انتقد وزير الخارجية الإسرائيلي السابق وزعيم "العمل"، شمعون بيريس، استهتار الحكومة الإسرائيلية بهيئة الأمم المتحدة في أعقاب قرارها تبني الرأي الاستشاري الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في لاهاي في شأن عدم شرعية الجدار الفاصل ووجوب هدمه.
وقال في حديث إذاعي أمس الخميس إنه "لا يعقل أن تستخف إسرائيل بالعالم أجمع وتوبخ الجميع وتعلمهم دروساً في الأخلاق وحسن السلوك على رغم مرارة القرار وقسوته". وحذر من لهجة "الاستخفاف والاستعلاء" التي يتبعها أقطاب الحكومة. ودعا إلى وجوب اللجوء إلى نبرة مغايرة تأخذ في الاعتبار حقيقة أن العالم أخذ يقاطع البضائع الإسرائيلية، ويتخذ مواقف حازمة أدت في نهاية المطاف إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة "الذي خيّب امالنان وعلى وجه الخصوص الموقف الأوروبي".
وانتقدت استاذة العلوم السياسية في جامعة حيفا، البروفيسورة نيتسا نحمياس، السياسة الإسرائيلية الرسمية المتبعة منذ العام 1950 والقائمة على اعتبار الأمم المتحدة مجرد هيئة دولية لا وزن لها، وهي سياسة وضعها رئيس الوزراء الإسرائيلي الأول ديفيد بن غوريون الذي قال في حينه جملته الشهيرة "اوم شموم" وتعني مجازاً: "أمم متحدة مقفرة"، وأنه "لا يهم ما يقوله الأغيار، إنما المهم ما يفعله اليهود". وكتبت نحمياس في "معاريف" ان تكرار إسرائيل الادعاء، بل عدم الاعتراف بصلاحية الهيئة الدولية بالتدخل في خطوات تتخذها إسرائيل في حربها على "الإرهاب" مثل بناء الجدار والاغتيالات وهدم البيوت والترحيل، لا يفيد سياستها الخارجية، وأنه يجدر بها أن تحاول اثبات أن أعمالاً كهذه مشروعة وفقاً للمواثيق الدولية". وأضافت ان الفرضية الإسرائيلية القائلة بأن نتائج التصويت في الأمم المتحدة "معروفة سلفاً"، لا تبرر عدم فعل شيء والتنازل عن خوض معركة: "ان هذا التوجه ينطوي على الانهزامية والاستسلام وخسارة المعركة، من دون أن تُرغم خصمنا على الدخول إلى حلبة المعركة". ورأت أن امتناع إسرائيل عن إدارة معركة كهذه وغيابها عنها يؤدي إلى هزيمتها.
وتابعت نحمياس أنه يجب الانتباه إلى حقيقة أن قرارات الأمم المتحدة، حتى إن اجهضها فيتو أميركي، تؤثر في سياسة دول الاتحاد الأوروبي التي لا تمانع في فرض عقوبات اقتصادية وعسكرية تعرض وجود إسرائيل إلى الخطر. وختمت ان معركة الوجود "لا يمكن أن تدور في المستوى العسكري فقط، وبإمكان الحلبة الدولية أن تؤذينا، ويمكننا الدفاع في وجه الهجمات الدولية بأدوات ووسائل متاحة في هذه المعركة".
وتناول المعلق السياسي البارز في صحيفة "هآرتس"، الوف بن، النجاح الديبلوماسي الفلسطيني الباهر في اتخاذ الجمعية العامة قرارها بغالبية ساحقة في مقابل "الهزيمة الديبلوماسية المؤلمة لإسرائيل التي تمثلت في تحويل الرأي الاستشاري إلى قرار ملزم"، بحسب مصادر في وزارة الخارجية الإسرائيلية. وكتب "بن" أن نجاح الفلسطينيين في تجنيد أوروبا إلى جانبهم عمّق عزلة إسرائيل في المجتمع الدولي وباتت علاقاتها بأوروبا أكثر تعقيداً. وكتب انه بمقدور إسرائيل أن تسجن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في مقره في رام الله وتعزله، لكن الصورة في البيت الزجاجي في نيويورك معكوسة "هناك عرفات هو القوي وإسرائيل معزولة في الزاوية ومعها فئة قليلة من صديقاتها...". وزاد المعلق ان التصويت الأوروبي يشكل مصدراً للشرعية الدولية سواء للوزن العددي لأوروبا أو لمكانتها المميزة كدول متطورة.