المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • وثائق وتقارير
  • 1241

الكنيست السادس عشر، التي أقفل بابه في الحادي والعشرين من  كانون الأول 2005، كان الكنيست الأكثر إهانة في تاريخ الدولة، ففيه تحطمت أرقام قياسية جديدة من الخزي والعار، على الرغم من أن دورته استمرت أقل من ثلاث سنوات

تحت العنوان أعلاه قال محرر الشؤون البرلمانية في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، جدعون ألون، إن الكنيست السادس عشر، التي أقفل بابه في الحادي والعشرين من كانون الأول 2005، كان الكنيست الأكثر إهانة في تاريخ الدولة، ففيه تحطمت أرقام قياسية جديدة من الخزي والعار، على الرغم من أن دورته استمرت أقل من ثلاث سنوات.

 

 وأضاف: للمرة الأولى دخل إلى مقر محققي الشرطة من الوحدة الإقليمية لتقصي الخداع من أجل التحقيق معهم أعضاء الكنيست الذين اتهموا بالتزوير في التصويت (في قضية الاقتراعات المزدوجة). كذلك للمرة الأولى أيضا أخضع عضوا كنيست لمحاكمة جنائية (يحيئيل حزان وميخائيل غورلوفسكي) عن جريمة التزوير عن عمد في تبني أكاذيب في ظروف دقيقة وكذلك الخداع والاحتيال (في قضية الاقتراعات المزدوجة). وللمرة الأولى رفض الكنيست نزع حصانة الأعضاء الثلاثة (نعومي بلومنتال، يحيئيل حزان وميخائل غورلوفسكي) الذين اتهموا بالقيام بجرم جنائي، وفقط في مرحلة لاحقة أسقطت حصانة اثنين منهم (بلومنتال وحزان). وللمرة الأولى قبض على عضو كنيست (يحيئيل حزان) في كاميرات الكنيست عندما كان يحاول أن يأخذ وبدون إذن من مخزن الكنيست عتاداً مرتبطاً بقضيته. وللمرة الأولى يخضع لمحكمة جنائيةـ واعترف بصفقة ادعاء ـ نجل رئيس الحكومة (عضو الكنيست عومري شارون).

في الكنيست السادس عشر حصل أيضا تدهور خطير على مستوى المناقشات في جلسات الكنيست ولجانها، حيث تحولت الشتائم، التوبيخات، الإهانات الشخصية والكلام المهين إلى جزء مكمل للسجال البرلماني. وهكذا صرخ الوزير مئير شيطريت على عضوة الكنيست داليا ايتسيك من حزب العمل من على منصة المتكلمين قائلا: "سأغلق لك فمك". فأجابته ايتسيك: "ستغلق أنت فمك، غبي، لم يخلق بعد من يغلق لي فمي وأنت لن تكون هو".

وقال عضو الكنيست نيسيم زئيف (شاس) إن مساعد عضو الكنيست أبراهام بوراز (شينوي) هو "لوطي، حيث نشمئز جميعنا من الاقتراب منه، ولذلك فهو بموجب القانون أسوأ من الحيوان". أما عضو الكنيست روني بارـ أون (كديما) فقد شتم عضو الكنيست غيلا غمليئيل (الليكود) بقوله: "لو كانت لي ابنة مثلك، لقتلت زوجتي". وصرخ عضو الكنيست تسفي هندل (الاتحاد الوطني) في وجه نائب رئيس الكنيست، عضو الكنيست محمد بركة (الجبهة- العربية للتغيير)، الذي أوعز إلى مراقبي الانضباط بإخراجه من القاعة، قائلا له: "أنت تافه، اذهب إلى سوريا، أنت وغد فاسد".

إلى ذلك، نعت عضو الكنيست مئير بوروش (أغودات يسرائيل) نائب رئيس المحكمة العليا، القاضي ميشال حشين، بالـ "خنزير". وتوجه عضو الكنيست أوري أريئيل (الاتحاد الوطني) أثناء النقاش إلى النائب أحمد الطيبي (الجبهة- العربية للتغيير) بالقول "أنت شخص وقح وأحمق". ولم يسكت له الطيبي، فأجابه: "أنا أضع في جيبي عشرة مثلك. حتى في اليمين يحتقرونك". أما عضوا الكنيست بار- أون وريشف حين (شينوي) فقد تبادلا فيما بينهما الشتائم اللفظية عندما لقب أحدهما الآخر بـ "دودة" و"أميبيا"، وكنى النائب يحيئيل حزان (الليكود) العرب بـ"الديدان الذين يزحفون من تحت الأرض ويضرون بالشعب اليهودي منذ مائة سنة".

 

 كنيست محطّم

إلى ذلك يشير ألون إلى أنه ترك الكنيست في أثناء هذه الدورة بعض أعضاء الكنيست البارزين وذوي التأثير، والبعض الآخر أعلن بأنه لن يعود إليه بعد الانتخابات. ومن بين هؤلاء رئيس الكنيست السابق، أبراهام بورغ، أبراهام شوحط، يهوديت ناؤوت (التي توفيت بعد مرض عضال)، شمعون بيريس (العضو الأقدم في الكنيست، منذ العام 1959) ويوسي سريد، الذي قدم خلال 31 سنة من عضوية الكنيست مساهمة كبيرة في قدرته الخطابية، كما قدّم مساهمة كبيرة بعيدة عن الأضواء، في عمل الرقابة على المؤسسة الأمنية ضمن اللجان الفرعية التابعة للجنة الخارجية والأمن.

وينهي الكنيست السادس عشر طريقه بتركيبة فئوية مختلفة جدا عن تلك التي بدأ بها طريقه. كتلة الليكود التي تضم 40 عضوا انقسمت إلى كتلتين ـ الليكود 26 وكديما 14. أما "المتمردون" برئاسة عضو الكنيست عوزي لنداو، الذين سببوا لشارون "مشاكل متعددة" في السنة الماضية وأحبطوا مساعيه لضم وزراء جدد إلى حكومته، فهم حتى الآن لم ينهضوا من الانهيار الكبير الذي حصل. وكتلة العمل، التي وصلت إلى الكنيست بـ 19 نائبا بقيادة عمرام متسناع، تجد نفسها في نهاية الولاية مع 18 نائبا (بمن فيهم "عام ايحاد") برئاسة عمير بيرتس، لكن بدون شمعون بيريس، حاييم رامون وداليا ايتسيك الذين التحقوا بكديما. أما كتلة شينوي، التي تتوقع لها الاستطلاعات السقوط من 15 إلى 4 مقاعد، فقد صرفت من خدمتها أثناء الدورة عضو الكنيست يوسف بريتسكي، بسبب محاولته "فبركة ملف" لصديقه في الكتلة ابراهام بوراز. أيضاً في المفدال وفي يهدوت هتوراة كانوا مشتتين ومقسمين.

 

موضوع الانشغال الرئيسي والمعارضة

 

لا يوجد أدنى شك بأن خطة فك الارتباط كانت الموضوع الأساسي الذي شغل الكنيست المنقضية ولايته، على ما يؤكد ألون. فقد عملت لجنتا المالية والدستور والقانون والقضاء أشهرا طويلة في بلورة قانون "إخلاء تعويض" الذي أعد لضمان إخلاء منظم للمستوطنين في غوش قطيف وشمال الضفة. وبعد فوات الأوان اتضح أن استعداد وزارات الحكومة كان ضعيفا وحتى يومنا هذا لم يجدوا أماكن بديلة ووظائف لجزء كبير من المستوطنين.

 

ولم تنجح المعارضة خلال ثلاث سنوات من ولاية الكنيست المنقضية ولايته في تكويم عقبات كثيرة أمام الائتلاف، وبشكل رئيسي لأنها لم تكن موحدة. في السنتين الأوليين (من شباط 2003 وحتى كانون الأول 2004) حاولت رئيسة كتلة العمل آنذاك، عضو الكنيست داليا إيتسيك، توحيد كل عناصر المعارضة للصراع ضد الحكومة عن طريق تقديم اقتراح بالتصويت على عدم الثقة، إحباط مبادرات تشريع حكومية وتقديم مبادرات تشريع لكتل المعارضة.

بعد التغييرات التي طرأت على تركيبة الحكومة، عندما انسحبت شينوي وانضم العمل إلى الائتلاف، استصعب رئيس المعارضة الجديد، عضو الكنيست يوسف لبيد، توحيد كل كتل المعارضة في نشاطات مشتركة، لأن شخصيته لم تكن مقبولة لدى الكتل الحريدية ـ الدينية (شاس والمفدال) وكذلك لدى كتلة ياحد- ميرتس. وبناء على ذلك، وبالرغم عن أن عدد المعارضة أصبح 56 عضوا، إلا أنه لم يكن يوجد بين كتلها أي تعاون ولم تكن لديها أية قدرة على التهديد أو الضغط على الحكومة لتحقيق سياساتها. وقد رغبت كتل المعارضة في إقالة لبيد من وظيفته وتعيين رئيس جديد للمعارضة، لكن حتى في هذه المسألة لم ينجحوا في التوحد.

 

تقدّم في موضوع الدستور فقط

تم استغلال ضعف المعارضة بالمطلق من قبل الائتلاف. أريئيل شارون، رئيس الوزراء، استخف بالكنيست وقلل من الحضور أمامه. فقد حضر مرة واحدة فقط في الشهر أمام لجنة الخارجية والأمن، وحضر إلى الهيئة العامة فقط بموجب ما يستوجبه القانون. وقد فضل أن يسمع الإعلان السياسي الأهم عن خطة الانفصال في مؤتمر هرتسليا. أما وزير الدفاع، شاؤول موفاز، فقلل من إلقاء الخطابات أمام هيئة الكنيست وفضل إرسال نائبه زئيف بويم، للإجابة على الاقتراحات على جدول الأعمال وعلى الاستجوابات.

في ثلاث سنوات من عمله صدق الكنيست على 348 قانوناً في قراءة ثانية وثالثة، 176 منها قوانين حكومية، 156 خاصة. ويضاف إلى ذلك 16 قانونا إضافيا كانت بمبادرة لجان الكنيست.

 

ولكن من فوق الجميع برز النشاط الشامل للجنة الدستور والقانون والقضاء لاستكمال الدستور. وفي 91 جلسة استمرت سنتين ونصف السنة نظمت اللجنة بالتعاون مع المعهد الإسرائيلي للديمقراطية وأفراد أكاديميين رفيعي المستوى، بحثاً لكل القوانين الأساسية الموجودة، ووضعت لها صيغاً جديدة وأضافت عدة قوانين أساسية جديدة، وفيها قانون أساسي: سن القوانين؛ قانون أساسي: حقوق اجتماعية؛ وقانون أساسي: حقوق قانونية.

 

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات