تشن اسرائيل في هذه الفترة حملة عنيفة ضد الحركة العالمية المساندة لنضال الشعب الفلسطيني. ولهذه الحملة جناحان، واحد محلي وآخر يجري تنفيذه في أوروبا. والجناحان مترابطان، أي أنهما ينتميان الى مصدر واحد ينتج التصور والتخطيط والتنفيذ. قد يرنّ ذلك في الآذان كوصف لعملية تآمرية، وهو ما يلاقي هوى لدى كثيرين، بعضهم مفتتن بكل أنواع "الجيمسبونديات"، وبعضهم الآخر، وهم الغالبية، مقتنعون بأن اسرائيل تمارس سياستها العالمية عبر الاستفادة من مراكز النفوذ ومجموعات الضغط التي يوفرها لها "لوبي" يهودي عالمي، يعمل بتناغم معها. وهذه قناعة تنتشر في الأوساط العربية التي تلجأ غالباً الى هذا التفسير لتبرير الهزائم المتلاحقة للعالم العربي، وأيضاً لتبرير فعالية المنظمات الصهيونية في مقابل ضعف التكوين السياسي للجاليات العربية في المهاجر. لكن كتاباً وسياسيين أوروبيين عديدين، يتبنون هذا التفسير، مع أن جلهم ديموقراطيون، أي ممن يرفضون في حياتهم العامة التصورات القائمة على أساس عرقي أو ديني والتأويلات التآمرية للتاريخ.
الفيلم "جنين، جنين، جنين. الطريق الى جنين"، الذي سيبث على شاشات القناة الاسرائيلية الاولى، جاء ردًا اسرائيليًا مضاداً لفيلم محمد بكري عن دخول الجيش الاسرائيلي الى مخيم اللاجئين، ، ومنعت لجنة الرقابة على الأفلام في اسرائيل عرضه، بحجة انه أحادي الجانب ويتضمن الكثير من "الاكاذيب".
"يقول تيري جروس الذي عمل كمضمد في مخيم جنين للاجئين، اثناء حملة "السور الواقي"، إن جنين هي مدينة "توراتية"، ذكرت في التوراة وتقع على بعد سبعة كيلومترات من غور مجيدو".
نشرت حركة <غوش شالوم> اعلانات كبيرة في الصحف الاسرائيلية (وبضمنها "هآرتس"، الثلاثاء 11) تحذيراً موجهاً <<الى الجنود والمواطنين والمواطنين العاملين في الجيش>> من مغبة استغلال العدوان الامريكي على العراق لتنفيذ عمليات ترجيل جماعية للفلسطينيين من وطنهم الى خارجه او الى مناطق اخرى داخل الوطن.
وقال الاعلان: <<هناك مخاوف حقيقية بأن عناصر قوية التأثير في البلاد تخطط لاستغلال الهجوم الامريكي على العراق لتنفيذ ترانسفير لاجزاء من السكان الفلسطينيين. وبموجب البند 4 من ميثاق جنيف، تعتبر الاعمال التالية جرائم حرب:
- <<طرد السكان من مناطق محتلة الى خارجها (مثلا الى لبنان والارن)
قبل أيام معدودة من الهجوم المتوقع على العراق، يتقوى جدًا تقدير المخابرات العسركرية الاسرائيلية، بأنه من غير المتوقع أن يهاجم العراقُ إسرائيلَ. ويقدّرون في الجيش الاسرائيلي الآن، أن إحتمالات الهجوم تكاد تكون معدومة (تقترب من الصفر)، أو كما قال مصدر رفيع جدًا في الجيش الاسرائيلي لصحيفة <معريف> (11 اذار): <<الإحتمال منخفض جدًا جدًا جدًا>>
ويقدّرون في إسرائيل أنه <<كان بالامكان تشخيص دلائل في غرب العراق، المنطقة التي يمكن منها إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، في حالة أن صدام يستعد لاطلاق صواريخ "سكاد" عليها.>>
الصفحة 753 من 859