"تدل تجارب الأقليات في العالم على أن الحفاظ على حقوقها الجماعية كان مرهونا بالاعتراف الرسمي والفعلي بلغاتها. وبطبيعة الحال لا يتم هذا الأمر إلا إذا قامت الأقلية باستعمال لغتها وفرضها على الدولة ومؤسساتها. في كندا مثلا، لم يتم الاعتراف الرسمي والفعلي بلغة الأقلية الفرنسية، التي تشكل نحو 24 %، إلا بعد أن تمسكت هذه الأقلية وقياداتها ومؤسساتها بلغتها واستعملتها في تعاملها مع الدولة"- هذا ما جاء في مستهل مبادرة مشتركة تدعو إلى تعميق المعركة من أجل الاعتراف باللغة العربية في إسرائيل كتعزيز لحقوق الناطقين بها، عممها د. مروان دويري، رئيس إدارة عدالة- المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل والمحامي حسن جبارين، مدير عام عدالة، ووصلت نسخة عنها إلى "المشهد الإسرائيلي".
منذ بدايته تأسّس المشروع الصهيوني على الأساطير، ثم جاءت إسرائيل لتعمل على ترسيخ هذه الأساطير في الثقافة الإسرائيلية، كما لدى الرأي العام العالمي، بتحويلها إلى نوع من الأيديولوجيا والقيم المطلقة، التي يحرّم المساس بها.
مصطلح الشعب المختار، ترجمة للعبارة العبرية "هَعَم هَنبحار"، وهنالك معنىً آخر للاختيار، في عبارة مثل: "أتا بحَرتانو"، والتي تعني اخترتنا أنت، و"عم سجولاه"، أي الشعب الخلاصة أو "عم نحلاه" أي شعب الإرث. ويؤمن الكثير من اليهود بأنهم شعب الله المختار وان هذه المقولة لبنة أساسية في الفكر الديني اليهودي، وتعبير آخر عن النسج الحلولي الذي تشَكل داخل التركيب التراكمي للديانة اليهودية. والثالوث الحلولي مكوّنٌ من: "الإله، الأرض والشعب" فيحل الإله في الأرض، لتصبح أرضًا مقدسة ومركزا للكون، ويحل في الشعب ليصبح شعبا مختارًا، وأزليا، ولهذا السبب، يشار إلى الشعب اليهودي بأنه "الشعب المقدس" و"عَم عولام" أي شعب الكون، و"عَم نيتسح"، أي الشعب الأبدي.
استطاع رئيس الحكومة الإسرائيلية أريئيل شارون أن يحوّل خطة فك الارتباط إلى مركز النقاش السياسي الدائر في إسرائيل، وأصبحت "يهودية" الدولة ذريعة مركزية لقبول الخطة مقابل الرأي الإسرائيلي النقيض لها ومقابل بؤرته الأساسية وهي عدم التنازل عن أرض إسرائيل الكبرى.
الصفحة 114 من 117