لم تفلح الإدارة الأميركية في تحقيق نجاحات كبيرة في سياستها الخارجية الشرق أوسطية، وبما يتناسب والادعاءات التي أخذتها على عاتقها، خصوصا بالنسبة لمكافحة الإرهاب، و"نشر الديمقراطية"، كما بالنسبة لجلب السلام والاستقرار والازدهار إلى هذه المنطقة.
إذا اعترفت حماس بإسرائيل بشكل صريح، فهل ترضى إسرائيل وتطمئن؟ أم أنها ستسوق ذلك للعالم بأن هذا الاعتراف هو اعتراف المهزوم!؟
إذن ما الذي بقي للشعب الفلسطيني أن يفعل حتى ترضى إسرائيل عنه وتخلص النية للسلام معه، الذي يعني إنهاء الاحتلال؟
أعربت بعض الأوساط العربية في إسرائيل، مؤخرا، عن دهشتها مما قاله يوفال ديسكين، رئيس المخابرات الإسرائيلية (الشاباك)، بأن الأجهزة الأمنية توصلت إلى قناعة بأن "الفلسطينيين في إسرائيل تحولوا إلى تهديد إستراتيجي على إسرائيل، لأنهم يرفضون الاعتراف بيهوديتها، ولا يعترفون بحقها في الوجود" (معاريف، 2007/3/13)، وذلك في جلسة سرية عقدها الأخير مع إيهود أولمرت، رئيس الحكومة الإسرائيلية، حيث تباحثا في الوثائق الأربع التي أصدرتها بعض الجهات والمؤسسات العربية في إسرائيل، وهي تحديدا وثيقة "التصور المستقبلي" الصادرة عن رؤساء جمعيات عربية وبالتعاون مع لجنة المتابعة العليا لقضايا الجماهير العربية، ووثيقة "الدستور الديمقراطي" الصادرة عن مركز عدالة، ووثيقة "النقاط العشر" الصادرة عن جمعية مساواة، ووثيقة حيفا الصادرة عن مركز مدى الكرمل. جميع هذه الوثائق ترفض اعتبار إسرائيل دولة يهودية، وتطالب بإعادة اللاجئين الفلسطينيين، وبالاعتراف بفلسطينيي الداخل "كأقلية قومية" لها مميزاتها وحقوقها.
لا تزال حرب لبنان بعد أكثر من نصف عام على انتهائها، تشغل بال الإسرائيليين في الأسئلة التي تثيرها على كل الصعد السياسية والعسكرية والإدارية والاقتصادية. وبين كل هذه الانشغالات تحتل لجنة فينوغراد مكانا مميزا لأنها باتت في نظر الكثيرين مفتاح التغيير المطلوب على الأقل في المؤسسة السياسية. وليس صدفة أن يدور السجال الداخلي في إسرائيل هذه الأيام، سياسيا وقضائيا، حول نشر شهادات المسؤولين السياسيين والعسكريين أمام اللجنة التي حققت في إخفاقات حرب لبنان الثانية.
الصفحة 8 من 81