استمرت التحليلات الإسرائيلية على مدار الأسبوع الماضي في الانشغال بتداعيات أحداث ليلة الثالث عشر والرابع عشر من نيسان 2024 التي قامت فيها إيران، لأول مرة، بشنّ هجوم غير مسبوق على إسرائيل بواسطة مئات المُسيّرات والصواريخ البالستية التي تم إطلاقها في اتجاه الأراضي الإسرائيلية من الأراضي الإيرانية، وأيضاً من العراق واليمن. وزاد على ذلك انشغال بالردّ الإسرائيلي على هذا الهجوم الذي جرى صباح يوم التاسع عشر من نيسان وكان شبه حتميّ، مثلما أشرنا في كلمة الأسبوع الفائت.
تدل المؤشرات الاقتصادية حتى نهاية الربع الأول من العام الجاري، على تدهور مستمر في جوانب أساسية في الاقتصاد الإسرائيلي، على الرغم من تقارير تتحدث عن انتعاش حالي في الاستهلاك العام، وتراجع البطالة إلى نسبة أقل مما كانت عليه عشية شن الحرب على قطاع غزة؛ فقد دلّ مؤشر التضخم المالي في شهر آذار الماضي، المعلن عنه قبل أيام، أن التضخم عاد إلى وتيرة الارتفاع، وقد يتجاوز توقعات التضخم الرسمية، وكذا بالنسبة للعجز في الموازنة العامة، الذي بلغ حتى نهاية العام نسبة 6.2% من حجم الناتج العام، وهو بات قريبًا جدًا من الحد الأقصى الذي تتوقعه ميزانية العام الجاري.
منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تقوم الإدارة الأميركية باتخاذ مواقف تصفها بأنها أكثر تشدداً من بعض ممارسات المستوطنين، خصوصاً تلك التي تنطوي على العنف والإرهاب داخل مناطق الضفة الغربية المحتلة. ليس واضحاً حتى الآن ما إذا كانت الإدارة الأميركية تغير من لهجتها حيال "التوسع الاستيطاني" بحد ذاته، أم أنه مجرد موقف من الإرهاب والعنف المتصاعد، وبالتالي هو اعتراض على الأسلوب. لكن العقوبات المتلاحقة التي تفرضها أميركا على عدد متصاعد من المستوطنين، تتجاوز كونها مجرد "قرصة أذن" إلى ما يبدو أنه سياسة جديدة.
منذ بداية حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة في أعقاب هجوم طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، تزايدت الأصوات الإسرائيلية التي أعادت الفشل، من بين أمور أخرى، إلى بنية الجيش الإسرائيلي من ناحية أن حجم القوات البرية في الجيش صغير جداً مقارنةً بالتحديات الأمنية الكبيرة التي تواجهها إسرائيل على الجبهات المتعدّدة (إهمال العنصر البشري من حيث العدد والقدرات لصالح التركيز على عنصر التكنولوجيا). واللواء إسحق بريك كان من أبرز الشخصيات التي روّجت لمثل هذا الادّعاء حتى قبل هجوم طوفان الأقصى وما رافقه من فشل أمني وعسكري إسرائيلي واضح.
الصفحة 34 من 859