* ضباط كبار: حالة الاستنفار لم تتصاعد ولا يوجد إنذار بحرب قريبة لكن الحملة تأتي في سياق استمرار التهديدات الأميركية بتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران *
قال الجنرال في الاحتياط نحمان شاي، الذي تولى منصب الناطق العسكري الإسرائيلي إبان حرب الخليج الأولى (1991)، إنّ حملة قيادة الجبهة الإسرائيلية الداخلية، التي نشر عنها في صحيفة "يديعوت أحرونوت" قبل نحو أسبوع بشأن الاستعداد والتزوّد بالمواد الملائمة للاحتماء من الحرب المقبلة، تثير الاستغراب وتطرح العديد من الأفكار.
وأضاف شاي: لا شكّ أن الاستعداد للحرب المقبلة هو أمر مهم، مع ذلك فإن المورد المسمى مناعة وطنية مهم أيضًا ولا يجوز المسّ به. حرب لبنان في الصيف الماضي تركت فينا جروحًا لم تلتئم بعد، وقد أعادت إلى الأذهان على نطاق واسع الضربات التي تعرضت لها إسرائيل خلال حرب الخليج الأولى عندما قصفت الجبهة الداخلية بالصواريخ. إن هاتين الحربين، علاوة على بعض الأحداث من حروب أخرى، تدل على أن الجبهة الداخلية هي المفتاح للصمود في جبهة القتال. إنّ الجبهة الداخلية في إمكانها أن تمنح الوقت الكافي للمؤسسة السياسية والقوات المقاتلة، وفي الوقت نفسه في إمكانها تقصير الجدول الزمني للحرب وأن تفرض وقفها. نموذج حرب الخليج الأولى أقرب إلى الإمكانية الأولى، بينما نموذج حرب لبنان أقرب إلى الإمكانية الثانية.
وأكد شاي أنه لا يقلل من أهمية الحاجة إلى الاستعداد للحرب دائمًا، لكن إسرائيل تعيش فترة هادئة حاليًا وإعادة الجمهور العريض إلى دوامة الاستعداد للحرب هي خطأ وتحتاج إلى تفسير، منوهًا بأنه "لا يجوز أن نطلب من الجمهور أن يتخذ خطوات من هذا القبيل في ظلّ الواقع القائم الآن من دون أن يزوده كبار المسؤولين في الجيش أو في المؤسسة الأمنية بالخلفية الملائمة".
جاءت تصريحات شاي في أعقاب إعلان قيادة الجبهة الداخلية في الجيش الإسرائيلي أنها ستبدأ حملة بين السكان هدفها "إعدادهم لمواجهة احتمال نشوب حرب في المنطقة وإطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل".
ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" (24/10/2007) عن ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي قولهم إن "حالة الاستنفار لم تتصاعد ولا يوجد إنذار يحذر من حرب قريبة"، لكن حملة قيادة الجبهة الداخلية تأتي في سياق استمرار التهديدات الأميركية لتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران والجولة المكوكية التي يقوم بها رئيس حكومة إسرائيل ايهود أولمرت لعدة دول أوروبية لإقناع قادتها بدعم فرض المزيد من العقوبات على إيران واستشراف موقفها من احتمال توجيه ضربة لإيران لوقف برنامجها النووي.
وبحسب "يديعوت أحرونوت" فإن هدف حملة قيادة الجبهة الداخلية هي "إعداد السكان لمواجهة إطلاق صواريخ باتجاه دولة إسرائيل، من خلال اختيار المجال الداخلي المحميّ وتجهيزه وزيادة الوعي تجاه المسؤولية الشخصية والعائلية للمواطن" الإسرائيلي.
وستفعّل قيادة الجبهة الداخلية خلال الحملة مركز معلومات قطريا يمكن للمواطنين الاتصال به هاتفيا إضافة إلى موقع الكتروني جديد يشمل الكثير من المعلومات والأجوبة على تساؤلات محتملة.
وقال مسؤولون في قيادة الجبهة الداخلية إن استطلاعات رأي تم إجراؤها مؤخرا أظهرت أن الجمهور في إسرائيل ليس مستعدا بما فيه الكفاية لاحتمال نشوب حرب.
يشار إلى أن السلطات الإسرائيلية قامت بحملة مشابهة عشية حرب الخليج الأولى على العراق في العام 1991 والتي سقط خلالها نحو 50 صاروخا عراقيا في إسرائيل.
ووزعت السلطات الإسرائيلية في حينه الكمامات الواقية من أسلحة كيماوية وبيولوجية على المواطنين، كما دعت المواطنين إلى جعل إحدى الغرف في البيوت آمنة من خلال إلصاق قطع من النايلون على زجاج نوافذ الغرفة الآمنة وأبوابها.
ووزعت قيادة الجبهة الداخلية مؤخرا رسالة على السلطات المحلية تضمنت أجوبة لأسئلة يتوقع أن يواجهها عاملون في مراكز المعلومات البلدية في حال نشوب حرب.
وتوصي هذه الرسالة المواطنين بالتزود بالنايلون والأشرطة اللاصقة والمواد التموينية وخصوصا المعلبة منها وجهاز راديو مع بطاريات ومعدات صغيرة لإطفاء حرائق وعلبة إسعاف أولي وكيفية اختيار الغرفة الآمنة، علما أن القانون الإسرائيلي الذي تم سنه بعد حرب الخليج الأولى يلزم ببناء غرفة آمنة في كل بيت تكون جدرانها من الاسمنت المسلح والسميك.
وبحسب الرسالة للسلطات المحلية فإن المواطنين ليسوا مدعوين لتجهيز الغرفة الآمنة في هذه الفترة ولكن عليهم إعداد كل ما يلزم لتجهيز غرفة كهذه وقت الحاجة.
وقالت مصادر في الجيش الإسرائيلي إن حملة قيادة الجبهة الداخلية تأتي في إطار خطة العمل التي أعدها الجيش بعد استخلاص العبر من حرب لبنان الثانية في صيف العام الماضي.
وطالب الجيش السكان في إسرائيل بـ"عدم الدخول في ضغط نفساني" وأن "عملية إعداد المواطنين لاحتمال نشوب حرب تتعلق بكافة السيناريوهات المحتملة وتأتي رغم عدم وجود معلومات في هذه الأثناء بخصوص حرب قريبة والنايلون والغرفة الآمنة هما جزء من الاستعدادات لتلك السيناريوهات المتطرفة".
ولفتت "يديعوت أحرونوت" إلى أنه في أعقاب حرب لبنان الثانية أقامت الحكومة الإسرائيلية "سلطة طوارئ وطنية" تابعة لوزارة الدفاع.
كذلك تم ترميم الملاجئ لكن 40% من السكان يفتقرون لحماية مناسبة من هجمات صاروخية قد تتعرض لها إسرائيل.
ولم تتخذ السلطات الإسرائيلية حتى الآن قرارا بخصوص منطقة خليج حيفا الذي يعج بالمصانع الكيماوية الكبيرة والخطيرة وبينها مصافي النفط وما إذا كان سيتم تحصين هذه المنطقة أو إخلاء المنطقة من المواد الخطيرة.
تجدر الإشارة إلى أن "يديعوت أحرونوت"، وهي أكبر صحيفة إسرائيلية وأوسعها انتشارا، خصصت الصفحات الثلاث الأولى من عددها المذكور (24/10/2007) لهذا الموضوع نظرا لأهميته، علما أن الحدث المركزي في إسرائيل كان إحياء الذكرى السنوية الـ12 لاغتيال رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق إسحق رابين.