المشهد الإسرائيلي

ملحق أسبوعي يتضمن مقالات صحفية وتحليلات نقدية ومتابعات عن كثب لمستجدات المشهد الإسرائيلي.
  • تحليل أخباري
  • 1196

في الوقت الذي أقرّ فيه البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) الموازنة العامة للعام الجديد من دون عقبات طالما واجهت مثلها الحكومات السابقة بل هددت كيانها، وبينما تتمتع الحكومة الحالية بقاعدة برلمانية متينة (77 نائبا من مجموع 120) بعد انضمام حزب «إسرائيل بيتنا» إليها، فإن الأسابيع الثمانية المقبلة هي التي ستحدد مصير هذا الائتلاف وتحديدا مستقبل رئيس الحكومة ايهود اولمرت السياسي من دون استبعاد ان تحفل هذه الأسابيع بتطورات ستنعكس على عموم الأوضاع في الساحة الحزبية في إسرائيل.

 

                                                                                            

وتحول فضيحة الفساد والرشاوى في «مصلحة الضرائب»، التي تعتبر ثاني أعلى هيئة في إسرائيل لتطبيق القانون بعد المحكمة العليا، دون ان يهنأ اولمرت بانجاز إقرار الموازنة الذي يفترض ان يمنحه وحكومته عاماً كاملاً على الأقل من الهدوء والاستقرار. اذ تلقي هذه الفضيحة المجلجلة التي لا تزال تتصدر اهتمامات الإعلام الإسرائيلي بظل ثقيل على اولمرت وأدائه حيال حقيقة ان مديرة مكتبه ورفيقته في المناصب المختلفة التي شغلها منذ 32 عاما، شولا زاكن، هي «رأس الحربة» في هذه القضية.

 

وتتحدث أوساط إعلامية عن أجواء من الإحباط العميق تعم مكتب اولمرت وأن الأخير قلق من الأجواء العامة في إسرائيل التي تربطه بقضية الفساد الأخيرة رغم ان الشرطة لا تشتبه، الى الآن، بضلوعه فيها. وأشارت هذه الأوساط الى حقيقة أن اولمرت لم يعد يحظى بثقة الإسرائيليين الذين يشككون في كل خطوة يخطوها أو في أي تصريح سياسي يدلي به ويدرجونه في إطار ألاعيبه الإعلامية التي طالما اشتهر بها قبل ان يتسلم منصبه الحالي. وينسب الإسرائيليون الى اولمرت ضلوعه في أي قضية فساد يتم الكشف عنها ويعتبرون ان عهده «الأكثر فسادا» سبب إساءة بالغة لصورة إسرائيل وسمعتها على الصعيد الدولي، مثلما اشتكى سفراء إسرائيل في مختلف دول العالم الى وزارة الخارجية مقرّين بعجزهم عن تفسير ما يحصل.

وتزيد القضية الأخيرة، التي قد يُطلب من اولمرت تقديم إفادته الشخصية حولها بصفته من عين، حين كان وزيرا للمالية، رئيس مصلحة الضرائب الحالي جاكي ماتسا في منصبه، رئيس الحكومة غماً وهماً وهو المتورط أصلا في قضايا فساد وتحقيقات لا يعرف أحد كيف سيخرج منها، إن خرج منها أصلا.

أما اذا صحت التوقعات بأن الشرطة الإسرائيلية ستحقق مع وزير المالية، ابراهام هيرشزون، في قضية الفساد في مصلحة الضرائب وفي تورطه في اختفاء أكثر من مليون دولار حين كان على رأس جمعية خيرية، فإن ذلك سيشكل صفعة أخرى لاولمرت الذي يعتبر هيرشزون أحد أكثر الوزراء المقربين منه ونال منصبه الحالي بفضل هذه الصداقة، علما ان اولمرت كان تلقى صفعة عنيفة حين وجهت تهمة ارتكاب عمل شائن لـ «ساعده الأيمن» الوزير حاييم رامون الذي اضطر الى الاستقالة.

 

وينتظر الإسرائيليون قرار «مراقب الدولة» في التحقيق الذي أجراه حول التعيينات غير القانونية التي أقرها اولمرت في منصبه السابق وزيرا للصناعة والتجارة لناشطين حزبيين من دون ان تكون لهم الكفاءات المطلوبة. ومن المتوقع ان يبت المراقب في الأسابيع القليلة المقبلة في مسألة فتح تحقيق جنائي مع رئيس الحكومة من عدمه.

كما ينتظر الإسرائيليون قرار المستشار القضائي للحكومة مناحيم مزوز في مدى ضلوع اولمرت في قضية خصخصة أحد أكبر المصارف في إسرائيل ومحاولته استغلال موقعه وزيرا للمالية لمنح الامتياز لقريبين منه بسعر مخفض.

 

وفوق كل هذا يبقى عمل لجنة التحقيق الحكومية (لجنة فينوغراد) في إخفاقات الحرب على لبنان أكثر ما يقض مضاجع اولمرت والمقربين منه. إذ من المتوقع أن يستدعى رئيس الحكومة للمثول أمام اللجنة أواخر الشهر الجاري (كانون الثاني). ورغم ان توصيات اللجنة ليست ملزمة قانونيا، إلا ان مجرد تطرقها في تقريرها المرحلي بعد شهرين تطرقاً سلبياً الى أداء اولمرت وانتقاد طريقة اتخاذه القرارات خلال الحرب كفيل بإثارة الرأي العام في إسرائيل ضده ونشوء حركات احتجاج قوية لحمله على مغادرة منصبه، وهي ما ترجوه غالبية الإسرائيليين منذ أشهر.

 

وربما فسر ما تقدم قناعة غالبية مصوتي حزب «كديما» الحاكم، وفقا لاستطلاع أجري لمصلحة الإذاعة العامة ونشرت نتائجه أخيرًا، بأن الحكومة لن تكمل ولايتها القانونية وقد تتهاوى خلال العام الجاري. كما رأت الغالبية في وزيرة الخارجية تسيبي ليفني أكثر الشخصيات ملاءمة لمنصب زعيمة الحزب حتى لو تمت تبرئة اولمرت من كل الشبهات إذ جاء (اولمرت) في المرتبة الرابعة بعد شمعون بيريس وآفي ديختر، وبفارق كبير وراء ليفني.

المصطلحات المستخدمة:

مراقب الدولة, كديما, الكنيست, رئيس الحكومة

المشهد الإسرائيلي

أحدث المقالات