أشارت سلسلة تقارير إسرائيلية إلى مؤشرات سلبية متزايدة في الاقتصاد الإسرائيلي، كلها ناجمة عن استمرار الحرب على الشعب الفلسطيني، ومن دون أفق لوقفها، إذ أعلن مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي أن النمو الاقتصادي في الربع الثاني من العام الجاري، كان أقرب إلى الصفر، في حين أن مستوى المعيشة أظهر تراجعًا من خلال تراجع الاستهلاك، كما أن الصادرات الإسرائيلية سجلت تراجعا فاق 7% وهي نسبة عالية، لهذا الفرع من الاقتصاد الذي يشكّل وزنه نحو ثلث النشاط الاقتصادي في حسابات النمو السنوية، ويؤكد خبراء الاقتصاد أنه ستكون لهذه المؤشرات السلبية تبعات، حتى الآن لا يلمسها الشارع الإسرائيلي كليًا، ومن أبرزها اتساع البطالة على الرغم من أن نسبتها حاليًا ما زالت ضئيلة، بموجب التقارير الدورية.
في أوائل السنة الحالية، تجندت وسائل الإعلام الإسرائيلية، وكذلك العالمية، وأفردت حيزًا واسعًا من التغطية الصحافية لجملة الإجراءات التي لفتت الانتباه في استثنائيتها حينما شرعت بعض الدول في اتخاذها آنذاك وتمثلت في فرض عقوبات، اقتصادية وغيرها، على بعض المستوطنين ونشطاء "اليمين المتطرف" وبعض الحركات والجمعيات التابعة لهم والناشطة بينهم والمرتبطة، ارتباطًا مباشرًا، بالمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.
انتهت آخر جلسات المفاوضات قبل موعد افتتاح السنة الدراسية في إسرائيل بين نقابة المعلمين وبين وزارتي التعليم والمالية بالفشل، إذ أعلن رئيس النقابة ران إيرز الإضراب يوم الأحد في المدارس الثانوية. وزير التعليم يوآف كيش حاول الوقوف في موقع "الوسيط" حين حمّل المسؤولية عن فشل المفاوضات إلى وزارة المالية والنقابة. الجدير بالذكر أن هذا أول إضراب في بداية العام الدراسي منذ العام 2007.
منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 واندلاع حرب الإبادة على قطاع غزة، وانضمام حزب الله إلى المواجهة على الجبهة الشمالية وجماعة أنصار الله الحوثي من اليمن على شكل جبهات إسنادية لقطاع غزة، انشغلت العديد من القراءات الإسرائيلية في بحث نجاعة المنظومة الدفاعية أمام التهديدات الصاروخية من قطاع غزة ولبنان واليمن والعراق، كما ذهب بعضها لتسليط الضوء على الاعتماد المفرط على الاستراتيجية الدفاعية لإسرائيل التي تعتمد على الوسائل التكنولوجية وإسهام ذلك في فشل 7 أكتوبر وتوريط إسرائيل في حرب استنزاف على الجبهات المختلفة. في المقابل، روجّت العديد من التقارير للقدرات الدفاعية المميزة لإسرائيل والتي تم اختبار بعضها للمرة الأولى خلال هذه الحرب وتحديداً منظومتي السهم 2، والسهم 3. جزء من المساهمات المذكورة، تجمع بين المسألتين، الترويج للمنظومة الدفاعية الإسرائيلية ضد التهديدات الصاروخية، وتوجيه النقد للاستراتيجية الدفاعية الإسرائيلية التي تم تبنّيها على مدار السنوات الماضية، وسط تزايد الحديث عن مخاطر الحرب الشاملة مع إيران والمحور التابع لها في المنطقة، بما يمتلكون من قدرات صاروخية متفاوتة من حيث المدى ودقة الإصابة والقدرات التدميرية.
ظهرت في الأيام الأخيرة ما بدت وكأنها أزمات داخل ائتلاف حكومة بنيامين نتنياهو، أبرزها استمرار عربدة زعيم حزب "عوتسما يهوديت" (قوّة يهودية)، إيتمار بن غفير، الذي تمرّد على قرارات الائتلاف، في سبيل الضغط للقبول بضمه إلى الطاقم المقلص لإدارة الحرب؛ وكان من أبرز ما فعله رفضه تمرير قانون تسعى له كتلتا الحريديم؛ وبموازاة ذلك، تهديد بن غفير ومعه وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بمغادرة الحكومة في حال تم إبرام اتفاق يؤدي إلى وقف الحرب، وانسحاب جيش الاحتلال كليا من قطاع غزة، رغم أن هذا ما يرفضه أيضا، نتنياهو شخصيا. والأمر الآخر، ظهور تقارير تتحدث عن أزمة بين وزير الدفاع يوآف غالانت، ونتنياهو، انعكست بصدور بيان حاد من مكتب نتنياهو، وأيضا أحاديث عن حوار مع كتلة المعارضة "اليمين الرسمي"، بزعامة جدعون ساعر، لضمها إلى الائتلاف.
نشر معهد أبحاث الأمن القومي في إسرائيل ورقة بعنوان "تداعيات استمرار الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي - ثلاثة سيناريوهات"، وذلك لاستشراف التداعيات الاقتصادية متعددة الأوجه للحرب على قطاع غزة المستمرة منذ أكثر من 10 شهور، حيث تواجه إسرائيل مفترق طرق كبيرًا لن يشكل موقفها العسكري والجيوسياسي فحسب، بل مستقبلها الاقتصادي أيضًا.
تقدم هذه الوثيقة تحليلًا لثلاثة سيناريوهات محتملة - استمرار الوضع الحربي الحالي بدون تصعيد أو إنهاء للحرب، أو التصعيد على الجبهة الشمالية، أو إنهاء الحرب من خلال اتفاق يستند إلى صفقة لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين ووقف القتال في غزة. وتؤكد الورقة أنه بغض النظر عن السيناريو المرتقب، فإن إسرائيل سوف تعاني من أضرار اقتصادية دائمة، مما يذكرنا بالتحديات التي واجهتها إسرائيل خلال "العقد الضائع" الذي أعقب حرب العام 1973.
الصفحة 8 من 324