المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
الوزيرة أوريت ستروك (من حزب "الصهيونية الدينية"). (صحف)
  • تقارير، وثائق، تغطيات خاصة
  • 27
  • وليد حباس

في نيسان 2025، اندلعت موجة احتجاجات نسوية في إسرائيل، إثر قرار نقابة المحامين تعيين رجلين فقط كممثلين لها في لجنة اختيار القضاة في المحاكم الشرعية الإسلامية، ما اعتبرته منظمات نسوية تراجعاً خطيراً عن مسار التمثيل العادل والمساواة الجندرية. وتضطلع هذه اللجنة بدور محوري في تعيين القضاة في المحاكم الشرعية، التي تتولى النظر في قضايا الأحوال الشخصية للفلسطينيين داخل "الخط الأخضر"، وعلى نحو خاص النساء، مثل النفقة، والحضانة، والطلاق.

تتكوّن لجنة تعيين القضاة الشرعيين من خمسة أعضاء وفق قانون العام 1961: وزير في الحكومة (عادة وزير الشؤون الدينية أو الوزير المسؤول عن شؤون الأقليات)، عضو كنيست، قاضٍ شرعي، وممثلَان عن نقابة المحامين (وعادة ما تُنتدب محاميات لتولي هذا الدور). غير أن القرار الأخير بتعيين رجلين كممثلي النقابة أثار موجة انتقادات، حيث أصبحت الوزيرة أوريت ستروك  (من حزب "الصهيونية الدينية") المرأة الوحيدة في اللجنة، بصفتها ممثلة عن الحكومة.

اعترضت 17 منظمة نسوية على هذا القرار، وأصدرت رسالة رسمية شجبت فيها تغييب النساء عن لجنة بهذا التأثير. ورأت المنظمات أن الإقصاء يمثّل مسّاً بمبادئ دستورية أساسية، كالمساواة والعدالة، ويتناقض مع القيم التي تزعم نقابة المحامين التزامها بها، مثل حقوق الإنسان والمساواة الليبرالية. ووصفت القرار بأنه ينتهك شرعية النقابة كمؤسسة يفترض بها أن تلتزم بأعلى معايير الحوكمة والتعددية.

ما يفاقم الإشكال أن الوزيرة أوريت ستروك، المرأة الوحيدة في اللجنة، ليست فقط غير مسلمة، بل معروفة بمواقفها العنصرية والمعادية للعرب. ووجودها كممثلة وحيدة للنساء في لجنة تمس بشكل مباشر حياة النساء المسلمات، يُعد تأكيداً على تهميشهن المتواصل.

أهمية التمثيل الجندري في سياق استعماري- قومي

التمثيل النسائي في هذه اللجنة هو ليس مجرد مطلب رمزي، بل ضرورة عملية لضمان أن تأخذ القرارات القضائية في الاعتبار خصوصيات النساء الفلسطينيات المسلمات. فاستبعادهن من لجنة تعيين القضاة يعني استبعاد تجاربهن ورؤيتهن من منظومة العدالة الشرعية.

وفي السياق الفلسطيني، حيث تتداخل البنية القضائية مع مشروع استيطاني إثنوقراطي، فإن تغييب النساء المسلمات لا يُعد فقط إخلالاً بالعدالة الجندرية، بل يمثل تهميشاً مزدوجاً: قومي وجندري. ويعكس هذا التهميش التناقضات البنيوية داخل ما يُسمى "الديمقراطية اليهودية"، التي تستثني الفلسطينيين من دوائر صنع القرار، حتى في ما يتعلق بمؤسسات قضائية تُعنى بشؤونهم الحياتية.

مبادرة تعديل القانون

وفق القانون القائم، أحد أعضاء اللجنة هو قاضٍ شرعي يتم انتدابه من المحكمة الشرعية العادية للمشاركة في اختيار قضاة محكمة الاستئناف الشرعية. هذا الترتيب يُنتِج وضعاً غير منطقي، إذ يشارك القاضي في تعيين من هو أعلى منه مرتبة.

وقد سعى النائب العربي أحمد الطيبي إلى معالجة بعض أوجه الخلل في تركيبة اللجنة، فقدم مشروع قانون في الكنيست لتعديل قانون العام 1961، بهدف إعادة تنظيم عضوية اللجنة بشكل أكثر عدالة. ومع ذلك، اقتصر تركيز الطيبي على تعديل يتعلق بعضوية القاضي، من دون التطرق إلى غياب التمثيل النسائي، الذي يستند فقط إلى تقليد غير مكتوب، لا يحظى بأي حماية قانونية، ما سمح لنقابة المحامين بتجاوزه لأول مرة منذ سنوات.

تكشف قضية استبعاد النساء من لجنة تعيين القضاة أزمة تمثيل أعمق في البنية القانونية والسياسية الإسرائيلية، لا سيما في ما يتعلق بحقوق الفلسطينيين والنساء. فهي ليست مجرد معركة على مقاعد في لجنة، بل هي أيضاً صراع على الاعتراف، والمساواة، والعدالة ضمن نظام يحمل طابعاً إثنوقراطياً، رغم غلافه الليبرالي.

المصطلحات المستخدمة:

الصهيونية, الخط الأخضر, الكنيست

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات