<<ما نراه أن شارون هو الذي يسجل نقاطًا لصالحه، فهو لن يغيّر من خطابه السياسي، وهدفه المعلن بالوصول الى حل يقوم على دولة بحدود مؤقتة على 42 في المائة من الضفة الغربية و 75 في المائة من قطاع غزة..>>.
لم يجد المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة في اسرائيل ارئيل شارون افضل من السلطة الفلسطينية، التي يشكل تدميرها هدفه المعلن، لدعمه أمام خصومه السياسيين، خصوصا في حزب "العمل" بزعامة عمرام ميتسناع، الذي يسعى جاهدًا لضمّه الى حكومته.
ارتفعت في الايام القليلة الماضية حرارة معركة الانتخابات التشريعية في اسرائيل، وبخاصة في ضوء تطورات قضية شارون. ويشير اتجاه الريح الان الى ان هذه المعركة لم تفتتح من جديد فحسب - في وضع الكتلتان فيه متساويتان تقريبا: اليمين 61-63 مقعدا واليسار 57-59 - بل ان هذه المعركة النائمة نسبيا وصلت درجة الغليان تماما بين رئيس الحكومة و "الليكود" ارئيل شارون من جهة، وبين عمرام متسناع وحزب "العمل" من الجهة الاخرى. وقد تجلى ذلك بوضوح من خلال قطع البث المباشر لخطاب شارون في مؤتمره الصحفي الاخير، وهي خطوة يرى المحللون انه سوف تترك اثارها في الشارع الانتخابي بالتأكيد.
سافرت للمشاركة في الاجتماع الفلسطيني - الاسرائيلي في الأردن يراودني مزاج متشكك؛ تصورت أن يحدث ما حدث مراراً من قبل، فربما نفلح هناك في صياغة اعلان مبادىء مشترك بشأن الحاجة الى إحلال السلام ووقف الارهاب وانهاء الاحتلال والقمع والاعتراف المتبادل بالحاجة الى العيش كجيران في دولتين لشعبين. قمنا بذلك من قبل مراراً في عدة اجتماعات ولقاءات وبيانات وغيرها. منذ عشر سنوات ونحن نقف مرة تلو مرة "قيد أنملة" ومن ثم نتدهور الى هاوية العنف واليأس.
يبدو أرييل شارون وأصدقاؤه في واشنطن في حال سباق مع الزمن من أجل تحقيق أهدافهم قبل أن تعترضهم العقبات: وهم حين يكونون في عجلة من أمرهم فإنما يصبحون في منتهى الخطورة... فأنظارهم تتجه الآن نحو سورية وإيران وربما نحو السعودية بعد ذلك بل حتى نحو مصر. ويمكنهم في سبيل أغراضهم استخدام كل الوسائل من الضغط السياسي والاقتصادي إلى العقوبات المالية إلى التدخل وتغيير النظام بقوة السلاح. كل ذلك من أجل إخضاع العرب لإرادة أميركا وربيبتها إسرائيل.
الصفحة 754 من 859