أصبح واضحاً أن إسرائيل تدفع ثمناً باهظاً لقاء تشكيلة حكومتها الحالية ومساعيها الحثيثة للانقلاب على نظام الحكم بما ينطوي عليه من إحداث تغييرات جوهرية بعيدة المدى، سواء في نظام الحكم والعلاقات بين سلطاته المختلفة أو في جهاز القضاء بشكل خاص مما قد يفتح الطريق واسعةً أمام الانتقال السريع والسلس نحو الحكم الاستبدادي. وتدفع إسرائيل هذا الثمن في الدول الغربية الليبرالية بشكل خاص إذ خرج كثيرون فيها، سواء رؤساء دول، مشرّعين، حقوقيين، اقتصاديين وشخصيات عامة أخرى مختلفة، بصورة علنية وصريحة ضد نهج هذه الحكومة عموماً وضد محاولاتها الانقلاب على الحكم خصوصاً، ناهيك عن مؤسسات وقيادات مختلفة بين الجاليات اليهودية في أنحاء العالم المختلفة. وحيال ذلك، تراجعت إسرائيل في جميع مؤشرات الديمقراطية الدولية، إضافة إلى تراجع تدريجها في مجال الاعتمادات المالية. وإضافة إلى ذلك، يجد رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزراء حكومته الحالية صعوبات جمة في زيارة العواصم الدولية إلى جانب إعلان المقاطعة والرفض الصريحين لاستقبال بعض الوزراء في عدد من الدول الصديقة لإسرائيل. كما يجري "استقبال" ممثلي الحكومة الإسرائيلية بمظاهرات ونشاطات احتجاجية مختلفة لدى زياراتهم في الدول الغربية وبانتقادات متصاعدة من جانب مضيفيهم.
في أواسط الأسبوع الماضي، عقدت لجنة رقابة الدولة في الكنيست الإسرائيلي جلسة بحثت فيها استعدادات جهاز التربية والتعليم لافتتاح السنة الدراسية الجديدة، في ضوء تقرير مراقب الدولة حول "استعدادات وزارة التربية لسوق العمل المتغير". وقد عقدت الجلسة وسط الأزمة، التي يصح اعتبارها أزمة سنويّة دائمة، والمتمثلة بتحذيرات مجدّدة لنقابة المعلمين من إضراب وتعطيل الدراسة في المدارس فوق الابتدائية بداية السنة الدراسية.
تعريف:
فيما يلي القسم الأول من نص تحقيق مطوّل نشره الموقع الصحافي الاستقصائي الإسرائيلي المستقل "شومريم" حول رئيس حزب "الصهيونية الدينية" الوزير بتسلئيل سموتريتش. وسيتبعه قسم ثان وأخير:
بعد أقل من ثلاثة أسابيع على إقرار الائتلاف الحكومي الإسرائيلي قانون تقليص حجة المعقولية دون أي "تخفيف" أو تفاوض، أطلق رئيس حزب "الصهيونية الدينية" الوزير بتسلئيل سموتريتش حملة جديدة بعنوان "حوار الأشقاء". وكما قال، فإن حزبه "يخرج في حملة لتقريب القلوب" بواسطة حلقات حوار في المجتمع الإسرائيلي لأنه "آن الأوان لرأب الصدوع".
حيال حالة الاستقطاب والتوتر الحادين التي يمر بها المجتمع الإسرائيلي، على خلفية الأزمة السياسية ـ البرلمانية ـ التشريعية الناجمة عن إصرار الحكومة الحالية وائتلافها البرلماني على المضي قُدماً في ما تسميه "برنامج الإصلاح القضائي"، فيما يسميه معارضوه "برنامج الانقلاب على الحكم"، وما تأتى عن هذه الأزمة من اتساع دوائر الجنود والضباط (في الاحتياط أساساً) الذين يعلنون امتناعهم عن تأدية الخدمة العسكرية طالما بقي الكنيست ماضياً في مناقشة التشريعات "الانقلابية" وهو ما يلقي بظلال كثيفة على الأوضاع في الجيش الإسرائيلي وأذرعه المختلفة، حدّ إطلاق العديد من الجهات، العسكرية والبحثية والإعلامية، صافرات الإنذار من مغبة استمرار هذا الوضع وما قد يسفر عنه من نتائج وخيمة على مدى جهوزية الجيش الإسرائيلي ككل وأذرعه العسكرية الأساسية لـ"الحرب القادمة" (التي يُجمع الإسرائيليون، خبراء عسكريين وسياسيين، على أنها مسألة وقت فقط) ـ حيال هذه الحالة، لا عجب في أن تعتقد أغلبية من الجمهور الإسرائيلي (58.2%) بأن دولة إسرائيل تعيش اليوم "حالة طوارئ"!
تُظهر بيانات وتقديرات مصلحة الأرصاد الجوية والهيئات الرسمية التي تتعامل مع الطبيعة والبيئة في إسرائيل، ارتفاعاً في مخاطر الحرائق بسبب زيادة الغطاء النباتي والكثافة السكانية وبسبب تغير المناخ. في خطة وزارة "الأمن القومي" للعامين 2023-2024 تمت الإشارة إلى هذا التهديد، مع تحديد الأهداف المتعلقة بتكييف الاستجابة والقدرات من قبل سلطة المطافئ لسيناريوهات محدّثة لاشتعال الحرائق. مع هذا، ما تزال الحكومة متخلّفة عن مواجهة حجم الخطر، من خلال تخصيص ما يكفي من ميزانيات للمركبات الأساسية في الردّ والاستعداد لواقع الأمور المقلق. هذا ما جاء في تقرير عن بحث وبحث مكمّل أجراهما معهد الأبحاث والمعلومات التابع للكنيست، الشهر الفائت، بعنوان "مسائل في منظومة الإطفاء" والثاني "منع الحرائق بواسطة مناطق وخطوط عازلة".
لم تبقِ أطراف الائتلاف الحكومي الإسرائيلي زاوية واحدة هادئة في حياة الإسرائيليين على ما يبدو، فقادة حكومة بنيامين نتنياهو وأعضاء الكنيست من الائتلاف يظهرون كما لو أن كل واحد منهم يسحب "بندقيته الرشاشة" ويصوّبها إلى حيثما شاء. ففي أوج الهجوم على قادة الأجهزة الأكثر حساسية: الجيش والمخابرات والشرطة والقضاة والمستشارين القانونيين، يفتح المتدينون المتزمتون ملف مشروعهم القديم الجديد: فصل الرجال عن النساء في الحيّز العام، وبشكل خاص في التجمعات السكانية التي يتواجدون فيها، إذ أن الفصل في مستوطناتهم والأحياء الخاصة بهم قائم طوال الوقت. وفي الأيام الأخيرة تفجر هذا الملف في قضيتين، كانتا كافيتين لتصعيد الاحتجاجات ضد الحكومة، ليصل الأمر إلى مداولات المحكمة العليا، وأيضا إلى جلسة خاصة في الكنيست.
الصفحة 61 من 337