منذ إعلان الدولة العبرية عام 1948 والجدال يدور حول طبيعة العلاقة بين المستويين السياسي والعسكري. فمن الوجهة القانونية تخضع المؤسسة العسكرية والأمنية عموماً لإمرة المستوى السياسي. ومن لا يخضع لإمرة وزير الدفاع، وهو كل ما يقع في دائرة المؤسسة العسكرية، يخضع لإمرة كل من رئيس الحكومة ووزير الداخلية أو الأمن الداخلي. وهذا ما يتعلق بجهازي الموساد والشاباك الخاضعين لرئاسة الحكومة أو الشرطة التابعة للأمن الداخلي.
أثار الأديب الإسرائيلي أ. ب. يهوشع غضب الكثيرين من اليهود في إسرائيل والعالم بتركيزه الواضح في خطاب ألقاه الأسبوع الفائت أمام "اللجنة اليهودية الأميركية" على الفارق بين اليهودية الإسرائيلية ويهودية الشتات. ويبدو أن يهوشع لامس الوتر الأشد حساسية في العلاقة بين الصهيونية ويهود الشتات حيث أن هذه الحركة اعتبرت نفسها من الأساس حركة تحرير وطني للشعب اليهودي ورأت في استمرار يهود الشتات نوعا من الرفض لها. كما أن بقاء يهود الشتات أكبر عددا من يهود إسرائيل واستمرار هجرة الإسرائيليين إلى الشتات بحثا عن العيش الأفضل يخلق مشكلة دائمة لأسس الفكر الصهيوني.
لاحظت هداس شطايف، أثناء قيامها كمراسلة للشؤون الجنائية في محطة إذاعة الجيش الإسرائيلي ("غالي تساهل") بزيارة العديد من السجون، ظاهرة لافتة للانتباه... إذ تبين لها أن الكثير من السجناء الجنائيين اعتادوا على قص الأخبار والتقارير التي تتحدث عنهم وعن القضايا الموجهة لهم وتعليقها على جدران غرف اعتقالهم. واللافت هو أن حقيقة كون هذه التقارير تناولت هؤلاء السجناء كمجرمين ارتكبوا أعمالاً إجرامية، لم تجعلهم يشعرون بالخجل مما كتب عنهم، بل على العكس، كما قالت شطايف مضيفة "أي تقرير يعظم مثل هذا المجرم أو ذاك، يحول هذا السجين (المجرم) إلى بطل ... إنهم يحبون ذلك كثيراً، إذ تبدو التقارير وكأنها تُعلي من شأنهم وتضعهم فوق الآخرين".
هل حقا أن أفيغدور ليبرمان رئيس حزب "يسرائيل بيتينو" هو خارج الإجماع الصهيوني المهيمن؟ وهل هو خارج فلك حزب كديما الحاكم والذي هو مزج بين نهج حزب العمل ونهج الليكود؟ وهل ليبرمان ونهجه أكثر عنصرية من نهج حزب كديما أو حزب العمل، وهذا الأخير صاحب "مدرسة" الديمغرافيا الإسرائيلية بينما حزب كديما هو تعبير عن المزج بين رؤية الأمن القومي الإسرائيلي القائمة على المركبين الأكثر عدوانية وعنصرية: ديمغرافية حزب العمل من ناحية ورفضية الليكود التقليدية لأية تسوية من الناحية الأخرى، وكلا المركبين هما من مركبات اللاءات الإسرائيلية المعهودة والمجمع عليها صهيونيا؟.
الصفحة 108 من 117