اتخذت الحكومة الإسرائيلية القرار بشن حرب ضد لبنان بسرعة قياسية في أعقاب الهجوم الذي نفذه مقاتلو حزب الله ضد موقع زرعيت العسكري الإسرائيلي واختطاف جنديين إسرائيليين.
ونشرت صحيفة "هآرتس" يوم الأربعاء 26/7/2006 استعراضا لمجريات الحرب منذ اتخاذ القرار بشنها وحتى أمس مع مرور أسبوعين على بدايتها.
وكتب المحلل السياسي لـ"هآرتس"، ألوف بن، أن "القرار بشن حملة عسكرية واسعة في لبنان في 12 تموز اتخذ بسرعة قياسية".
وأضاف أن "رئيس الوزراء ايهود أولمرت قرر بصورة فورية تقريبا تنفيذ الرد العسكري الشديد وفي مساء اليوم ذاته (الذي نفذ فيه حزب الله هجومه) طرح على الحكومة خطة لهجوم جوي على منصات إطلاق صواريخ الكاتيوشا التابعة لحزب الله وعلى رموز حكومة لبنان وعلى رأسها مطار بيروت الدولي".
وأشار بن إلى أنه "تم القول للوزراء إن حيفا قد تتعرض لقصف وأن الحملة لن تكون لفترة قصيرة" وقد صادقت الحكومة على تنفيذ الهجوم الجوي بالإجماع.
وأفاد الكاتب بأن النائب الأول لرئيس الوزراء الإسرائيلي، شمعون بيريس، طرح سؤالا حول ما إذا كان لدى واضعي الخطط العسكرية فكرة عما سيحدث في المرحلة الثانية أو الثالثة أو الرابعة لكن هذا السؤال بقي دون جواب.
وبعد يومين قرر المجلس الوزاري المصغر المؤلف من 7 وزراء بتأييد 4 وزراء ومعارضة اثنين، هما وزيرة الخارجية تسيبي ليفني ووزير الأمن الداخلي آفي ديختر، قصف مقر حزب الله ومنزل أمينه العام حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية في بيروت "ما يعني تصعيدا آخر".
وتابع بن أن "القرار الاستراتيجي الثالث الذي لم يتم عرضه على الجمهور بالشكل المناسب يتعلق باجتياح قوات برية لجنوب لبنان".
وأشار بن إلى أن "الانطباع الذي أثارته الحكومة والجيش في الأيام الأولى هو أن الحملة ستكون جوية ولن تكون هناك عودة إلى الوحل اللبناني، لكن بصورة تدريجية وبعدما اتضح أن الهجوم الجوي لم يعد كافيا اتسعت العمليات العسكرية البرية".
من جهة أخرى لفت بن إلى أن "النقص البارز في قرار الحكومة المتسرع كان انعدام وضوح الأهداف وهذه أيضا تغيرت خلال المعارك.
"فقد اتضح أن كسر روح حزب الله غير ممكن كما فشلت محاولة تصفية نصر الله كما أن قيادة الجيش اكتفت في الأيام الأولى بوضع هدف أقل طموحا ولا يمكن قياسه هو إضعاف حزب الله".
من جانبه كتب المحلل العسكري لـ"هآرتس"، زئيف شيف، أنه بعد انقضاء أسبوعين على اندلاع الحرب "يمكن القول إن إسرائيل لم تحقق غاياتها الأساسية وهي بعيدة عن حسم الحرب".
ولفت شيف إلى أن التصريحات التي أطلقها سياسيون وضباط في الجيش الإسرائيلي "أثارت انطباعا بأن أهداف إسرائيل تتغير وليست واضحة بما فيه الكفاية".
وأضاف أن "حزب الله يشن حرب استنزاف ضد إسرائيل ولا توجد أدلة على أن حدّة القتال قد خفّت لأن حزب الله يواصل إطلاق ما بين 80 إلى 100 صاروخ كاتيوشا باتجاه إسرائيل يوميا، كما أن حيفا وهي ثالث أكبر مدينة إسرائيلية تحولت إلى سديروت 2"، في إشارة إلى مدينة سديروت بجنوب إسرائيل التي تعرضت لهجمات مكثفة طوال عام مضى بصواريخ القسام الفلسطينية.
وقال شيف إنه على الرغم من القصف الإسرائيلي الشديد في لبنان فإنه لم يكن هناك مس جوهري في قدرة حزب الله العسكرية ولم يفقد الرغبة في القتال ومقاتلوه "يحاربون ولا يهربون".
وأشار شيف إلى أن "الحصار الجوي والبري والبحري الذي تفرضه إسرائيل على لبنان لمنع وصول أسلحة من سورية وإيران لحزب الله ليس محكما".
وأضاف أن "القصف الجوي الإسرائيلي سبب ألما لحزب الله لكن أيضا للبنان ولمواطنيه.
"واتضح ما كان يتوجب أن يكون معروفا منذ وقت طويل وهو أن القوة الجوية ليست كافية لوضع حد لتهديد الصواريخ وحزب الله تعلم من دروس الماضي ومن فشل إسرائيل مقابل صواريخ القسام في قطاع غزة".
وكتب المراسل العسكري لـ"هآرتس"، عاموس هارئيل، أن الحكومة الإسرائيلية تجاهلت تحذيرات الجيش حيال الوضع عند الحدود الإسرائيلية- اللبنانية قبل الحرب الذي وصفه الجيش بأن "غير محتمل".
رغم ذلك قال هارئيل إن الجيش لم يكن يتحدث عن الوضع في جنوب لبنان واحتمالات تنفيذ حزب الله هجمات لاختطاف جنود إسرائيليين "بصوت موحد".
وأضاف أنه "على الرغم من أنه لا يتوجب تجاهل إخفاقات الجيش، بدءا من الهجوم واختطاف الجنديين ومرورا بقصف البارجة ومقتل الجنود الإسرائيليين في المعارك مقابل حزب الله وتحطم ثلاث مروحيات حربية وانتهاء بتعرض دبابات للقصف، فإن الحرب البرية تؤدي إلى مقتل عشرات الجنود وبعضهم بنيران قواتنا تحت مجهر وسائل الإعلام التي تبث دون توقف".
وأشار هارئيل إلى أن "هذه الحرب لم تبدأ كعملية إسرائيلية خطط لها بل اندلعت في جبهة أولاها الجيش الإسرائيلي انتباها ثانويا".
وقال إن "النتيجة السائدة (في أوساط قيادة الجيش الإسرائيلي) من هذه الإخفاقات هي أن حزب الله لا يذل إسرائيل فحسب بل وينتصر".
وأضاف أن السؤال المركزي هو هل يحشد الجيش القوة اللازمة لمحاربة حزب الله أم لا.
وأشار هارئيل إلى أن هناك قضيتين أساسيتين لتتمكن إسرائيل من الانتصار في الحرب أو تحقيق إنجاز فيها، الأولى تتعلق بتوجيه ضربات مكثفة لحزب الله وقدرته العسكرية، والقضية الثانية هي وضع اتفاق سياسي قوي بعد انتهاء الحرب لمنع إيران من إعادة تسليح حزب الله.