في 8/04/2024 كتبت المحاضرة في جامعة تل أبيب، عنات مطر، رثاءً للأسير الشهيد وليد دقّة على صفحتها في فيسبوك. وسرعان ما حُرّضت الجامعة كي تفصل المحاضِرة، ووصل التحريض من طلاب الجامعة وجامعات أخرى وأساتذة جامعيين، إلى درجة طلب "فحص الشرطة التحقيق مع المحاضِرة"، بالإضافة لمكتوب رسميّ من وزير التربية يوآف كيش، مفاده "توقّع" الوزير أن يستخدم رئيس جامعة تل أبيب جميع سلطاته وأشدّها فعاليّةً، وبأسرع وقت، ضد المحاضِرة. في الواقع، لم تقدم رئاسة الجامعة على فعل شيء، أو استخدام أي إجراء فعّال ضد البروفسور مطر، واكتفت باستنكار المنشور. وأكثر من ذلك، أرسل رئيس الجامعة مكتوباً إلى الوزير آنف الذكر، وأرسله أيضاً إلى طلاب جامعة تل أبيب، تحت عنوان "أوقف التحريض على جامعة تل أبيب". ومفاد المكتوب أن حريّة التعبير عن الرأي في إسرائيل تسمح للمواطنين بالإدلاء بآرائهم حتى لو كانت متعارضة مع رأي الوزير، بالإضافة للتأكيد على أن الأكاديميا الإسرائيلية تعيش في أسوأ أيّامها على المستوى الدولي، وأن المؤسسات الإسرائيلية تصطدم بالمقاطعة على ضوء الحرب في أماكن كثيرة في العالم، وبالتالي يجب الانشغال في مواجهة هذه المسألة، وليس التحريض على المؤسسات الأكاديميّة 'من داخل البيت'، أو الدفع بممارسات تضرها.
لم تصل مسألة تجنيد الشبان الحريديم طلاب المدارس الدينية، على امتداد السنوات العديدة التي شكلت فيها موضع خلاف حاد، سياسي واجتماعي، بين بعض الأوساط العلمانية، من جهة، والمجتمع الحريدي من جهة أخرى، إلى ما وصلت إليه هذه الأيام من احتدام لم يعد يشكل تهديداً لمساومات وتحالفات سياسية، كما في السابق، فحسب، بل أصبح يشكل خطراً ملموساً يحدق بوحدة المجتمع الإسرائيلي ـ اليهودي، تماسكه وتعاضده بعد أن شهدت هذه كلها واحدة من أعلى ذراها في تاريخ دولة إسرائيل عقب السابع من تشرين الأول/ أكتوبر وحتى الأسابيع الأخيرة، التي تكثف فيها الحديث وتصاعدت حدته بشأن الحاجة الماسة إلى قوى بشرية ترفد صفوف الجيش الإسرائيلي ووحداته المختلفة في ضوء الخسائر البشرية الكبيرة جداً التي تكبدها من بين جنوده وضباطه، بين قتلى ومصابين لم يعودوا قادرين على العودة إلى تأدية الخدمة العسكرية، جراء إصاباتهم الجسدية أو النفسية، وحيال تصاعد احتمالات اندلاع حرب محتملة وشيكة على الحدود الشمالية مع لبنان في ضوء حالة الإرهاق والغضب الشديدين اللذين يسودان بين جنود وضباط الاحتياط. وهو ما دفع الحكومة الإسرائيلية إلى الإعلان عن عزمها على إجراء تعديل قانوني سريع يقضي بتمديد فترة الخدمة العسكرية في الاحتياط من جهة، وما دفع رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال هرتسي هليفي، إلى الإعلان عن حاجة الجيش الفورية إلى بضعة آلاف من المجندين الجدد.
نظّم الكنيست الإسرائيلي مطلع الشهر الجاري ما أسماه "اليوم الخاص من أجل ترميم وإعادة بناء البلدات الشمالية"، تخللته جلسات ومناقشات في مختلف لجان الكنيست. وتحضيراً لذلك، أجرى معهد الأبحاث والمعلومات في الكنيست دراسة تلخيصية جمعت المعطيات والبيانات الرسمية المسجلة والمعتمدة عن السكان الذين تم إجلاؤهم من الشمال، كجزء من قرار الحكومة رقم 975: "خطة عمل وطنية لتنفيذ إخلاء سكان القطاع الشمالي (0-5 كم من الحدود) واستيعابهم (18 تشرين الأول/أكتوبر 2023)". بالإضافة إلى هؤلاء السكان تطرقت الدراسة أيضاً إلى جوانب عدّة تتعلّق بالسكان الذين غادروا بلداتهم بشكل مستقل عن خطط الإخلاء التي وضعتها الدولة. ويشير واضعو الدراسة إلى أن جزءاً من المعلومات الواردة فيها يستند إلى دراسات سابقة كتبها باحثو مركز الأبحاث والمعلومات في الكنيست، وتنوّه إلى أنها "ليست مراجعة شاملة للموضوع، من جميع جوانبه".
أعلن الوزيران في "كابينيت الحرب" الإسرائيلي بيني غانتس وغادي أيزنكوت أمس الأحد (9/6/2024) استقالتهما من حكومة الطوارئ الإسرائيلية التي أقيمت بعد اندلاع الحرب على غزة يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وهي خطوة كانت مُقرّرة بالنسبة إلى غانتس منذ يوم السبت الماضي، لكنه أجّلها على خلفية قيام الجيش الإسرائيلي باستعادة 4 مخطوفين إسرائيليين محتجزين في قطاع غزة، وهم أحياء.
الصفحة 24 من 859