من لا يزال يعيش في وهم أن الصادرات هي مقدمة قطار الاقتصاد الإسرائيلي، ليس من المجدي له أن يسترق النظر إلى المعطيات الواردة من هذه المقالة. فالحكومة تستطيع اتهام الجميع: التجارة العالمية، الاحتكارات الكبرى، تعزيز قيمة الشيكل، وحتى المقاطعة الهادئة للبضائع الإسرائيلية، ولكن يوجد أمر واحد، لا يمكنها الاستمرار بفعله: أن ترسل المصدّرين ليحاربوا وحدهم في جميع أرجاء المعمورة، وأن تختبئ هي من وراء بنك إسرائيل المركزي.
سجل النمو الاقتصادي الإسرائيلي في الربع الأول من العام الجاري 2016 ارتفاعا بنسبة 8ر0%، وهي تعد أقرب إلى الركود الاقتصادي، وانعكاسا لسلسلة مؤشرات سلبية مستمرة منذ عامين وأكثر، أبرزها تراجع الصادرات بنسبة 13%.
حذرت أوساط اقتصادية مختصة من تراجع التجارة الإسرائيلية في الأسواق العالمية، على الرغم من أن حجم التجارة العالمية سجّل ارتفاعا في العام الماضي 2015، في حين استمرت صادرات البضائع الإسرائيلية تسجل تراجعات، كما ظهر في الربع الأول من العام الجاري، إذ سجلت صادرات البضائع من دون الخدمات، تراجعا بنسبة 14%. وعلى الرغم من هذا، فإن تقريرا أخيرا لمعهد الصادرات الإسرائيلي، يبيّن أن اجمالي الصادرات (بضائع وخدمات) تفوق على الاستيراد لإسرائيل.
أظهر تقرير للبنك الدولي بشأن البيروقراطية الخاصة بإقامة مصالح اقتصادية، تدهور إسرائيل من المرتبة 26 في العام 2006 إلى المرتبة 40 في العام 2015، رغم سلسلة قرارات أصدرتها الحكومات المتعاقبة، وخاصة حكومة بنيامين نتنياهو في العام 2012. وحسب بحث إسرائيلي، فإن تقليص البيروقراطية بنسبة 25% فقط، من شأنه أن يزيد فرص العمل بنسبة 7ر1%، وأن يزيد النمو الاقتصادي بنسبة 5ر1%.
سجل العجز في الموازنة العامة في الثلث الأول من العام الجاري 2016 (الأشهر الاربعة الأولى) أدنى مستوياته، إذ بلغ العجز 900 مليون شيكل، وهو ما يعادل قرابة 237 مليون دولار، في حين سجلت مداخيل الخزينة من الضرائب ارتفاعا، رغم التراجع الطفيف الذي حصل في شهر نيسان الماضي.
يتمحور قسط كبير من النقاش العام، في إسرائيل تحديدا، حول الصراع الإسرائيلي ـ العربي عامة، والإسرائيلي ـ الفلسطيني أساسا، في مسألة العدالة التاريخية وما يشتق منها ويتراكم عليها من أسئلة، كثيرة، مثل: مَن المذنب؟ مَن البادئ؟ لمن هذه الأرض وهذه البلاد ومن هو الطرف الذي يمتلك الحق فيها وعليها؟ ما هي دوافع الأطراف المختلفة، مراميها وغاياتها؟ كيف السبيل إلى الخروج من هذه الأزمة، سياسيا؟ وغيرها الكثير من هذه الأسئلة. لكن، قليلا جدا ما تُطرح للنقاش العام أسئلة تتعلق بالعبء الاقتصادي الذي ترتب على هذا الصراع خلال العقود الماضية منذ بدئه وبالأثمان الاقتصادية والاجتماعية الباهظة التي دفعتها شعوب المنطقة ودولها، وخاصة دولة إسرائيل وشعبها والشعب الفلسطيني، جراء هذا الصراع والتي تواصل دفعها، يوميا، جراء استمراره.
الصفحة 39 من 57