أوصى جهاز الأمن الإسرائيلي أمام الحكومة الإسرائيلية بتنفيذ سلسلة خطوات أحادية الجانب تقود إلى عزل قطاع غزة عن الضفة الغربية وتقسيم الضفة الغربية إلى قسمين على الأقل.
ووفقًا لصحيفة "هآرتس" يوم الاثنين 6/3/2006 فإن هذه التوصيات جاءت في أعقاب فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، لكن الجيش الإسرائيلي بدأ بإعداد هذه التوصيات قبل الانتخابات الفلسطينية "فيما كان واضحا أن حركة فتح ستفوز بهذه الانتخابات".
وتقضي التوصيات باستكمال فك الارتباط في قطاع غزة من خلال تحويل معبري إيرز (بيت حانون) وكارني (المنطار) الى معبرين دوليين ما يعني فصل القطاع عن الضفة وتوقف جباية رسوم الضرائب والجمارك على يدي إسرائيل لصالح الفلسطينيين.
كذلك يطالب جهاز الأمن الإسرائيلي بقطع البنى التحتية مثل الماء والكهرباء عن القطاع بعد إعطاء السلطة الفلسطينية مهلة لتوفير بديل مستقل.
وجاء في التوصيات أن بإمكان الفلسطينيين تفعيل مطار وميناء لكن عليهم تزويد الخدمات للمواطنين وإدارة التجارة الخارجية للسلطة الفلسطينية في قطاع غزة بشكل مستقل.
كذلك يقترح جهاز الأمن منع دخول العمال الفلسطينيين بشكل كامل الى إسرائيل بما في ذلك منع عبور سكان القطاع الى الضفة عبر إسرائيل.
وسترد إسرائيل بقوة على إطلاق ناشطين فلسطينيين لصواريخ قسام من شمال القطاع باتجاه مناطقها الجنوبية.
وفيما يتعلق بالضفة الغربية جاء في التوصيات أنه لن يكون بالإمكان تنفيذ فك ارتباط شبيه بالذي تم تنفيذه الصيف الماضي في قطاع غزة بادعاء قرب الضفة من التجمعات السكانية ومطار اللد في وسط إسرائيل "ووجود خطر كبير في حال تنفيذ إخلاء كامل وإعادة انتشار الجيش الإسرائيلي خلف الجدار الفاصل".
ويطالب الجيش بمواصلة التواجد في الضفة الغربية وممارسة عملياته فيها بحرية "لمنع تنامي قدرات إرهابية، مثلما يفعل الآن في شمال الضفة وخصوصا في المنطقة التي أخلى أربع مستوطنات فيها" في إطار خطة فك الارتباط.
وتترك التوصيات للحكومة اتخاذ قرار فيما يتعلق بإخلاء مستوطنات في الضفة ومواقع المستوطنات التي لن يتم إخلاؤها وفقا لاعتبارات عديدة أهمها استمرار السيطرة الإسرائيلية على مصادر المياه في الضفة.
وأفادت "هآرتس" أن المفهوم السائد اليوم في جهاز الأمن يقضي بعدم وجود "مساهمة أمنية مباشرة" للمستوطنات. كما لا توجد مستوطنات ينطوي وجودها في موقع معين على أهمية بالغة للغاية لكون هذه المستوطنات تتطلب من الجيش توفير قوات وموارد كبيرة جدا لحمايتها.
لكن في مقابل ذلك ادعت التوصيات بأن ثمة ضرورة لأن تكون لإسرائيل سيطرة على مناطق في وسط الضفة اعتبرتها التوصيات "إستراتيجية".
وهذه المناطق هي المرتفعات المطلة على وسط إسرائيل وقطاع في غور الأردن يمتد من شمال البحر الميت وحتى شمال الغور عند مدينة بيسان ومنطقة الكتلة الاستيطانية أريئيل الواقعة جنوب نابلس في عمق الضفة الغربية والكتلة الاستيطانية غوش عتصيون الواقعة بين بيت لحم والخليل في جنوب الضفة والمستوطنات والكتل الاستيطانية المحيطة بالقدس من كافة الجهات.
يشار الى أن جميع توصيات جهاز الأمن تتعارض مع الاتفاقيات الموقعة بين إسرائيل والفلسطينيين التي تؤكد على وجوب بقاء الضفة والقطاع "وحدة إقليمية واحدة" وعدم العمل على تقسيمها.
كديما يتجاهل خريطة الطريق
وكانت صحيفتان إسرائيليتان قد أفادتا، الأحد 5/3/2006، بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بالوكالة ايهود اولمرت قرر تجاهل خريطة الطريق وتنفيذ خطة فك ارتباط ثانية في أقسام من الضفة الغربية.
وقالت صحيفة "هآرتس" ان أولمرت سيسعى، بعد الانتخابات العامة في إسرائيل المزمع إجراؤها في 28 آذار الجاري، إلى "تجنيد تأييد دولي لعملية أحادية الجانب أخرى تنفذها إسرائيل في الضفة الغربية في حال فوزه بالانتخابات".
وتشير كافة التوقعات السياسية في إسرائيل الى أن حزب كديما الذي يرأسه اولمرت سيكون الفائز الأكبر في الانتخابات المقبلة وسيشكل الحكومة الإسرائيلية القادمة.
من جهة ثانية كشف الرئيس السابق لجهاز الشاباك والمرشح البارز في كديما، آفي ديختر، ان الجيش الإسرائيلي لن ينسحب من الضفة وإنما سيخلي عددا من المستوطنات فحسب.
ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن ديختر قوله إن فك الارتباط الثاني سيكون وفقا لنموذج فك الارتباط عن مستوطنات شمال الضفة الأربع التي تم إخلاؤها الصيف الماضي وليس وفقا لفك الارتباط الذي نفذ في قطاع غزة.
وأضاف ديختر "إننا نتحدث عن خطوط أمنية سنبدأ في التخطيط لها بعد تشكيل الحكومة بمشاركة الأحزاب التي ستنضم للحكومة وأيضا بمشاركة قادة المستوطنين".
وأوضح انه سيتم وفقا لخطة فك الارتباط الثانية إخلاء عدد من المستوطنات في الضفة ونقل المستوطنين فيها الى الكتل الاستيطانية الكبرى وشدد على ان المستوطنات في الضفة المحاذية للخط الأخضر لن يتم إخلاؤها.
وتابع ديختر قائلا ان الجيش الإسرائيلي سيواصل السيطرة في الضفة كلها "وفك الارتباط سيكون من المستوطنات لكن ليس من المناطق، والسيطرة الأمنية ستبقى في أيدي إسرائيل".
وقال إنه يفرق بين "فك ارتباط عسكري" الذي يرفضه وبين "فك ارتباط مدني" الذي يؤيده زاعما انه حل مؤقت.
وشدد ديختر على أن "لا نية لدينا بتاتا لتنفيذ فك ارتباط عسكري لأنه ليس لدينا شريك (فلسطيني) يحارب الإرهاب. ومرحلة تسليم المناطق بشكل كامل ستتم فقط بعد قيام سلطة فلسطينية تثبت أنها قادرة وتحارب الإرهاب".
وقالت "يديعوت أحرونوت" ان قيادة حزب كديما تخطط في "مداولات مغلقة" لإنشاء سبع كتل استيطانية في الضفة الغربية بينها الكتل الأربع الكبرى وهي معاليه ادوميم الواقعة شرق القدس وغوش عتصيون الواقعة بين بيت لحم والخليل في جنوب الضفة وأريئيل الواقعة جنوب نابلس في عمق الضفة الغربية وغور الأردن الذي سيشكل "الحدود الشرقية لإسرائيل".
إضافة الى ذلك ستكون هناك ثلاث كتل استيطانية أصغر سيتم تجميع مستوطنين فيها من مستوطنات سيتم إخلاؤها بحسب المخطط.
وهذه الكتل الثلاث هي كرني شومرون- كدوميم قرب نابلس وعوفرا – بيت إيل الواقعة شمال رام الله والخليل – كريات أربع وتضم البؤر الاستيطانية في قلب مدينة الخليل والمستوطنات المحيطة بها.
ويسبق تنفيذ ذلك، بحسب ما أفادت به "هآرتس"، "إنشاء محيط دولي داعم لتنفيذ الأهداف القومية الإسرائيلية المتمثلة في ترسيم الحدود وضمان أغلبية يهودية" في إسرائيل.
وتفيد تقديرات بحسب تقارير صحفية إسرائيلية تم نشرها في الماضي بأن المساحة التي تنوي إسرائيل ضمها وفقا لخطة فك الارتباط الثانية تزيد عن نصف مساحة الضفة الغربية.
يذكر أن فكرة فك الارتباط الأولى عن قطاع غزة كان قد بادر إليها رئيس الوزراء الإسرائيلي اريئيل شارون لتجاوز اتفاق مع الفلسطينيين.
وبعد تنفيذ فك الارتباط الصيف الماضي سرّب مقربون من شارون تصريحات حول نية شارون تنفيذ فك ارتباط آخر في الضفة.
وتتذرّع القيادة الإسرائيلية بفوز حماس في الانتخابات الفلسطينية العامة التي جرت في 25 كانون الثاني الماضي لعدم إجراء مفاوضات مع السلطة الفلسطينية.
وقالت "هآرتس" في هذا الصدد إن أولمرت سيعمل على إقناع الإدارة الأميركية والدول المركزية في أوروبا بأنه "في حال لم تغير حماس مواقفها فإنه يتوجب تأييد خطوة إسرائيلية أحادية لترسيم الحدود في الضفة الغربية".
ويعتبر اولمرت أن إسرائيل نجحت في استقطاب دعم واسع في العالم للشروط التي وضعتها أمام حماس وتتلخص باعتراف الحركة بإسرائيل والاتفاقيات الموقعة معها ونبذ العنف.
ويرى اولمرت ان على إسرائيل الاستمرار في مطالبة حماس بتنفيذ هذه الشروط بعد الانتخابات الإسرائيلية أيضا "وعندها تبدأ الحكومة الإسرائيلية الجديدة بدفع المبادرة الأحادية الجانب".
وفيما يطالبه مستشاروه بمواصلة التمسك بخطة خريطة الطريق كونها مقبولة على كافة الأطراف الدولية إلا ان اولمرت يرى أنه "سيجعل من نفسه أضحوكة إذا ما استمر في الحديث عن خريطة الطريق وكأن الظروف السياسية لم تتغير في أعقاب الانتخابات الفلسطينية".
وكتب المراسل السياسي لصحيفة هآرتس آلوف بن المقرب من المسئولين في وزارة الخارجية الإسرائيلية ان "الولايات المتحدة تعيد التفكير في سياستها بالشرق الأوسط في أعقاب الفشل اللاحق بها جراء نتائج الانتخابات الفلسطينية" وصعود حماس.
وأضاف الكاتب ان "تأييدا أميركيا لخطوة إسرائيلية أحادية الجانب سيبدو تصحيحا للخطأ بخصوص الانتخابات الفلسطينية".
وترى إسرائيل، وفقًا للمراسل نفسه، أن الإدارة الأميركية ومعها عباس اخطآ عندما أصرا على إجراء الانتخابات الفلسطينية العامة في موعدها على الرغم من ان إسرائيل أيضا فوجئت بفوز حماس.
ونقلت "هآرتس" عن مصادر سياسية إسرائيلية رفيعة قولها ان إسرائيل ستطالب الولايات المتحدة بأن تعترف بحدود إسرائيل الجديدة التي يبدو أنها ستكون مسار الجدار العازل في الضفة مقابل تنفيذ فك الارتباط الثاني.
وقدّرت هذه المصادر بأن الإدارة الأميركية سترفض منح إسرائيل تعهدات تتعلق بالقدس الشرقية كونها إحدى أكثر القضايا الصراع حساسية.
وأضافت أن "إسرائيل ستواجه صعوبة أيضا في إجراء تعديلات ديمغرافية في القدس الشرقية بهدف إخراج 200 ألف فلسطيني من نفوذها. فإن تعديلا كهذا يمكن تنفيذه في إطار اتفاق لكن يصعب تنفيذه من خلال خطوة أحادية الجانب لا يوجد فيها طرف ثان مستعد لاستيعاب هذه الزيادة السكانية".
وبحسب آلوف بن فإن جهاز الأمن الإسرائيلي يؤيد تنفيذ خطوة أحادية الجانب تشمل استكمال فك الارتباط الإسرائيلي في القطاع وتنفيذ انسحاب آخر في الضفة بحجم تقره الحكومة الإسرائيلية.
وأفاد في هذا الخصوص بأن شعبة التخطيط في الجيش الإسرائيلي أجرت دراسة مؤخرا جاء فيها أن الحفاظ على الوضع القائم هو أمر غير مرغوب فيه وسيلقى معارضة دولية وأنه من الجهة الأخرى هناك احتمال ضئيل بالتوصل الى اتفاق مع الفلسطينيين.
وخلصت هذه الدراسة إلى أن خطوة أحادية الجانب ستخدم المصلحة الإسرائيلية بأفضل صورة وأن فوز حماس يسمح بتنفيذ ذلك.
الجدير بالذكر أن توصيات جهاز الأمن تختلف عن خطط قادة كديما التي تحدث عنها ديختر كونها صادرة عن جهة مهنية أمنية ويفترض ألا تتعامل مع الأراضي الفلسطينية وفقا لاعتبارات انتخابية.
انتقادات في كديما
من جانبه انتقد المرشح الثاني في قائمة حزب كديما شمعون بيريس كلا من اولمرت وديختر على تصريحاتهما بهذا الخصوص.
ودعا بيريس في مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية العامة إلى عدم الإسراع بالحديث عن خطوات أحادية الجانب فيما الوضع في الجانب الفلسطيني ما زال غير واضح.
وقال بيريس انه "إذا أراد الفلسطينيون السلام فسوف ندخل في مفاوضات معهم على أساس خريطة الطريق وإذا توجهوا الى طريق الإرهاب فسنوجه ضربات لهم بكل قوة".
وقالت الإذاعة ان عددا آخر من قادة كديما انتقدوا أيضا اولمرت وديختر بسبب أقوالهما بخصوص خطة خريطة الطريق التي يعتبر الالتزام بها أحد البنود المركزية في برنامج الحزب الانتخابي.
المصطلحات المستخدمة:
اريئيل, كريات أربع, اللد, المطلة, يديعوت أحرونوت, هآرتس, الكتلة, كديما, آفي ديختر