المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • تحليل أخباري
  • 1150

التحدي الأكبر الذي ستواجهه الأحزاب الدينية سيكون بعيد الانتخابات المقبلة، وبالتحديد عند تشكيل الحكومة المقبلة، حيث سيكون السؤال المركزي، والذي من شأنه تحديد مصير هذه الأحزاب، هو ماهية المناصب الوزارية التي قد تحصل عليها في الحكومة المقبلة.

 


كتب: وديع أبونصار

ينشغل معظم مراقبي تطورات الحملة الانتخابية الراهنة للكنيست السادس عشر بالأساس بمتابعة ما يجري في الحزبين الكبيرين (الليكود والعمل) خاصة، وما يجري في الأحزاب العلمانية عامة، في حين يكاد الكثير من هؤلاء لا يتطرق في تحاليله وحديثه الى الأحزاب العربية من جهة والأحزاب الدينية اليهودية من جهة أخرى، وقد يعود ذلك بسبب عدم الإلمام الكافي في هذه الأحزاب.

لكن، ونظرا لانشغال العديد من الكتاب العرب في تحليل ومتابعة ما يجري في الأحزاب العربية من تطورات، فإنني سأخصص مقالي هذا لمتابعة وتحليل أوضاع الأحزاب الدينية العاملة وتلك التي تحاول أن تعمل في الساحة السياسية الإسرائيلية، بحيث أقصد بالأساس أربع قوائم أساسية وهي: حزب شاس، حزب يهدوت هتوراه، حزب المفدال وقائمة "اهفات يسرائيل" (محبة إسرائيل).

غير أن القائمة الأخيرة، كما يبدو، لن تجتاز نسبة الحسم، بالرغم من تبنيها من قبل الحاخام يتسحاق كدوري، الذي يبلغ قرابة المائة عام في السن والذي يعد أبرز ملم في "القَبالاه" (تفسير الغيب حسب التعاليم اليهودية) في إسرائيل. ويعود الاعتقاد بصدد عدم تمكن هذه القائمة من اجتياز نسبة الحسم بالأساس إلى تراجع الزعيم الأسبق لحزب شاس، أريه درعي، عن دعمه لها ومعاودة توجيه دعمه لحزب شاس، بالأساس من خلال نشر رسالة علنية تطالب أنصاره عدم دعم بدائل، بل معاودة التصويت للحزب الذي يخضع لقيادة الحاخام عوفاديا يوسيف.

ويعود تراجع درعي هذا بسبب خشيته أن يتهم من قبل أنصار الزعيم الحالي لحزب شاس، إيلي يشاي، بعيد الانتخابات بأنه هو سبب تراجع عدد المقاعد التي سيحصل عليها الحزب في الأسبوع المقبل، وهو ما تتوقعه جميع استطلاعات الرأي، التي تشير بأن الحزب الذي يملك 17 مقعدا في الكنيست الحالي، سيخسر ما لا يقل عن خمسة مقاعد في الكنيست المقبل. كما أن درعي يخطط لطرح نفسه في المستقبل غير البعيد كزعيم روحي لجميع اليهود، من شرقيين وغربيين، وبالتالي فإنه ينتهج حاليا سياسة المهادنة وتجنب الدخول في مواجهات قد تؤثر سلبا على تحقيق حلمه هذا.

ما من شك في أن التحدي المشترك للأحزاب والقوائم الدينية يتمثل في حزب شينوي العلماني الذي يطرح نفسه كخصم شرس لها. وبالتالي، فإن حصول هذا الحزب على عدد كبير من المقاعد في الانتخابات التي ستجري في الأسبوع المقبل سيكون بمثابة تصويت معاد لما تمثله هذه القوائم والأحزاب من قيم دينية ومن طرق في العمل السياسي الإسرائيلي. لذلك، فإن جميع هذه الأحزاب تستهدف بصورة مباشرة حزب شينوي في دعايتها الانتخابية، مناشدة اليهود المتدينين، وحتى اليهود "الذين تهمهم يهودية الدولة" عدم التصويت لهذا الحزب.

تحد مشترك آخر يكمن في مواجهة أحزاب اليمين التي من المتوقع أن تستقطب جزءا لا بأس به من المتدينين اليهود، بحيث تشن الأحزاب الدينية حملة شعواء على أحزاب اليمين التي تغلب عليها الصبغة العلمانية مثل الليكود و إسرائيل بيتنا الذي يتزعمه أفيغدور ليبرمان المعروف بمواقفه اليمينية المتشددة، وحزب حيروت الذي يتزعمه عضو الكنيست اليميني المتطرف ميخائيل كلاينر. فالليكود يُتهم على أنه لا يتضمن أي مرشح متدين في مواقعه المرشحة لدخول الكنيست المقبل، وإسرائيل بيتنا متهم بمحاباة القادمين الجدد من دول الاتحاد السوفياتي الاسبق، الذين يتهمهم اليهود المتدينون بأن قسما كبيرا منهم ليسوا يهودا حقيقيين، بل علمانيين بعيدين عن تطبيق تعاليم اليهودية او مسيحيين ادعوا اليهودية لكي يستطيعوا الهروب من بلادهم واللجوء إلى إسرائيل. أما حزب حيروت فمتهم بأنه يبالغ بالتطرف يمينا، إلا أن هذا الحزب هو أكثر أحزاب اليمين تشكيلا لخطر مباشر على الأحزاب الدينية اليهودية وبالذات على حزب يهدوت هتوراه الأشكنازي.

ويعود تهديد حزب حيروت لحزب يهدوت هتوراه بالأساس إلى المرشح الثاني في قائمة حيروت، ألا وهو اليميني المتشدد باروخ مارزيل، الزعيم الأسبق لحركة كاخ ووريث الحاخام مئير كاهانا في زعامة هذه الحركة. فمارزيل، ذو الأصل الأشكنازي من جهة والذي يدعي التدين من جهة أخرى، دأب خلال الأشهر الأخيرة على زيارة كبار الحاخامات الأشكناز وتطمينهم بأنه وزملاؤه في حيروت سينفذون جميع ما يأمرون به الحاخامات في القضايا ذات الأبعاد الدينية. إن مثل هذا الوعد من مارزيل من جهة وخلفية مارزيل المعادية للعرب من جهة أخرى جعلاه يحظى بترحيب واسع من قبل الكثير من اليهود المتدينين الأشكناز، الذين يعدون المصوتين المحتملين لحزب يهدوت هتوراه.

غير أن التحدي الأكبر الذي ستواجهه هذه الأحزاب سيكون بعيد الانتخابات المقبلة، وبالتحديد عند تشكيل الحكومة المقبلة، حيث سيكون السؤال المركزي، والذي من شأنه تحديد مصير هذه الأحزاب، هو ماهية المناصب الوزارية التي قد تحصل عليها في الحكومة المقبلة. هذا الأمر سيتعتمد بالأساس على عدد المقاعد التي سيحصل عليها كل حزب من هذه الأحزاب من جهة وعلى طبيعة الحكومة التي سيتم تشكيلها من جهة أخرى. فكلما زاد عدد مقاعدها زاد احتمال حصول هذه الأحزاب على عدد أكبر من المقاعد الوزارية، وفي حال تم تشكيل حكومة مصغرة سيزيد وزنها السياسي أيضا، أما في حال تشكيل ما يسمى بحكومة الوحدة الوطنية فإن تأثير هذه الأحزاب سيتضاءل بصورة ملموسة.

 

المصطلحات المستخدمة:

كاخ, الليكود, شينوي, الكنيست, أفيغدور ليبرمان

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات