رفضت جامعة تل أبيب في مطلع العام الحالي، وتحديداً في مطلع شباط المنصرم، طلباً لحركة "إم ترتسو" اليمينية المتطرّفة بحظر كتلة جفرا- التجمّع الطلابي في الشيخ مونّس في إثر النشاط السياسي والوطني لحزب التجمّع الوطني الديمقراطي وأعضائه وتنظيمه لمظاهرة طلابية في أعقاب المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال في نهاية كانون الثاني في مخيم جنين والتي استشهد فيها 11 فلسطينيا وأصيب العشرات عقب اقتحام مخيم جنين، وقد جاء في رفض الجامعة أنه ليس من صلاحيات "إم ترتسو" ولا من ضمن وظيفتها المطالبة بحظر كتل طلابية في الجامعة.
افتتح الكنيست الإسرائيلي هذا الأسبوع دورته الصيفية، التي قد تكون واحدة من أكثر الدورات البرلمانية عاصفة، وفي الوقت نفسه قد تكون أيضا حاسمة بالنسبة للائتلاف الحاكم، الذي يسعى ويضغط لتنفيذ مخططه لتقويض الجهاز القضائي، بتقليص صلاحيات المحكمة العليا بخصوص نقض القوانين والقرارات الحكومية، وليكون وزن الحكومة أكبر في تعيين القضاة؛ فكل الحوار المعلن مع المعارضة لم ينتج شيئا حتى الآن. وفي المقابل، فإن كتلتي المتدينين المتزمتين (الحريديم) قد تجدان نفسيهما في عين العاصفة والاستهداف من المعارضة والرأي العام، على ضوء ضغوط الكتلتين لاستغلال تركيبة الائتلاف، لتنفيذ مخططات صعب عليهما تنفيذها في تركيبة أخرى، وأولها التخلص من مسألة التجنيد العسكري لشبان الحريديم، وتشديد سطوة قوانين إكراه ديني قائمة وجديدة.
صدر في الأيام الأخيرة تقريران على قدر كبير من الأهمية، يؤكدان المخاطر على الاقتصاد الإسرائيلي، في حال تم تطبيق كامل مخطط حكومة بنيامين نتنياهو لتغيير أنظمة وقوانين في جهاز القضاء وتعيين القضاة، والتقرير الأهم هو ذلك الصادر عن بنك إسرائيل المركزي، الذي يؤكد على خسارة الاقتصاد خلال 3 سنوات عشرات مليارات الدولارات؛ والتقرير الثاني، الذي يهم إسرائيل دوليا، صادر عن منظمة OECD.
طوّرت النخب اليمينية من طرقها في السيطرة على المجتمع الإسرائيلي ومنظومته الخطابية والقيمية من خلال تأسيس ودعم الجمعيات والمنظّمات التي تُقدّم نفسها متخصّصة في الشؤون البحثية، الإعلام، التربية والثقافة، القانون والقضاء وحقوق الإنسان والرياضة والاستيطان وغيرها، لكن في الحقيقة أوكلت إليها مهمّة إعادة إنتاج المجتمع الإسرائيلي من جديد؛ مجتمع يميني يهودي صهيوني عنصري يرى في إسرائيل "الوطن القومي للشعب اليهودي حصراً" في مقابل الآخر الفلسطيني. في هذه المساهمة نُسلّط الضوء على المنظّمة "الحقوقية" الإسرائيلية "شورات هدين"، ونحاول التعريف بها والوقوف على أبرز أنشطتها ومجالات عملها، بالإضافة إلى أهم ما حقّقته خلال السنوات الماضية.
اختتم الكنيست الإسرائيلي في الأسبوع الماضي دورته الشتوية الأولى بعد انتخابات مطلع تشرين الثاني 2022، التي أظهرت تماسكا للائتلاف الجديد الحاكم، إلا أن العاصفة جاءت من الميدان، وبمستوى لم تشهده إسرائيل بهذا المستوى من قبل، مع الأخذ بالحسبان الدوافع التي حرّكت الشارع، إذ أن نزول مئات الآلاف إلى الشوارع، على مدى أيام، وأحيانا بسرعة تعد فائقة، وحتى اندفاعية، هو مشهد لم تعرفه إسرائيل من قبل، نجح حتى الآن في لجم الأزمة التي خلقتها حكومة بنيامين نتنياهو لضرب جهاز القضاء؛ لكن كما يبدو فإن هذا ليس أكثر من تأجيل لبضعة أشهر لأزمة قد تشتد في المرحلة المقبلة، في حين لم يتوقع نتنياهو أن يخترق هيجان الشارع صفوف حزب الليكود، ولو بهذا القدر المحدود، ولكن هذا دلّ على نواة تململ من نهجه، بعد أن باتت قبضته على الحزب أشد من أي وقت مضى.
يعتبر جيش الاحتياط الإسرائيلي عنصرًا أساسيًا من مكونات "الأمن القومي الإسرائيلي"، وأحد أهم الركائز التي تستند إليها آلة الحرب الإسرائيلية. لطالما تم اعتبار الجيش الإسرائيلي بشكل عام، وجيش الاحتياط بشكل خاص، بقرة مقدسة، ومحط إجماع يستثنى من الانتقاد ولا يتأثر بالصراعات السياسية أو الحزبية داخل إسرائيل. منذ شروع حكومة نتنياهو السادسة بعملية "الإصلاحات القضائية"، امتد الانقسام السياسي الإسرائيلي إلى داخل الجيش وطال جيش الاحتياط، الأمر الذي يشي بتغيرات جوهرية لا بد من الوقوف عندها لما لها من تداعيات قد تكون حاسمة على الأمن القومي الإسرائيلي. هذه المقالة تستعرض أهمية جيش الاحتياط الإسرائيلي، مكانته في إسرائيل، والجدل الأخير حوله.
الصفحة 58 من 324