. الحدث الأول هو محاولة مجلس التعليم العالي إغلاق "قسم السياسة والحكم" في جامعة بن غوريون في بئر السبع، والتي باءت بالفشل في نهاية المطاف. والحدث الثاني هو تحويل المركز الأكاديمي في مستوطنة أريئيل إلى جامعة إسرائيلية معترفٍ بها على الرغم من كونها قائمة في أرض محتلة (الضفة الغربية) بموجب القانون الدولي.
حتى وإن اختلف المحللون في إسرائيل على تسمية ما يحدث في أراضي الضفة الغربية في الفترة الأخيرة على خلفية تصاعد الاشتباكات والعمليات المسلحة، ولا سيما في مناطق الشمال، وهل هي انتفاضة جديدة، الثالثة من حيث تسلسلها الزمني بعد انتفاضتي 1987 و2000، أو فترة تصعيد مرحلية، أو موجة عمليات فردية تغذّي بعضها البعض ثم ما يلبث بريقها أن يخبو، أو.. أو... إلخ، فإنهم لا يختلفون فيما بينهم على أنه من غير الممكن استمرار الوضع القائم في الأراضي المحتلة منذ 1967، وبالأساس من طرف الفلسطينيين وقواهم السياسية على شتى أطيافها.
الصفحة 14 من 45