"هذا ليس نقاشاً بين اليمين مقابل اليسار، الحريديم مقابل العلمانيين، لكنّه نقاش يتمحور حول مجرد وجود دولة إسرائيل"- هكذا يقول بصورة جازمة عالِم الاقتصاد الإسرائيلي دان بن دافيد وهو يتحدث عن النقاش الواسع الذي يجري اليوم بين أوساط أكاديمية ـ ثقافية ـ فكرية مختلفة في دولة إسرائيل وفي مركزه "الأزمة الهوياتية والاجتماعية التي تعتبر من الأشد خطراً التي تمرّ بها تاريخها"، وخصوصاً على خلفية المعطيات التي يجري تداولها بشأن عدد الإسرائيليين الذين يهاجرون من البلاد (ضمن ما يسمى، إجمالاً، بظاهرة "النزول" ـ المعاكسة لـظاهرة "الصعود"، أي "الهجرة اليهودية إلى دولة إسرائيل")، والتي رغم كونها معطيات غير رسمية وغير دقيقة تماماً، فإنها تؤشر بصورة واضحة جداً إلى أن ظاهرة "النزول" قد شهدت ـ ولا تزال ـ ارتفاعاً ملحوظاً في وتيرتها واتساعاً لافتاً في نطاقها خلال السنة الأخيرة بالذات، والأشهر الأخيرة منها على وجه التحديد.
تمت الموافقة الأسبوع الماضي على ميزانية الدولة الإسرائيلية العامة للعام 2025، وذلك في اجتماع الحكومة برئاسة رئيسها بنيامين نتنياهو، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش. وخلال الاجتماع، أعرب نتنياهو عن امتنانه للوزراء والمسؤولين الذين بذلوا جهوداً كبيرة لإعداد الميزانية، ووصفها بأنها "ميزانية مهمة، صعبة، لكنها ضرورية في عام الحرب".
إجماع كتل الائتلاف ومعها كتل المعارضة الصهيونية في الكنيست، في الأسبوع الماضي، على قانون حظر عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، "الأونروا"، التابعة للأمم المتحدة، في المناطق الخاضعة لما تسمى "السيادة الإسرائيلية"، وهنا القصد القدس الشرقية المحتلة، وما ألحق بها من بلدات ومخيمات بعد احتلال العام 1967، يؤكد أن هذا الإجراء أبعد من مجريات الحرب على قطاع غزة،ومزاعم مشاركة عدد قليل من عاملي الوكالة في أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، بل هو استغلال لما حدث، كي يتم تطبيق مشروع سياسي قائم منذ سنوات طويلة، وبلوره معهد تابع للوكالة الصهيونية، يقضي بإنهاء وجود وكالة "الأونروا"، بزعم أن وجودها، من زاوية رؤية إسرائيل والحركة الصهيونية، "يخلّد اللجوء الفلسطيني"، وبالتالي إبقاء القضية الفلسطينية.
الصفحة 26 من 880