ثمة تراجع حاد في تقدير الجمهور الإسرائيلي لوضع إسرائيل الدولي ومكانتها العالمية ـ من متوسط 5,03 نقاط في العام الماضي 2023، وهو التقييم الأدنى منذ العام 2014، إلى متوسط 4,31 نقاط في العام 2024، أي التقييم الأدنى خلال العقد الأخير. كذلك، يصف 70 بالمائة من الجمهور الإسرائيلي وضع دولة إسرائيل الدولي في الفترة الحالية بأنه يتراوح بين "سيء" و"غير جيد"، بينما تعبر أغلبية (57 بالمائة) عن قلقها وتخوفها من أن تتحول إسرائيل إلى "دولة برصاء" منبوذة في المجتمع الدولي في أعقاب استمرار حرب الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وحيال السياسة التي تصرّ الحكومة الإسرائيلية الحالية على اعتمادها. وفي مجال الأداء على صعيد السياسات والعلاقات الخارجية ووضع دولة إسرائيل الدبلوماسي منذ اندلاع حرب الإبادة ضد قطاع غزة حتى الآن، يمنح الجمهور الحكومة الإسرائيلية تقديراً متوسطه 3,84 نقاط ـ هو التقدير الأدنى منذ البدء بإجراء هذا الاستطلاع للمرة الأولى في العام 2013، ويشكل تراجعاً حاداً جداً عن التقدير المتدني نسبياً الذي حصلت عليه الحكومة في العام الماضي (4,82 نقاط).
في الثالث عشر من شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2023، قبل انقضاء أسبوع على السابع من الشهر، خرج عدد من منظمات حقوق الإنسان في إسرائيل بورقة موقف مشتركة من الحدث عبرت فيه عن صدمتها بالقول: "نحن، عضوات وأعضاء المنظّمات الموقّعة أدناه، عضوات وأعضاء مجتمع حقوق الإنسان في إسرائيل، نقف في هذه الأيّام الرهيبة مصدومين". وأضافت أن "الجرائم البشعة التي ارتكبتها حماس على مدار الأيام الماضية ضد المواطنين الأبرياء، وبضمنهم أطفال، ونساء، وشيوخ، تهزنا جميعا، ونحن جميعا نواجه صعوبة في الاستيقاظ من المشاهد التي رأيناها، والأصوات التي سمعناها. بعضنا كان في غلاف غزّة جسديا، ولكثير منّا عائلات، وأصدقاء، وشركاء، كانوا ولا يزالون في رعب، وجميعنا نعرف أشخاصا قتلوا، جرحوا، أو خطفوا هناك. سيستغرقنا وقت لإدراك معاني وآثار الهجمة الإجرامية التي نفذتها حماس، التي ليس لها أي مبرر".
تتفق التقديرات السائدة في إسرائيل على أن هذه الأخيرة تحاول، من خلال آخر العمليات التي استهدفت بواسطتها حزب الله ومعظم قادته العسكريين وشبكة الاتصالات والاستدعاءات التي بحيازته، أن تضعه في مواجهة خيارين:
الأول، ويبدو أنه المحبّذ من ناحيتها، هو فك الارتباط بين الجبهة الشمالية والحرب في قطاع غزة والتوصل إلى حلٍ دبلوماسيّ يسفر، من بين أمور أخرى، عن عودة سكان الشمال إلى منازلهم، وانسحاب مقاتلي الحزب من منطقة الحدود مع إسرائيل إلى شمال نهر الليطاني.
والخيار الثاني هو الذهاب نحو مواجهة شاملة في حال قرّر الحزب عدم تبني الخيار الأول، على أن يكون القرار بشأن هذه المواجهة صادراً عن الحزب وليس من جانب إسرائيل.
منذ منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، اتسمت العلاقة بين إسرائيل وحزب الله بجولات من المواجهة العسكرية، والردع التكتيكي المتبادل، وديناميكيات من القوة والدبلوماسية المرتبطة بالصراع بين إسرائيل ومحور الدول المعتدلة من جهة، وإيران ومحور الممانعة من جهة أخرى. تمثل الحرب الحالية على غزة، التي انضم إليها حزب الله مباشرة في 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، مرحلة حرجة أخرى في تاريخ علاقات إسرائيل- حزب الله. تقدم هذه المقالة موجزا لهذا التاريخ وتطوره وصولا إلى الوضع الراهن.
الصفحة 31 من 880