سجل النمو الاقتصادي الإسرائيلي في الربع الأول من العام الجاري 2016 ارتفاعا بنسبة 8ر0%، وهي تعد أقرب إلى الركود الاقتصادي، وانعكاسا لسلسلة مؤشرات سلبية مستمرة منذ عامين وأكثر، أبرزها تراجع الصادرات بنسبة 13%.
وقادت التراجعات الاقتصادية إلى أن تحذر وكالة تدريج اعتمادات دولية المستثمرين من توقف النمو في الاقتصاد الإسرائيلي. في المقابل، فإن توقعات وزارة المالية للنمو للعام المقبل 2017 بقيت متدنية، وأقل من 3%.
وكان مكتب الإحصاء المركزي قد أشار في تقرير دوري له، إلى أن النمو في الربع الأول ارتفع بنسبة 8ر0%، وهو من أدنى مستويات المرحلة الأخيرة، فالنمو في الربع الأخير من العام الماضي سجل ارتفاعا بنسبة 1ر3%، وفي الربع الذي سبقه (الثالث 2015)، سجل ارتفاعا بنسبة 3ر2%.
وقالت صحيفة "ذي ماركر" الاقتصادية إنه كان من الواضح لمقرري السياسة الاقتصادية في السنوات الأخيرة أن النمو لا يمكنه الاستمرار في الاعتماد على القوة الشرائية للعائلات، خاصة وأن قطاعات اقتصادية كبرى قادت قطار النمو في السنوات الأخيرة، مثل الانتاج الصناعي، وصادرات البضائع والخدمات والتقنيات العالية تشهد تراجعات مستمرة منذ عدة سنوات.
ويقول المحلل الاقتصادي في الصحيفة ذاتها، موطي بسوك، إن الحكومة ومسؤولي المؤسسات المالية الرسمية، لم يضعوا بعد برنامجا واضحا لمواجهة هذا الواقع الاقتصادي. فالاقتصاد الإسرائيلي الذي اجتاز الأزمة الاقتصادية العالمية في العامين 2008- 2009، بصورة لافتة، ونجح في سد فجوات أمام الدول المتطورة الكبرى، خسر الكثير مما حققه في السنوات القليلة الماضية.
ويتضح من تقرير مكتب الإحصاء ذاته، أن صادرات البضائع والخدمات (اجمالي الصادرات) سجلت في الربع الأول من العام الجاري تراجعا بنسبة لامست 13%، وهذا استمرار للتراجع الذي حصل في الربع الأخير من العام الماضي بنسبة 6ر1%. وفي التفاصيل، نرى أن صادرات البضائع وحدها سجلت تراجعا بنسبة 2ر12%، بينما تراجعت صادرات الخدمات بنسبة 2ر14%. وفي المقابل فإن صادرات السياحة سجلت ارتفاعا تجاوز نسبة 34%، كما أن الارتفاع كان في الصادرات الزراعية بنسبة 3ر26%.
وفي المقابل سجل الاستيراد في الربع الأول من العام الجاري ارتفاعا بنسبة 5ر7%، بعد الارتفاع الحاد بنسبة 21% في الربع الأخير من العام الماضي.
في أعقاب ما نشره مكتب الإحصاء، أصدرت وكالة تدريج الاعتماد المالي "موديس" بيانا إلى المستثمرين تحذر فيه من توقف النمو في الربع الأول من العام الجاري، وقالت إنه قد تكون لهذا تبعات سلبية على تدريج الاعتماد المالي لإسرائيل، إلا أن "موديس"، لم تغير بعد تدريج إسرائيل المالي، وهو ما زال عند مكانة "مستقر".
وقالت الوكالة إن مستوى النمو هو نقطة ضعف للاقتصاد الإسرائيلي، مثل هشاشة الجهاز السياسي الإسرائيلي، بقصد عدم استقرار الحكومات، وما نبع من ذلك في عدم ثبات قرارات سياسية واقتصادية، مثل التراجع عن القرارات التي كان من شأنها دفع رجال المتدينين المتزمتين (الحريديم) إلى سوق العمل، وأيضا الاتفاقيات مع شركات احتكار الغاز وغيرها.
وقالت "موديس" إن الضعف المستمر في الاقتصاد الإسرائيلي، والتضحية بإصلاحات اقتصادية لصالح اعتبارات حزبية، يضعان قدرات الحكومة الإسرائيلية في خطر، حينما تحاول تحقيق الأهداف الاقتصادية المخططة. وتشير الوكالة إلى أنه في الوقت الذي تستعد فيه الحكومة الإسرائيلية إلى إقرار ميزانية مزدوجة للعامين 2017 و2018، تتكاثر المؤشرات التي تدل على أن النمو الاقتصادي سيبقى أقل من التوقعات، وأن تحقيق الأهداف الاقتصادية لن يكون واقعيا، إذا لم تتم اصلاحات اقتصادية، بما فيها اصلاحات ضريبية.
وشككت الوكالة في أن تكون إسرائيل قادرة على تحقيق نسبة النمو الاقتصادي المخططة للعام الجاري، خاصة وأن الصادرات الإسرائيلية ما تزال تواجه ضغوطا، على ضوء ارتفاع قيمة الشيكل أمام الدولار، وسائر العملات العالمية.
وتقول الخبيرة الاقتصادية في الوكالة ذاتها، كريستين لينداو، إن قدرة إسرائيل على تسديد الديون تعتمد على قدرة الاقتصاد الإسرائيلي، على الرغم من القلاقل الجيو سياسية، وكون إسرائيل صغيرة جدا أمام الاقتصاد العالمي. وتشير لينداو إلى أن حجم قطاع التقنية العالية، والبطالة المنخفضة، هما من نقاط القوة للاقتصاد الإسرائيلي، إلا أن وتيرة النمو المنخفضة منذ منتصف العام 2014، تستوجب الحذر.
من جهة أخرى، وضع مسؤولو وزارة المالية، في اجتماع أولي، أسس الموازنة العامة، للعامين المقبلين 2017 و2018، وبموجب التوقعات الأولية، فإن النمو الاقتصادي في العام المقبل سيكون هو أيضا ما دون سقف 3%، بنسبة 9ر2%، وهي نسبة ما تزال ضعيفة، على ضوء احتياجات إسرائيل الاقتصادية، اضافة إلى حقيقة أن معدل التكاثر الاجتماعي في حدود 2% في العامين الماضيين.
ووضعت الوزارة هدف جباية ضرائب للعام المقبل، بنحو 290 مليار شيكل، وهو ما يعادل 5ر75مليار دولار، وهذا أكثر من هدف العام الجاري بنحو 12 مليار شيكل. وتقفز توقعات الجباية في العام 2018 إلى 305 مليارات شيكل، وهو ما يعادل 4ر79مليار دولار. كما تتوقع الوزارة أن يكون العجز في الموازنة العامة في العام المقبل 5ر2% من حجم الناتج المحلي العام، على أن يكون العجز في العام التالي بنحو 2%.