رغم التراجع الكبير في مكانة الليكود في الشارع الإسرائيلي، وفق ما تشير استطلاعات الرأي، فإن الانتخابات التمهيدية فيه، والتي تجري اليوم 19/12/2005، تثير اهتماماً واسعاً. فهذه الانتخابات لن تقرر فقط من الذي يقود الليكود وإنما كذلك طبيعة ونبرة الانتخابات المقبلة وربما أيضا مستقبل اليمين الإسرائيلي.
فاجأ وزير الدفاع الإسرائيلي، شاؤول موفاز، يوم الأحد 11/12/2005، الحلبة السياسية للمرّة الثانية، بعد أن فاجأها قبل ثلاثة أسابيع بعدم انضمامه إلى حزب رئيس الحكومة أريئيل شارون، "كديما"، لتأتي مفاجأته الثانية بانضمامه إلى الحزب الذي هاجمه قبل 48 ساعة فقط من انضمامه إليه، تاركا حزب الليكود الذي تنافس على رئاسته أمام بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية سيلفان شالوم.
يتواصل الانشغال في إسرائيل بمداليل الخطوة التي أقدم عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي، أريئيل شارون، الأسبوع الماضي، حين أعلن انشقاقه عن "الليكود" الذي كان وراء تأسيسه وإنشاءه حزبًا جديدًا تردّد بداية أن اسمه سيكون "المسؤولية الوطنية" وسرعان ما استقر الرأي على أن يكون اسمه "كديما" (إلى الأمام). وسبق أن أشرنا إلى أنه منذ إعلان أريئيل شارون عن "قبوله" لرؤيا الرئيس الأميركي جورج بوش لحل النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني المعتمدة على "مبدأ الدولتين" (أعلنت في 24 حزيران 2002)، وأكثر فأكثر بعد إنجازه لخطة "فك الارتباط" عن قطاع غزة وبعض مستوطنات شمال الضفة الغربية، ثمة انشغال غير مسبوق في إسرائيل بما اصطلح على توصيفه بـ"صورة شارون الجديدة"، مقارنة بصورته "القديمة" التي ارتسم وفقًا لها، فيما يتعلق على وجه التحديد بسيناريوهات تسوية النزاع المذكور، باعتباره من أشدّ الأعداء الألدّاء لفكرة قيام دولة عربية أخرى بين النهر والبحر، وبكونه أكثر المتمسكين إن لم يكن "المبتكر" لمفهوم "الأردن هو الدولة الفلسطينية".
تهتز الحلبة الإسرائيلية كل يوم ومع كل استطلاع جديد في أعقاب الهزة الأرضية التي تمثلت بانتخاب عمير بيرتس زعيماً لحزب العمل واختيار أريئيل شارون الانشقاق عن الليكود وتأسيس حزبه الجديد. ومع أن الانتخابات باتت مقررة في الثامن والعشرين من آذار المقبل، فإن الأمور لن تستقر لا قبل الانتخابات ولا بعدها. إذ من الواضح أن الخريطة السياسية سوف تشهد انقلابات حادة إن لم يكن في توازنات المعسكرات الأساسية فعلى الأقل داخل كل حزب من الأحزاب.
الصفحة 15 من 56