على هامش الاستعدادات والتحركات الإسرائيلية التي تُمهد لتطبيق خطة الانفصال أو "فك الارتباط" المزمع تنفيذها في قطاع غزة ابتداء من شهر آب المقبل، طفا مؤخراً على سطح المشهد الإسرائيلي نوع من الجدل إن لم نقل الخلاف حول ما تسميه المحافل الإسرائيلية "المكانة القانونية لمناطق يهودا والسامرة وغزة".
كتب برهوم جرايسي:
كانت نتائج انتخابات حزب "العمل" الداخلية، التي جرت في الأسبوع الماضي، محصلة شبه حتمية "لصراع الديكة" الذي يشهده هذا الحزب في سنواته الأخيرة، من اجل الوصول الى كرسي رئاسة الحزب، هذا الصراع الذي كلف الحزب مكانته، كالحزب الأول في الخارطة السياسية في اسرائيل، وما زال يبعده عن سدة الحكم الاسرائيلي كحزب حاكم.
منذ تولى أريئيل شارون رئاسة الحكومة الإسرائيلية، عمد إلى صياغة تحركاته السياسية على أساس عرض سلم أولويات مقنع أولاً للجمهور الإسرائيلي وثانياً للإدارة الأميركية. وكان يوحي بأن تحقيق الهدف الأول يقود بالضرورة إلى الهدف التالي، وهكذا دواليك وصولاً إلى تحقيق الأمن والسلام الشاملين. وبين هذا التحرك أو ذاك كان يشير بين الحين والآخر إلى أنه لم يغيّر من مواقفه، وأنه كان دائماً وأبداً يدعو إلى تحقيق هذه الأهداف. وهكذا يشير إلى أنه كان بين أول من تحدث عن الدولة الفلسطينية ولكن في نطاق خريطته ل"المصالح القومية" التي ضمت لإسرائيل ليس فقط الكتل الاستيطانية والقدس، بل كذلك حزاماً أمنياً عريضاً شرقي الخط الأخضر وغور الأردن. ولم يخفِ آنذاك أن الدولة الفلسطينية العتيدة ستكون ليس فقط منزوعة السلاح، بل كذلك منزوعة الصلاحيات. ومع ذلك "رحب" ب"تصور بوش"حول الدولتين مؤكداً أنه سيعمل من أجل تحقيق هذا التصور.
بقلم: حلمي موسى
أبدى رئيس الحكومة الإسرائيلية أريئيل شارون درجة عالية من "المرونة" تجاه الفلسطينيين فور تدهور صحة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. وزاد في "سخائه" إثر إعلان وفاة الرئيس عرفات. وربما أنه أوحى للكثيرين بأن الوضع بات قيد السيطرة، وأن مصالح إسرائيل باتت في أمان. وقد أعرب عن ذلك علناً بحديثه عن "انعطاف" تاريخي مقبل. ولكن "المرونة" و"السخاء" وإبداء الأمل كان مجرد تظاهرة شارونية تخدم أهدافاً متعددة ولكنها لا تخدم الراغبين في التوصّل الى تسوية.
الصفحة 28 من 56