صادق الكنيست الاسرائيلي بالقراءة الأولى، يوم 13 آذار 2023، على إلغاء بنود مُتضمنة في ما يعرف باسم "قانون الانفصال (فك الارتباط) الأحادي الجانب عن قطاع غزة و4 مستوطنات في شمال الضفة الغربية"، وذلك بعد 18 عاماً على إقراره في العام 2005
من المؤكد أن المهتمّ بإرهاب المستوطنين في الأراضي المحتلة منذ 1967 سيلاحظ، مثلما نوهنا في ختام كلمة الأسبوع الفائت (6/3/2023)، أنه تجري داخل صفوفهم مؤخراً تحوّلات تنطوي أيضاً على صراعات تشي جهاراً بأن قياداتهم الجديدة أشدّ تطرّفاً وتدّيناً من قيادات سابقة لهم تُعتبر متطرّفة بدورها.
يمكن القول من دون مبالغة إنه في سياق حوصلة ما شهدته بلدة حوارة من إرهاب قام به مستوطنون إسرائيليون في أراضي 1967، ازدادت على نحو ملحوظ الأصوات في إسرائيل التي باتت ترى الأمور كما هي ولا سيما في المحور الذي يحيل إلى دلالة العلاقة بين السبب والنتيجة، ناهيك عن تسمية الأمور بمسمياتها الحقيقية من دون التحايلات المعهودة أو التلاعب بالعقول.
يرتبط أحد جوانب تعامل إسرائيل مع إيران وبرنامجها النووي ومشروعها الإقليمي بما يحيل في كثير من الأحيان إلى دلالة الفزّاعة، وخصوصاً في أوقات احتدام الخلافات الداخلية. ومع أن تواتر الحديث حول إيران في الفترة الأخيرة فيه ما يشير أيضاً إلى هذه الدلالة، على خلفية حملة الاحتجاجات المستمرة على خطة الحكومة الإسرائيلية الحالية الرامية إلى إضعاف الجهاز القضائي، إلا إنه لا يجوز عدم قراءة المخاطر المستجدة من أحدث المواقف الإسرائيلية إزاء هذه المسألة، وفي مقدمها خطر إقدام إسرائيل على خطوات عسكرية منفردة بعيدة المدى.
ثارت في الأسبوع الماضي وعلى خلفية تعيين عضو الكنيست دافيد أمسالم من حزب الليكود في ثلاثة مناصب وزارية في حكومة بنيامين نتنياهو السادسة (هي: وزير ثانٍ في وزارة العدل، ووزير التعاون الإقليمي، والوزير المسؤول عن التنسيق بين الحكومة والكنيست)، قضية الصراع الطائفي بين اليهود الأشكناز والشرقيين في إسرائيل، إذ جاء تعيين أمسالم بعد أن شنّ هجوماً حادّاً على نتنياهو اتهمه فيه بتفضيل الأشكناز في تولية المناصب الوزارية المهمة والتمييز ضد الشرقيين بالرغم من كون الأغلبية الساحقة من المصوتين لليكود على مدار معارك الانتخابات كافة يهوداً شرقيين. وكان أمسالم أعرب كذلك عن استيائه من نتنياهو خلال مقابلات صحافية أدلى بها مؤخراً، وحمّله مسؤولية عدم تعيينه رئيساً للكنيست، بحجة أنه سيقوم بتصفية الحسابات مع المعارضة. كما أشار إلى أن اليهود الشرقيين الذين ينتمي إليهم يشكلون 70 بالمئة من الليكود، واعتبر أنهم تعرّضوا للإهانة من جرّاء عدم تعيينه في منصب رفيع. وعلى أعتاب أداء الحكومة الحالية اليمين الدستورية، كتب في تغريدة نشرها في حسابه الخاص على موقع "تويتر": "لسوء الحظ، هذا هو الثمن الذي تدفعه في مقابل الولاء والالتزام بالمبادئ."
قبل أكثر من 10 أعوام صدر للأستاذ الجامعي الإسرائيلي عامي بداتسور عن منشورات جامعة أكسفورد كتاب بعنوان "انتصار اليمين المتطرّف في إسرائيل". ووفقاً لهذا الكتاب، فإن الانتصار المذكور كان من نصيب "يمين متطرّف جديد" يتسّم، كما يقول المؤلف، بعدة خصائص أبرزها ما يلي: 1- "وطنيّة متطرفة" ترى أن دولة إسرائيل يجب أن تكون لليهود وفقط لهم؛ 2- سلطوية من ناحية رؤية ماهية الحكم واعتبار الدولة والزعيم السلطة الأعلى وعلى باقي السلطات الانسجام مع توجهاتهما؛ 3- شعبوية. ومع أن المؤلف يقرّ بأن كل واحدة من هذه السمات الثلاث رافقت الحركة الصهيونية ومجتمع دولة إسرائيل على مرّ الأعوام، وتجسّدت في أشكال مختلفة ووسط أجزاء متعدّدة من ذلك المجتمع، إلا إنه في الوقت عينه يشير إلى أن اجتماعها معاً هو ما بات يميّز اليمين المتطرّف الجديد الذي أصبح جالساً على سدّة الحكم في إسرائيل.
الصفحة 11 من 45