أكدت كل التقارير الإسرائيلية على مدى السنوات الماضية أن التبادل التجاري التركي الإسرائيلي لم يتوقف في أي وقت حتى خلال "الأزمة" السياسية المعلنة بين الجانبين، منذ العام 2009 وحتى منتصف العام الماضي، حين تم توقيع اتفاق المصالحة بين الجانبين. وليس هذا فحسب، بل إنه خلال سنوات "الأزمة" سجل التبادل التجاري ذروة غير مسبوقة من حيث حجمه، لتكون تركيا الدولة الخامسة في العالم من حيث حجم الاستيراد من إسرائيل. ولكن الآن بدأ الحديث عن هذا التعاون بشكل علني أكثر، كما جاء على لسان السفير التركي الجديد في تل أبيب كمال أوكيم.
ادعت إسرائيل منذ نشوب الحرب الأهلية في سورية أنها لا تتدخل ولن تتدخل فيها، لكنها شنّت العديد من الغارات على أهداف داخل سورية، من دون تحمل مسؤولية علنية عنها، علما أنها تركت بصمتها فيها، كما أن تقارير عربية وأجنبية أكدت أن الطيران الحربي أو صواريخ إسرائيلية هي التي نفذت هذه الغارات. لكن الغارة الإسرائيلية التي قصفت هدفا في عمق الأراضي السورية، في 17 آذار الفائت، كانت استثنائية بسبب إطلاق إسرائيل صاروخا من منظومة "حيتس" لاعتراض
تشير التقديرات في إسرائيل إلى أن الحرب الأهلية في سورية، التي دخلت في منتصف شهر آذار الفائت عامها السابع، قد شارفت على نهايتها، في أعقاب التحول الكبير في هذه الحرب لمصلحة النظام السوري. لكن في الواقع، هذه التحولات لا تصب في مصلحة النظام السوري وحده فقط، وربما لا تضمن بقاءه، وإنما تصب بالأساس في مصلحة حلفاء دمشق، روسيا وإيران وأيضا حزب الله، الذين لولا تدخلهم العسكري المباشر لما تمكن النظام من الصمود أمام هجمات قوات المعارضة السورية والتنظيمات الجهادية المتطرفة، مثل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) و"جبهة فتح الشام" (النصرة سابقا).
من عبء سياسي إلى كنز إستراتيجي
في يوم الاثنين، الخامس من حزيران 1967، أقلعت 185 طائرة حربية إسرائيلية من قواعدها، ودمرت في غضون ساعة واحدة جميع قواعد سلاح الجو المصري، فيما سُمي "عملية موكيد"، وبذلك بدأت "حرب الأيام الستة"، التي حُسِمَت من ناحية عملية في يوم واحد، وفيها ألحقت إسرائيل الهزيمة بالجيوش العربية التي سَعَت إلى إبادتها وهي لم تزل في حدودها الضيقة والخانقة في ذلك الوقت داخل ما يسمى بـ"الخط الأخضر".
لم تُثر القمة العربية التي عُقدت في البحر الميت في الأردن، يوم الأربعاء الماضي، اهتمام السياسيين الإسرائيليين الذين امتنعوا عن التعقيب عليها لسبب ما، وربما يلجأون إليها في خطابات في المستقبل. لكن محللين إسرائيليين تطرقوا إليها، في اليوم التالي، الخميس الماضي، وتناولوها من زاويتين أساسيتين: الأولى تتعلق بالقضية الفلسطينية، بينما تتعلق الثانية بإيران وبالبيان الختامي، "إعلان عمان"، الذي جاء معتدلا.
في شهر كانون الأول الماضي (2016)، احتشد ذات مساء شتوي في "بيت صهيونيي أميركا" في تل أبيب، جمع مُرتَبِك من الرجال الملتحين المعتمرين للقبعات الدينية، ومن النساء اللاتي يغطين رؤوسهن، إحتفاء بمناسبة "اليوم العالمي لحقوق الإنسان". وفوق المنصة وضعت يافطة الكترونية ضخمة بإسم منظمة "إم ترتسو" ("إذا شئتم") اليمينية المتطرفة، تعلن افتتاح حفل مَنح "الجائزة الصهيونية لحقوق الإنسان"، والذي تُقِيمه المنظمة للسنة الرابعة على التوالي تحت شعار "دمج أبناء الأقليات في المجتمع الإسرائيلي".
الصفحة 250 من 324