المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
أزمة مرورية في منطقة "المركز". (صحف)
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 27
  • هشام نفاع

أعلنت وزارة المواصلات الإسرائيلية قبل أيام عن انطلاق المرحلة الثانية من إصلاح "عدالة المواصلات". ووفقاً لبيانها فإن أكثر من 3 ملايين مواطن سينالون منذ الآن خصماً بنسبة 50 بالمائة في المواصلات العامة بسبب المعيار الجغرافي، وأكثر من مليون مواطن مسنّ سيسافرون مجاناً في جميع وسائل النقل في إسرائيل: الحافلات، القطار، القطار الخفيف، الحافلات المزدوجة والتلفريك. وتضيف الوزارة أن خطتها تحمل تخفيضاً بنسبة 50% لمليون ونصف مليون مواطن إضافي، في آلاف الأحياء والشوارع في البلاد، المصنّفة وفقاً للمستوى الاجتماعي- الاقتصادي الأدنى 1-5، الذي يحدده مكتب الإحصاء المركزي.

لكن صحيفة "ذي ماركر" الاقتصادية لاحظت أن 97% من الحريديم يقيمون في مناطق تؤهلهم للحصول على خصم كبير بنسبة 50% عند شراء اشتراك شهري للمواصلات العامة، وفقاً لخطة وزيرة المواصلات ميري ريغف هذه. بالمقابل، قفزت أسعار المواصلات بنسبة تصل إلى 33%، وهذه ليست الزيادة الأولى وربما أيضاً ليست الأخيرة في فترة ريغف. بالمجمل، خلال فترة ولاية الحكومة الحالية، ارتفعت أسعار المواصلات العامة بنسبة 45%.

مسؤول بلدي: التخفيضات انتقائية وتُموَّل على حساب الطبقة الوسطى

وكانت لجنة الاقتصاد في الكنيست عقدت "جلسة متابعة حول الزيادة المتوقعة في أسعار المواصلات العامة في إسرائيل"، ضمن سلسلة من الجلسات التي تتمحور حول مواجهة غلاء المعيشة. وجاءت هذه الجلسة بعد أن ناقشت اللجنة قبل نحو أسبوعين زيادة الأسعار التي دخلت حيز التنفيذ يوم الجمعة الأخير 25 نيسان. وانتقدت اللجنة آلية التحديث التلقائي التي من شأنها أن تؤدي إلى زيادة الأسعار لمرة أخرى خلال شهر تقريبا. لأن طريقة رفع الأسعار تلقائيا من خلال أمر قانوني خاص من دون وجوب مصادقة هذه اللجنة عليه لضمان التوازن في ميزانية الدولة "هو أمر مرفوض"، كما قالت "ونحن كقرار لا نقبل هذه الزيادة. فهناك زيادة في شهر حزيران القادم، وبالتالي فإن هذه الزيادة غير مناسبة وغير مقبولة من وجهة نظرنا ويجب إلغاؤها. إنها مثل ضريبة مقنعة على الجمهور".

ممثل بلدية بلدية القدس انضم لرأي اللجنة قائلا: "هناك شوارع في القدس تحصل على تخفيض وشوارع أخرى لا تحصل عليه. هذه التخفيضات تُموَّل على حساب الطبقة الوسطى. ولا يمكن رفع الأسعار من جهة ومنح تخفيضات لقطاعات معينة فقط". وأيده احد أعضاء اللجنة بالقول إن "الأمر لا يتعلق فقط بالإجراءات، بل يتعلق أيضاً بكيفية الحصول أو عدم الحصول على التخفيض". وهو تلميح متكرر بشأن منطلقات ومعايير تحديد أسعار المواصلات اعتماداً على مواقع جغرافية محددة.

ممثلة منظمة "شبكة العيش بكرامة" قالت إنها تسكن في مدينة أوفاكيم وتستخدم المواصلات العامة من أجل التنقل من مكان لآخر "المواصلات العامة هي بمثابة أرجلنا. الأمهات أحادية الوالدية، وكبار السن والشباب يستخدمون المواصلات العامة. فلماذا يقومون بزيادة أسعار المواصلات العامة ومن جهة أخرى ويقدمون تخفيضات لآخرين؟ لنترك الأسعار كما هي ولندع الأشخاص يستخدمون الباصات كالعادة.  أنا أحصل على تخفيض ولكنني لن أستفيد منه لأنه بعد زيادة الأسعار سيبقى الوضع كما كان سابقا".

وجاء في تلخيص اللجنة أنه حتى شهر حزيران القادم من المحتمل أن ترتفع أسعار المواصلات العامة بما نسبته %45- 50%، لا يمكن زيادة الأسعار على المستوى القطري وبالتالي خفض الأسعار لمن يحصلون على تخفيضات. وأضافت أنها قد توجهت إلى وزارة المواصلات بطلب إلغاء الزيادة الأخيرة لأسعار المواصلات العامة وكذلك زيادة أسعار المواصلات العامة المتوقعة في شهر حزيران القادم من خلال أمر قانوني ​خاص وأكدت: "هذا هو مطلبنا من الوزراء. سنعمل على المضي قدما بقانون لن يسمح لكم برفع الأسعار بواسطة أمر قانوني دون الحصول على مصادقة اللجنة من أجل ذلك".

"هذا إصلاح شعبوي بالأساس وربما أيضاً سياسي"

صحيفة "كلكاليست" الاقتصادية قارنت بين التصريحات والمعطيات على الأرض، وكتبت في تقرير لها: في إطلاق البرنامج العام الماضي، أعلنت وزيرة المواصلات، ميري ريغف، أن هدف الإصلاح هو "تقريب الأطراف من المركز، تقليص الفجوات الجغرافية والاجتماعية، خلق فرص عمل، خفض تكلفة المعيشة وتشجيع استخدام المواصلات العامة". ومع ذلك، فالتصريحات شيء والواقع شيء آخر – بعد بضعة أشهر فقط من دخول الإصلاح حيز التنفيذ، ارتفعت أسعار المواصلات العامة في البلاد بنسبة 5%- 10%، وفي 25 أيار الوشيك يُتوقع أن ترتفع مرة أخرى، هذه المرة بنسبة 33%. علاوة على ذلك، المرحلة الحالية من الإصلاح تتعلق فقط بأسعار الاشتراكات الشهرية، بينما الزيادة تنطبق أيضاً على التعريفات الفردية وكذلك على الاشتراكات.

الصحيفة اقتبست موقف "المنتدى لمكافحة الفقر"، الذي قدّم ورقة موقف إلى لجنة الاقتصاد ضد رفع الأسعار. وفيها أن الاستجابة للإصلاح من المتوقع أن تكون إشكالية: "رفع الأسعار من المتوقع أن يثقل بشكل كبير على الفئات التي تعتمد على المواصلات العامة كوسيلة مواصلات رئيسة وأحياناً وحيدة، ورغم وجود تخفيضات لفئات مستحقة، فكثيرون لا يحققون حقهم بالتخفيض بسبب نقص الوعي أو صعوبات بيروقراطية". وأوصت ورقة الموقف بالعمل على نقل المعلومات تلقائياً من مؤسسات مختلفة إلى وزارة المواصلات، خاصة من مؤسسة التأمين الوطني، لزيادة نسبة تحقيق التخفيضات.

وأوردت موقف جمعية "مواصلات بطريقتنا" التي أكدت أن "الإصلاح الذي انتظره الجميع لم يتناول المشاكل الحقيقية للمواصلات العامة في إسرائيل. بمجرد أن يركّز الإصلاح فقط على السعر، فإنه يضيع الجوهر، فالقضايا الجوهرية التي تتطلب حلولاً هي وتيرة توفر النقل العام، الموثوقية وجودة الخدمة. هذا ما يقلق المسافرين حقاً". وتابعت أنه "حتى اختيار التركيز على الأطراف الجغرافية والاجتماعية-الاقتصادية هو ليس بالضرورة الطريقة الصحيحة لإدارة سياسة رفاه، لكنها طريقة رائعة لجذب الناخبين"، في تلميح آخر إلى منطلقات من يقفون خلف الخطة قيد البحث.

وتقول الجمعية بكلمات أوضح: "إن الانشغال بالسعر غير ذي صلة في أيام ترتفع فيها أسعار المواصلات، لأنه مقارنة بالعالم الأسعار ما زالت لا تُعتبر مرتفعة، لذلك لا يمكن تجاهل الخشية من أن هذا إصلاح شعبوي بالأساس وربما أيضاً سياسي بعض الشيء. إنه يؤثر على المسافر بشكل فوري ومحدود، بدلاً من الاستثمار في مشاريع أكثر أهمية، تحل مشاكل نحملها منذ سنوات".

وتساءلت الصحيفة الاقتصادية: هل كان استخدام الميزانية التي تدعم خصومات إصلاح "عدالة اجتماعية" كافياً لتمويل مشاريع كبرى؟ من المرجح أن الجواب لا. ولكن بالذات في أيام يجب فيها فحص استخدام ميزانيات وزارة المواصلات بدقة أكبر، من المفاجئ أن الوزارة اختارت دعم إصلاح لا يشجع فعلياً استخدام المواصلات العامة ولا يقلل من الازدحام على الطرق، وغير متاح لأولئك الذين يحتاجونه أكثر من غيرهم.

انتقادات لخطة الإصلاح: "لا تركز على أي هدف مواصلاتي مهم"

صحيفة "معاريف" أيضاً تناولت الخطة بالنقد وكتبت أنها "تجلب معها بعض الأخبار الغريبة". وفسرت: أحد البنود المركزية في الإصلاح هو "الملف الجغرافي" (سكان مناطق العناقيد 1-5 في المؤشر الاجتماعي- الاقتصادي مؤهلين للحصول على خصم بنسبة 50% على سعر العقد الشهري الحر). ومع ذلك، لا يدور الحديث عن خصم شامل لكل البلدات بالضرورة. في بعض المدن، قد تكون أحياء بل وحتى شوارع داخل المدينة مؤهلة، بينما المناطق المجاورة لها - لا. أحد الأمثلة البارزة على هذا التمايز الغريب بين مناطق الاستحقاق، موجودة في القدس. فعلى سبيل المثال، المرحلة الثانية من الخطة، التي من المفترض حسب ريغف أن تعزز الشرائح الضعيفة، ستوفر خصماً من ضمن أمور أخرى لسكان شوارع مثل الكيرن كييمت ليسرائيل - الذي يتميز بسكان مقتدرين اقتصادياً وحريديم.

ممثل حركة "نهضة في القدس" في البلدية قال للصحيفة إنه "لا يمكن تجاهل أن هذه طريقة تميز بين القطاعات والأوساط". أحياء قوية مؤهلة، وفي الأفقر منها لا توجد خصومات. "لقد أنشأوا هنا شيئاً يخدم قطاعاً واحداً"، قال قاصداً الحريديم. وتقول الصحيفة عن ذلك: هنا يصبح الأمر أكثر غرابة. التمايز الغريب الذي يحدثه الإصلاح لأهداف قطاعية يتجلى خصوصاً في الشوارع التي تكون فيها بعض البيوت مؤهلة للحصول على تخفيضات وبعضها لا. وتورد أمثلة من شارع الحريزي في القدس حيث للبيت رقم 5 هناك استحقاق؛ ولكن في البيت رقم 4 في نفس الشارع - لا يوجد. وكذلك في تل أبيب يتكرر النمط الغريب في شارع موشيه ديان، حيث البيت رقم 15 مؤهل، والبيت رقم 14 - لا.

وتتابع: حتى لو وضعنا جانباً هذا الفصل الغريب، الذي لا يتطوع أحد في الوزارة لتقديم تفسيرات له، من المهم التذكير بأن هذا الإصلاح لا يركز على أي هدف مواصلاتي مهم. إحدى "البشائر" التي افتخرت بها ريغف بشكل خاص هي منح أهلية للسفر المجاني في وسائل النقل العام لمن هم في سن 67 فما فوق، بدون مقابل - وهي ميزة كانت ممنوحة حتى الآن لمن هم في سن 75 أو أكثر. هذه خطوة لطيفة، لكنها تخطئ الهدف. فإحدى الخطوات الحاسمة للحد من ازدحام الطرق هي تحسين وسائل النقل العام - وإقناع شريحة واسعة من السكان بتفضيلها على السيارة الخاصة.

وفي حين قدّرت الصحيفة أن هذه ميزة ستشجع المواطنين القدامى على استخدام وسائل النقل العام، "لكنها ستشجعهم فقط. كان من الأفضل لو أن وزارة المواصلات والوزيرة ريغف ركزا على إقناع الشريحة السكانية التي تستخدم السيارات بشكل يومي في طريقها للعمل، في توصيل الأطفال إلى الأطر وغيرها. كان من الأفضل أن تُمنح الامتيازات لأولئك الذين يستخدمون سياراتهم بكثرة في الروتين اليومي - وعادةً ما تكون هذه الشريحة أصغر سناً - بين 25- 50 سنة وما فوق. وهذه هي بالضبط قصة هذا الإصلاح باختصار: يوزع حيث لا يلزم، ويفشل تقريباً في كل خطوة نحو الهدف المتمثل بنقل الركاب إلى وسائل النقل العام، وتخفيف الازدحام في الطرق، والانتقال إلى حل بيئي أكثر خضرة".

ادعاءات عن تأخير مشروع الميترو بسبب مطالب مستوطنات

على مستوى آخر ولكن متصل بالتلميحات إلى المنطلقات السياسية من وراء قرارات تتعلق بالمواصلات، كتبت صحيفة "غلوبس" الاقتصادية أن وزيرة المواصلات تؤخر المصادقة على خطة الخط الشمالي للمترو وتطلب مناقشته في الحكومة، نظراً لمطلب رؤساء مجالس مستوطنات.

وتشرح الصحيفة انه في إطار مشروع المترو توجد خمس خطط للمصادقة على الخطوط، ثلاث منها تتعلق بالخط M1 الذي سيربط شمال المتروبولين بجنوبه. الجزء الجنوبي والأوسط تمت المصادقة عليهما بالفعل في الحكومة، لكن بشأن الجزء الشمالي الأقصى – من منطقة جليلوت إلى كفار سابا، رعنانا، رمات هشارون وهرتسليا – دار خلاف طويل حول موقع مستودع القطارات. اللجنة الخاصة بالبنى التحتية الوطنية حسمت الموضوع، ولكن بدلاً من المصادقة على الخطة استناداً إلى الاعتبارات التخطيطية لمؤسسات التخطيط، تطلب وزيرة المواصلات مناقشته في الحكومة.

وهي تطلب مناقشة الخطة "نظراً إلى الفرصة التخطيطية والمواصلاتية الكبيرة الكامنة في تمديد مسار الخط حتى مفرق إيال. القرار الحالي، الذي يضع مجمع التشغيل والصيانة في أراضٍ زراعية حساسة، يتجاهل بديلاً أفضل يحظى بدعم واسع". وفقاً لريغف، فإن تمديد الخط سينشئ "واجهة مواصلاتية بين نظام المترو وسكة الحديد الشرقية، لتحسين دراماتيكي في الربط بين شمال البلاد، السامرة والمركز"، بحسب مصطلحاتها، وأنه "يجب فحص القرار مع أخذ الاعتبارات للمزايا الوطنية والإقليمية لخيار مفرق إيال"، كما كتبت.

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات