المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.

يتفق الجميع في الساحة الإسرائيلية على صعوبة الوضع الذي وقع فيه رئيس الحكومة أريئيل شارون، في أعقاب الهزيمة التي مُني بها داخل حزبه والمتمثلة في رفض غالبية أعضاء مركز الحزب الموافقة على انضمام حزب "العمل" إلى ائتلاف حكومي برئاسة شارون. وعلى خلفية الواقع السياسي الصعب المستجد، توجهت الأنظار مجددا إلى الخيارات الائتلافية التي يمكن أن يلجأ إليها شارون، وإلى امكانية تنفيذ شارون لتهديده أعضاء حزبه بتقديم موعد الانتخابات في حال استمرارهم بعرقلة خطواته.


خيارات شارون الائتلافية:

يُجمع المراقبون على الحلبة السياسية- الحزبية في إسرائيل بوجود خيارات عدة متاحة أمام شارون لتشكيل حكومته الائتلافية، أجملتها صحيفة "هآرتس"، الجمعة، على النحو الآتي:


"ليكود ـ عمل ـ شينوي":
سيتجاهل شارون قرار مؤتمر الليكود وسيطلب من طاقم المفاوضات الخاص به، الاستمرار في التفاوض مع طاقم حزب العمل. وإذا ما استطاع الطاقمان تخطي مشكلة توزيع الحقائب، ونجحا في بلورة خطوط أساسيّة، تكون مقبولة من كلا الحزبين، عندها سيعمل شارون على ضم رئيس حزب العمل شمعون بيريس ورفاقه إلى حكومته. وسيحصل ذلك على افتراض أنه سيحصل على أغلبية في الكنيست بخصوص هذا الشأن. عندها سيضم الائتلاف 73 عضو كنيست (من الليكود، العمل وشينوي).


"ليكود ـ عمل ـ شينوي ـ يهدوت هتوراة":

يعتبر هذا الائتلاف الأوسع الذي يستطيع شارون إقامته، وهو يشمل 78 عضو كنيست. فبعد أن رفع الوزيران يوسي لبيد وابراهام بوراز معارضتهما المبدئية للجلوس في حكومة واحدة مع "يهدوت هتوراة"، سيكون ممكناً بلورة خطوط أساس، يقبل بها لبيد، كما عضوا الكنيست عن حزب يهدوت هتوراه، رابيتس وموشيه غفني. إلاّ أنّ فرص ذلك غير كبيرة على ضوء حقيقة ما أعلنته شينوي من أنّها لن تتنازل عن إلغاء "ميثاق الزوجية" وعن تعديل "قانون طال".


"ليكود ـ عمل ـ يهدوت هتوراة":
هذا الائتلاف سيغيّر بصورة ملموسة توجّه الحكومة الحاليّة، على الرغم من استمرار شارون كرئيس لها. وفي ضوء الهوّة السحيقة بين "شينوي" و"يهدوت هتوراه"، فستفشل الجهود المبذولة لجسر الفجوات بينهما، وعندها سيضمّ شارون حزب العمل ويهدوت هتوراه إلى الحكومة فيما يبقى شينوي خارجاً. وفي هذه الحالة سيصبح لبيد رئيساً للمعارضة. تشكيلة هكذا حكومة ستُرضي أعضاء من مركز الليكود وعدداً من الوزراء وأعضاء الكنيست الذين يعارضون انضمام العمل لوحده إلى الحكومة، في حين يؤيّدون انضمامه مع حزب حريدي.


"ليكود ـ شاس ـ يهدوت هتوراة ـ مفدال":
يلقى هذا الائتلاف معارضة العديد من قادة الليكود خشية أن "يعيد الحكومة إلى عهد نتنياهو، بسبب التنازلات المفرطة المتوقع تقديمها إلى الأحزاب الحريدية". كما أنّ تشكيلة ائتلافيّة كهذه، ستصد أي إمكانية للإسراع في تشريع القوانين الأساسية والدستور في إسرائيل، وذلك بسبب معارضة الحريديم الحازمة.


تقديم موعد الانتخابات
في حال فشل شارون في تشكيل ائتلاف حكومي وفقا للخيارات التي عُرضت، سواء كان هذا الفشل محصلة لرفض الجهات الحزبية المرشحة للائتلاف، وسواء جاء نتيجة لاعتقاد شارون أن الخيار الائتلافي المتاح لا يسمح له بتطبيق خطته ومشروعه السياسي، فلن يكون هناك من خيار سوى تقديم موعد الانتخابات للكنيست الإسرائيلية. لهذه الغاية، يشير الخبراء القانونيون في إسرائيل إلى أن تقديم موعد الانتخابات لا يمكن أن يتم إلا وفقا للآليات القانونية الآتية:

كي يتسنّى تقديم موعد الانتخابات في مشروع قانون خاصّ، لا بدّ من تمرير (في جميع القراءات) قانون لحل الكنيست وتقديم موعد الانتخابات. ولن يتمكن أي عضو كنيست من طرح مشروع قانون كهذا حتى شباط 2005، لأنه في شهر حزيران سقط مشروع قانون مماثل، في دعوة سابقة بادر إليها عضو الكنيست عبد الملك دهامشة (القائمة العربية الموحدة). وبحسب نظام الكنيست، لا يمكن طرح مشروع قانون مشابه خلال ستة أشهر (دون احتساب فترة العطلة الصيفية). وحتى بعد أن تتمكن المعارضة من طرح مشروع قانون لتقديم موعد الانتخابات فإنها ستواجه صعوبة في حشد الأغلبية في الكنيست، لأن "المتمردين" في الليكود (بشكل خاص الجدد منهم) وأعضاء الكنيست الجدد من أحزاب أخرى سيترددون في المساعدة على تقديم موعد الانتخابات، لأن بعضهم متأكد من عدم إعادة انتخابه.
يمكن تقديم موعد الانتخابات أيضا في حال نجاح المعارضة بحجب الثقة عن الحكومة (بأغلبية 61 عضواً). وبحسب قانون أساس الحكومة، في هذه الحالة على رئيس الدولة أن يكلّف مرشّح المعارضة خلال يومين بتشكيل الحكومة. وإذا لم تنجح المعارضة بذلك في غضون 42 يوماً، فيتم إجراء انتخابات جديدة للكنيست.
ثمة آلية ثالثة، في حال عدم مصادقة الكنيست على موازنة الدولة حتى آذار، عندها تجري انتخابات للكنيست في غضون 90 يوماً.
ثمة آلية رابعة تتمثل في امكانية أن يبادر رئيس الحكومة إلى تقديم موعد الانتخابات للكنيست، في حال توصل إلى استنتاج أنه يوجد في الكنيست أغلبية معارضة للحكومة ولا يمكنه مواصلة إدارة شؤون الدولة. ولذلك فهو يحتاج إلى موافقة الرئيس. لكن ثمة "لغم" في هذا الاحتمال لأنه إلى حين صدور الأمر بحل الكنيست (خلال 21 يوماً) يحق لـ61 عضو كنيست الطلب من الرئيس بأن يكلف عضواً آخر بمهمة تشكيل الحكومة، والرئيس ملزم بالموافقة على الطلب.
الآلية الأخيرة تقتضي توصل زعيمي الحزبين الكبيرين إلى اتفاق حول تاريخ لتقديم موعد الانتخابات، وعندها يقدّمان بشكل مشترك قانوناً لحل الكنيست وهذا ما حصل مرات عدة في السابق.

(من عباس اسماعيل)

المصطلحات المستخدمة:

رئيس الحكومة, هآرتس, شينوي, الليكود, الكنيست

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات