على الرغم من جميع محاولات الهرب والتهرّب فإن النكبة تتسلل بطريقتها إلى الوعي الإسرائيلي. وأمام الأبواب المقفلة، فإنها تدخل من النوافذ غير الرسمية، وتستقر في الوعي العام الإسرائيلي. القضية قضية تراكم، كمي ثم نوعي.
التقاط استخدامات مفردة "النكبة" بالعبرية بلفظتها العربية ومعناها في سياق نتائج الانتخابات الأخيرة، فيه كثير من الطرافة، وأكثر منها الجديّة. الكاتب يونتان غيفن، الذي تعرض لاعتداء يميني إرهابي بسبب مواقفه، وصف إعادة انتخاب بنيامين نتنياهو بالقول إن: "الشعب اختار ثانية من يؤسس حكمه على تخويف الشعب"، معتبرا أن تاريخ 17 آذار 2015، يوم الانتخابات، هو "نكبة لمعسكر السلام".
قال تقرير جديد للخبير الاقتصادي في وزارة المالية الإسرائيلية إن كل برامج الحكومة لتحفيز جمهور الحريديم (اليهود المتشددين دينياً) على الانخراط في سوق العمل لم تحقق النتائج المتوخاة، وهذا ما سيستدعي الحكومة لأن تعيد جدولة أهدافها من حيث النسب المئوية. وقد تبين أن نسبة انخراط الحريديم في سوق العمل لم تتعد 51%، مقابل حوالي 88% لدى الجمهور العام. كما تبين أن أدنى نسب الانخراط هي لدى الجمهور الأشكنازي (الغربيين)، الذين هم أكثر تزمتا دينيا من الحريديم السفاراديم الشرقيين، إلا أنه في الحالتين تبقى النسبة منخفضة.
سمعتُ أخيرا، وإن بنصف أذن، أجزاءً من الخطاب الذي ألقاه رئيس الكنيست الإسرائيلي يولي إدلشطاين (الليكود). كانت "وتنادون بالعتق في الأرض لجميع سكانها" واحدة من الآيات التي سمعته يقتبسها عدة مرات خلال خطابه في الحفل الرسمي –القومجي– اليميني المسمّى "خمسون عاماً للإستيطان في يهودا والسامرة". وقد قلت لنفسي إنه من غير المعقول أن يختار رئيس الكنيست في مثل هذا الحفل اقتباس آية تتناول حرية "جميع سكان البلاد". فكل شخص من أولئك الجالسين في الجمهور يعرف أن الفلسطينيين أيضا هم سكان البلاد، قسم منهم مواطنون في إسرائيل وهم ليسوا أحراراً كعصافير الدوري، وقسم آخر في مناطق الضفة الغربية حيث يعيشون هناك في وضعٍ متواصل هو النقيض التام للحرية، ويتصل بشكل وثيق بـ "احتفالات الإستيطان في يهودا والسامرة".
"بعد سنوات طويلة من التشكك والعدائية، تتجه أوساط سياسية واسعة ـ سياسية وجماهيرية ـ نحو تعميق علاقاتها مع أحزاب وحركات يمينية متطرفة في أوروبا، خلافا ـ في بعض الأحيان ـ للموقف الرسمي المعلن من جانب الحكومة الإسرائيلية. وتحتل هذه الظاهرة مكانة متعاظمة في السجال السياسي العام في إسرائيل، كما تستقطب انتباها ملحوظا في أوروبا نفسها، وخصوصا بين التجمعات اليهودية في القارة الأوروبية ولدى الهيئات الناشطة في موضوع العلاقات مع دولة إسرائيل".
تشكل الجولة السياسية الأخيرة التي قام بها رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إلى دول في أميركا الجنوبية سابقة تاريخية أخرى في إطار السياسية الخارجية الإسرائيلية تحت قيادته، والتي تمتاز بالنمو والازدهار السياسيين غير المسبوقين في تاريخ دولة إسرائيل. فخلال خمسة عشر شهراً، أجرى نتنياهو خمسة لقاءات سياسية تاريخية، في دول لم يزرها أي رئيس حكومة إسرائيلية من قبل.
حذر التقرير السنوي لـ "معهد سياسة الشعب اليهودي"، التابع للوكالة اليهودية- الصهيونية، والذي يقف على رأسه المستشار الأميركي دينيس روس، من أن إسرائيل أمام تحديات إقليمية، على الرغم من عدم وجود تهديد من جيوش نظامية في المنطقة لها، وبشكل خاص بسبب تمركز إيران في سورية. وقال التقرير إن على إسرائيل أن تستغل وجود رئيس أميركي داعم ومؤيد لها في البيت الأبيض، من أجل تحقيق انجازات في المفاوضات الإسرائيلية- الفلسطينية، بشكل يمنعها من الولوج نحو دولة ثنائية القومية، تفقد فيها إسرائيل هويتها "اليهودية الديمقراطية"، بحسب ما أكد.
الصفحة 247 من 338