استعرت الأزمة السياسية في اسرائيل وتأجج الجدل بين مؤيدي اجراء استفتاء عام حول خطة الفصل الأحادي عن قطاع غزة والمعارضين، وبدا ان رئيس الحكومة الاسرائيلية اريئيل شارون يواجه صعوبات حقيقية في حل الأزمة أو في مواصلة السير في حقل ألغام كثيف. وذلك في الوقت الذي كررت فيه مصادر عديدة، في طليعتها زعيم "العمل"، شمعون بيريس، خشيتها من تعرض شارون للإغتيال على خلفية الأجواء السائدة.
وبعد يوم على فشل الاجتماع الذي عقده شارون مع قادة "مجلس المستوطنات في قطاع غزة والضفة الغربية" بسبب اتهامهم له بدفع اسرائيل نحو "حرب أهلية" والتلويح بتمرد في صفوف الجيش على أي أوامر تصدرها قيادته لإجلاء مستوطنين، واجه في 18/10 اصطفافاً قوياً داخل حزبه "الليكود" تمثل بمحاولة أكثر من نصف نواب الحزب في الكنيست فرض اجراء الاستفتاء الشعبي على خطة الفصل قبل الشروع في تنفيذها. واختتم في اليوم نفسه بتصويت الكنيست على ثلاث مذكرات جديدة بحجب الثقة عن حكومته.
وكرر شارون رفضه فكرة الاستفتاء كما فعل اثناء لقائه قادة المستوطنين، معرباً عن مخاوفه من ان يشكل استفتاء كهذا سابقة خطيرة تضطر الدولة العبرية في المستقبل الى الانسحاب الى حدود العام 1967 و"التنازل عن القدس لا قدّر الله". وقال في ختام لقائه الرئيس الاسرائيلي موشيه كتساف انه لا يحبذ اجراء انتخابات برلمانية مبكرة للتغلب على الأزمة السياسية الناشئة "لكن اذا لم يكن أمامي مناص آخر فسنجري انتخابات كهذه". واضاف انه ينبعي عمل كل شيء لتفادي انتخابات مبكرة و"الشعب في أوج خطة سياسية (الفصل) وفي ذروة معركة قاسية على الارهاب وعشية اقرار خطة اقتصادية معقدة وصعبة". وتابع ان الخطر الداهم حالياً هو حصول حرب أهلية، رافضاً توصيف لقائه قادة المستوطنين بـ"الفاشل"، مضيفاً انه يعتزم لقاءهم مرة اخرى.
وعاود شارون التأكيد على ان خطة الفصل ستُطرح للتصويت في الكنيست الاثنين المقبل طبقاً للجدول الزمني الذي أقرته الحكومة.
من جهتها أعلنت رئيسة كتلة حزب "العمل" البرلمانية، النائبة داليه ايتسيك، رفضها التقاء رئيس الحكومة لبحث احتمالات انضمام "العمل" الى توليفته، وقالت ان أوساطاً واسعة في "الليكود" تسعى الى عرقلة تطبيق خطة الفصل. وقال النائب شالوم سمحون (العمل) ان حزبه مستعد للتوصل الى اتفاق مع "الليكود" بتقديم موعد الانتخابات البرلمانية بعام واحد على ان تجري في تشرين الأول (اكتوبر) 2005 مقابل توفير "العمل" شبكة أمان برلمانية للحكومة تحول دون اسقاطها حتى موعد الانتخابات.
الى ذلك، أفادت صحيفة «هآرتس» انه وفقاً لاستقصاء أجرته في الكنيست فإن ثمة غالبية متينة تعارض اجراء استفتاء عام حول خطة الفصل الأحادي حتى لو أيد الخطوة ثلاثون نائباً من ليكود.
ومساء 18/10، قررت كتلة «الليكود» عدم التصويت على اقتراح «المتمردين» اجراء استفتاء شعبي، لكن قرارها اللافت تمثل بمقاطعة نواب الحزب والائتلاف الحكومي التصويت على مذكرات حجب الثقة بداعي ان طرحها اسبوعياً يشكل «تحقيراً» لهذا الاجراء البرلماني، ويفقدها اهميتها. لكن نواباً من أحزاب اليسار اعتبروا المقاطعة مناورة يريد منها شارون تفادي مزيد من الاحراج إزاء اصرار «المتمردين» على عدم التصويت ضد حجب الثقة. وقال النائب العمالي اوفير بينيس ان هروب «الليكود» من التصويت يؤذن ببداية نهاية حكمه. ولا يحمل نزع الثقة عن الحكومة اي مغزى قانوني، اذ يتطلب تجنيد غالبية مطلقة من 61 نائباً على الأقل لحجب الثقة عن رئيس الحكومة وارغامه على الاستقالة وهي غالبية ليست متوافرة.
وابلغ رئيس «مجلس الأمن القومي» الميجر جنرال غيورا ايلاند لجنة الخارجية والأمن البرلمانية ان اسرائيل ستبقي على احتلالها الشريط الحدودي بين رفح ومصر (محور فيلادلفي) بعد انسحاب جيشها المزمع أواخر العام المقبل، لكنها تدرس ايضاً امكان ان تتولى القوات الدولية في سيناء المسؤولية عن المحور في المستقبل. وزاد: «اننا لا نفضل البقاء هناك اذا اتاحت الظروف ذلك»، مضيفاً أن الأمر ليس متعلقاً بالتعاون مع مصر.
وتابع انه سيتم هدم منازل المستوطنين بعد اجلائهم، بينما لم يبت بعد مصير المؤسسات العامة في المستوطنات المرشحة للاخلاء ويخضع لمفاوضات مع جهات دولية (البنك الدولي).
من ناحية أخرى ذكرت صحيفة "معاريف" (19/10)، ان زعيم حزب العمل الاسرائيلي المعارض شيمون بيريس اكد انه يخشى ان يتعرض رئيس الوزراء الاسرائيلي اريئيل شارون للاغتيال في اطار الجدل الحاد الذي تشهده اسرائيل حول خطة الانسحاب من قطاع غزة. ونقلت الصحيفة عن بيريس في عنوانها الرئيسي قوله: اخشى على حياة شارون مشيرة الى تصريحات مماثلة ادلى بها وزير الخارجية سيلفان شالوم، الاثنين. وقال بيريس ان التحريض على العنف رهيب والوضع يشبه الايام التي سبقت اغتيال (رئيس الوزراء الاسبق) اسحق رابين في نوفمبر 1995 .
وتابع: اخشى ان يحاول احد ارتكاب اعتداء ضد رئيس الوزراء وآمل ان تكون اجهزة الامن قد فهمت الدرس (من اغتيال رابين) وتضمن تماما امن رئيس الوزراء . ويفترض ان يعرض شارون في 25 اكتوبر على الكنيست خطته للانسحاب من غزة على الرغم من المعارضة الشديدة التي تثيرها. وتحيي اسرائيل في 27 اكتوبر الذكرى السنوية التاسعة لاغتيال رابين حسب التقويم العبري، بيد يهودي يميني متطرف يعارض اتفاق اوسلو الذي وقع بين اسرائيل والفلسطينيين.
وحذر المسؤولون عن اجهزة الامن الاسرائيلية منذ الصيف الماضي من احتمال وقوع محاولات لاغتيال شارون من قبل متطرفين معارضين لخطته.
من جهة اخرى ذكرت مصادر اسرائيلية انه سيتم تعزيز التدابير الامنية في الكنيست حيث سيطرح اريئيل شارون الاسبوع المقبل للتصويت خطته للانسحاب من غزة التي تلقى معارضة داخل حزبه.
وذكرت مصادر في مكتب المتحدث باسم الكنيست انه سيتم تعزيز التدابير الامنية في هذا السياق. الحراسة ستعزز وسيتم الحد من الدخول الى المبنى. وقالت اذاعة الجيش الاسرائيلي ان هذه التدابير لا سابق لها. وقالت ان الهدف منها منع تنفيذ اعتداءات قد يتعرض لها نواب او وزراء.
وتبدأ مناقشة خطة شارون بعد ظهر الاثنين 25 اكتوبر وتستمر نهار الثلاثاء على ان تطرح للتصويت مساء اليوم نفسه. وقالت الاذاعة العسكرية انه سيتم منع الزوار من الدخول الى بعض اقسام كافتيريا الكنيست كما لن يسمح للنواب سوى بدعوة زائرين اثنين لكل منهم.
ويؤكد شارون تصميمه على تنفيذ الخطة في 2005 رغم المعارضة الشديدة داخل حزبه ومن اليمين المتطرف والمستوطنين في الاراضي المحتلة الذين توعدوا بافشال الخطة التي تنص على تفكيك 21 مستوطنة في قطاع غزة واربع مستوطنات معزولة شمال الضفة الغربية.
المصطلحات المستخدمة:
اريئيل, اوسلو, هآرتس, لجنة الخارجية والأمن, مجلس الأمن القومي, الليكود, حزب العمل الاسرائيلي, الكنيست, رئيس الحكومة